آخر الأخبار

عادات أبناء شبوة في اصطياد الوعل وتزيين المنازل بقرونه (تقرير خاص)

لاتزال هذه العادات متوارثة في شبوة

لاتزال هذه العادات متوارثة في شبوة

المهرية نت - عوض صالح
السبت, 01 يونيو, 2024 - 05:08 مساءً

عُرفت محافظة شبوة منذ القدم باهتمام أهلها بفن العمارة الطينية، وبما اشتُهرت به من تراث عريق في تزيين القصور والمباني بوضع قرون الوعول في زوايا المنازل كنوع من التقاليد القديمة التي تعود بالذاكرة للزمن القديم أثناء رحلة صيد الحيوانات خصوصًا في مديرية الروضة التي يتواجد في منازلها الكثير من قرون الوعول بعضها يعود لعشرات السنين.

 

ونال الوعل نصيب الأسد عند أهالي شبوة في العصور القديمة سجّلتها النقوش والمنحوتات الجدارية التي عُثر عليها في بعض جبال المحافظة ووديانها، ولايزال بعضها موجودًا إلى اليوم وكذلك وجدت تماثيل منحوتة جسدت الوعل بصور بارعة وغاية في الجمال.

 

احترام الشبوانيين للوعل 

شبوة موطن قديم للوعل حيث تعد وديان وهضاب المحافظة أحد المواطن الأصلية لها في جنوب الجزيرة العربية  لذلك احترم الشبوانيون الوعل وجعلوه رمزًا للشموخ والكبرياء، وسنّوا له أعرافًا يتقيّد بها الصيادون حفاظًا على الوعول من الانقراض ومنها ما يزال يعمل به في قبيلة (بلعبيد) ومن تلك الاعراف ماتسمى (الشمّاية) وتعني عدم صيد أنثى الوعل، وكذلك الطليان (صغار الوعول)، وإذا كان قطيع مكون من إناث ومعهن وعل  ذكر واحد فقط يمنع صيده من أجل التزاوج والتكاثر، وإذا تم صيده ستبقى الإناث حتى تموت دون أن تنجب، ويسمح للصياد بقتل إحدى الإناث فقط، وكذلك يمنع الصيد الجائر للوعول وهذا أمر إتبعه القدماء في شبوة لعلمهم بأهمية الحفاظ على الحياة الفطرية والتعامل مع صيدها بحكمة بحيث لا تنقرض ويفقدون موردًا معيشيًا لهم وقت الحاجة.

 

وفي هذا الصدد يقول الباحث التاريخي علي البعسي خلال لقاء خاص أجرته معه المهرية إن هناك أدلة تثبت احترام الشبوانيين القدماء للوعل منها ماعثر عليه في نقوش المسند القديمة والرموز التاريخية وكذا في الموروث مثل الشعر الشعبي وغيرها ووضع قرون الوعل في المنازل هي من ضمن مظاهر الاحترام للوعول حيث يتم دفن رأس الوعل في واجهة المنزل وتبقى قرونه بارزة، وبعضهم يفضل حشّو جسم الوعل بشكل كامل ووضعه في مقدمة البيت.

 

ولتزيين المنازل برأس الوعل أو قرنه دلالة كبيرة عند أهالي شبوة، ودليل على شجاعة صاحب البيت وقوته كقوة الوعول المربعية أو الغصينية وهي صفات تطلق على الرجال الشجعان والأقوياء.

 

ويؤكد البعسي خلال حديثه أن تلك العