آخر الأخبار

صراع إماراتي سعودي في حضرموت يهددد بتمزيق أكبر لليمن (تقرير خاص)

المجلس الانتقالي حشد مؤخرا مناصريه في حضرموت رفضا لتواجد قوات درع الوطن

المجلس الانتقالي حشد مؤخرا مناصريه في حضرموت رفضا لتواجد قوات درع الوطن

المهرية نت - حضرموت - خاص
الإثنين, 05 فبراير, 2024 - 09:42 صباحاً

تتجه دولة الإمارات عبر أدواتها الانفصالية إلى تفجير الصراع في محافظة حضرموت، التي تعدّ العمق الأكبر لليمن لمساحتها الواسعة، حيث تشكّل ثُلث مساحة البلاد ، وتملك حدودا واسعة مع السعودية من جهة، وتطلّ على ساحل البحر العربي من جهة أخرى. 

 

بعد تشكيل الرياض قوات "درع الوطن" الموازية لقوات للمجلس الانتقالي المطالب بالانفصال والمدعوم من أبوظبي "النخبة الحضرمية"، التي تريد بها الإمارات التوسع شرقا، وهو ما لا تريده الرياض، وقد يؤدي بالنهاية إلى اندلاع حرب أخرى في المحافظة النفطية الأكبر في اليمن، على غرار ما جرى في شبوة وسقطرى.

 

ففي منتصف الشهر الماضي منعت قوات من النخبة دخول قوات من درع الوطن التي يقودها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، مدينة المكلا، واعتبر بيان لانتقالي حضرموت تلك الخطوة بأنها محاولة لتهميش النخبة الحضرمية.

 

وفي إطار تلك المساعي، حرضت الإمارات خلال الأيام القليلة الماضية المجلس الانتقالي لحشد أنصاره إلى حضرموت، حيث احتشد مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي السبت الماضي في مدينة المكلا، في مهرجان دعا له الانتقالي لما قال إنه مساندة لـ"قوات النخبة الحضرمية"، وذلك رداً على محاولات لإدخال قوات درع الوطن المدعومة سعودياً إلى ساحل المحافظة، التي يعتبرها الانتقالي منطقة نفوذ خاصة.

*تنافس إماراتي - سعودي

يرى الكثير من المراقبين إلى أن الصراع في محافظة حضرموت لا يهدف إلى كبح مشروع الانتقالي الانفصالي، وليس بين المكونات اليمنية بل بين الرياض وأبوظبي، وأيضا لا يصبّ في صالح اليمنيين، بقدر ما هو تمزيق وتفكيك لليمن الممزّق بالحرب.

 

فالتحركات الأخيرة في محافظة حضرموت تنمّ عن صراع سعودي إماراتي في المحافظات الجنوبية والشرقية تحديدا، حضرموت والمهرة، وما يجري هو رسائل سعودية إماراتية متبادلة، وصراع للسيطرة على حضرموت عبر الأدوات، بحسب الصحفي مصعب عفيف.

 

يضيف عفيف في حديثه لـ” المهرية نت ” أن "محافظة حضرموت تنزلق نحو اضطرابات سياسية وعسكرية وأمنية، وهذا هو الأخطر في التطورات الأخيرة، التي تشهدها حضرموت، وهذا ناتج عن تنافس إماراتي - سعودي خصوصا أن هناك قوة محلية تساعد على هذا التنافس (السعودي - الإماراتي)، لكنه -للأسف- تنافس سلبي ويهدف لتمزيق الممزق".

 

وأضاف: "الإمارات -كما نعرف جميعا- اقتصادها يبنى بدرجة أساسية على مدن الموانئ، والمناطق الحرة، فهي بكل تأكيد انتشرت على طول الساحل من المهرة قبل أن تزيحها السعودية من تلك المحافظة، مرورا بحضرموت وعدن وصولا إلى المخا في تعز، لذلك نرى تجاذبات سياسية وتحركات عسكرية في حضرموت الآن من قبل الحليفين في العلن والمتنافسين في الخفاء".

 

وتابع: "الوجود السعودي في حضرموت عبر الدفع بقوات "درع الوطن"، يأتي في إطار الرد على خطوات الإمارات للاقتراب من الجدار الحدودي من السعودية، وما يحمله من أطماع وتطلعات جيوسياسية على بحر العرب والمهرة وصولًا إلى عُمان التي لديها ملفات أمنية كثيرة حسّاسة مع الإمارات".

 

*حضرموت بين النخبة ودرع الوطن

 

من الواضح أن التشظي في حضرموت مستمر، والذي يعود إلى التراكمات السياسية والأمنية، التي تعود إلى سياسة السعودية والإمارات في اليمن، والتي تشكلت وفق رؤية مختلفة، لها علاقة بالمشروع الانفصالي، والمرتبطة بطموحات الإمارات في المحافظة، من خلال تشكيل النخبة الحضرمية، ومن جانب آخر السعودية التي دفعت بقوات درع الوطن مؤخرا لمواجهة الطموحات الإماراتية المتزايدة على حساب المملكة في الملف اليمني المعقد بين الحليفين المتناقضين.

 

والمشهد يظل عبثيا في حضرموت اليوم، لأن ما يظهر على أنه سلوك مستقل، سواء من الانتقالي، أو من الأطراف الأخرى في حضرموت، فهو في النهاية صراع ليس مستقلا، ولا يتكئ على القدرات المحلية اليمنية للأطراف المتصارعة.

 

"لو أراد السعوديون والإماراتيون الخير لليمن، لعملوا على تشكيل حكومة يمنية موحّدة وأزالوا الشقاق الموجود في حضرموت، وفككوا الميليشيات ونفّذوا اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، فكل الأطراف اليمنية هي تحت سيطرة الممولَين الإمارات والسعودية" يقول الباحث السياسي فخر السقطري. 

 

 

وأضاف للمهرية نت" لكل دولة أجندتها، وأيضا هناك غطاء دولي لهذه الدول سواء من بريطانيا وفرنسا وأمريكا، فمصالح هذه الدول مقدَّمة على مصلحة اليمنيين، وأيضا لا توجد قوى وطنية تمثل الإرادة الوطنية التي تدافع عن الأرض والثروة".

 

وتابع السقطري "ما هو يحصل اليوم في حضرموت، هو أن المسرحية تتكرر الآن، وهذه المسرحية نعتبرها بداية لإسقاط حضرموت وتسليمها، كما سلمت سقطرى، بنفس الاحتجاجات والرفض والقبول والعنتريات، من خلال صراع مفتعل، بين مجلس حضرموت الوطني، والمجلس الانتقالي الانفصالي وبين قوات درع الوطن والنخبة الحضرمية".

 

وأردف السقطري: "الصراع السعودي الإماراتي، كرر في سقطرى ثم أبين ثم شبوة، وكان لصالح الإمارات، ومن كان يرفض يتم ضربه بالطيران، لذا فإن هذه المسرحية هي بداية المسرحية لإسقاط حضرموت، بيد هذه القوة الانفصالية في عدن, الممولة من أبو ظبي, وتحت رعاية الرياض."

 

ومضى قائلا : "الانقسام لم يعد يدور اليوم، حول فكرة الاختلاف في وجهة النظر السياسية، أو التجاذبات حول المشاريع السياسية، فهذه المشاريع، وهذا الاختلاف، بات يتوزع على النفوذ العسكري نفسه".

 

وزاد: "مجلس حضرموت الوطني، يتكئ على قوات درع الوطن، فيما المجلس الانتقالي، والمشروع الانفصالي يتكئون على النخبة الحضرمية، لذلك يراد لحضرموت الصراع".

أين تقف السعودية في اللعبة؟

لم تكتف الإمارات بعدن وسقطرى وأبين وشبوة، حيث وجهت الانتقالي شرقا باتجاه حضرموت، وبعد وصول هدف الانتقالي والإمارات إلى التمدد في حضرموت، وعدم تنفيذ اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة الذي تمَّ برعاية سعودية، دُفعت الرياض إلى الوقوف في وجه مشروع الانتقالي واستقطاب المكونات الجنوبية في حضرموت، فهي تملك النفوذ الأكبر في حضرموت.

 

وكانت السعودية بعيدة عن الصراع في المحافظات الجنوبية، وقدّمت الكثير من التسهيلات للمجلس الانتقالي، الذي تمدد في محافظات شبوة وسقطرى ولحج والضالع وأبين بالقوة العسكرية وبدعم إماراتي، لكن في الفترة الماضية غيرت المملكة سياستها تجاه المجلس الانتقالي قليلاً، من خلال دعم تشكيل مكونات جنوبية جديدة مناوئة للمجلس الانفصالي لتكريس فكرة اليمن الاتحادي، وهو ما يراه الانتقالي والإمارات تهديداً مباشراً لمشروع استعادة دولة الجنوب، ومساعي أبوظبي للتوسع في المحافظات الشرقية في اليمن.

 

رغم ذلك، لا تعدّ السعودية العقبة الأكبر أمام الإمارات والانتقالي، لأنها تستطيع تجاوزها بنفس سيناريو سقطرى وشبوة، فالمجلس الوطني الحضرمي المشكّل حديثًا لم يتمكن بعد من إدارة حضرموت، ولا يمتلك القوة التي تمكّنه حاليًّا من الوقوف في وجه ميليشيات المجلس الانتقالي، لكن أبرز ما يخشاه الانتقالي هو المنطقة العسكرية الأولى التي تنتشر في حضرموت، وتتخذ من مدينة سيئون مقرا لها وفقا لما صرح به المحلل السياسي أحمد الشرفي.

 

ويضيف الشرفي للمهرية نت : "السعودية ليست العقبة أمام الإمارات في حضرموت ، وإنما المنطقة العسكرية الأولى هي الحجر العثرة أمام مشروع الانتقالي والإمارات وهي قوات حكومية تتشكّل من 7 تكوينات أساسية، لذلك نرى الآن الإمارات تعمل على افتعال صراع عبر قوات النخبة الحضرمية، تحل محل القوات الحكومية".

 

ويتابع: "تحاول الإمارات إقحام المنطقة العسكرية الأولى في الصراع مع قوات النخبة الحضرمية وبتسهيل مدروس من السعودية، التي تقوم بإشعال الفتيل بواسطة إدخال قوات" درع الوطن" في اللعبة، بهدف استهداف واستبدال المنطقة العسكرية الأولى، مثل ما حدث خلال السنوات الماضية في محافظة شبوة وجزيرة سقطرى، حيث استهدفت الإمارات معسكرات الحكومة الشرعية بالطيران واستبدلتها بقوات موالية لها، وبتواطؤ سعودي واضح".

 

وأردف: "الانتقالي ومن خلفه الإمارات حاولا إبعادها من حضرموت من خلال حملة تحريض شرسة خلال الأشهر الماضية، بذريعة أنها قوات شمالية، فضلًا عن تشويه صورتها من خلال اتهامها بالعمل مع تنظيم القاعدة ونشر الفوضى في حضرموت، لكن كل محاولاتهما باءت بالفشل".

 

وفي السياق ذاته، طالب عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، في كلمة وجهها للمتظاهرين في مدينة المكلا السبت الماضي، بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت، ودعا إلى تعميم تجربة النخبة الحضرمية وتوسيعها لتشمل مدن وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة التي قال إنها "تعيش فوضى عارمة"، في ظل سيطرة القوات الحكومية.

 

واعتبر الزبيدي تعميم تجربة النخبة إلى مناطق وادي وصحراء حضرموت "سيحمي مصالح الأشقاء والأصدقاء في هذه البقعة الحيوية من العالم"، في محاولة لتطمين السعودية التي ترى في حضرموت منطقة نفوذ استراتيجي لها، خسرتها مؤخرا لصالح الإمارات، وتحاول إعادة التوازن فيها من خلال قوات درع الوطن الخاضعة بشكل مباشر لرئيس مجلس القيادة الرئاسي.

 

قوات النخبة الحضرمية التي تموّلها الإمارات، وتنتشر في ساحل حضرموت، تشكّلت النخبة الحضرمية بدعم إماراتي وسعودي عام 2016، وتنتشر في المنطقة العسكرية الثانية على ساحل حضرموت، ورغم إعلان ولائها للحكومة الشرعية عند تشكيلها، لكنها اليوم باتت تحت قيادة المجلس الانتقالي والإمارات.

 

لذلك يخشى الانتقالي من إنشاء قوات جنوبية حضرمية أخرى منافسة للنخبة في صلاحياتها الأمنية تحت قيادة الحكومة الشرعية، فذلك بلا شكّ سيؤثر على أجندة الانتقالي الانفصالية ، وسيؤدي إلى إنهاء سيطرته على ساحل حضرموت. 

 

ولكن ما يحدث في حضرموت اليوم هو عبارة عن رسائل متبادلة بين السعودية والإمارات في سياق التنافس الحاصل بينهما، ومن خلال هذا التنافس حاول كل طرف إثبات وجوده في المحافظات الجنوبية، فالإمارات حاولت التمدد في محافظتَي حضرموت والمهرة، لكن السعودية تحاول إيقافها، ولكن لا يستفيد اليمنيون من هذا الصراع في حضرموت، والمستفيد هم المموّلون للصراع بين اليمنيين، لتنفيذ أجندتهم التمزيقية لليمن الكبير.


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية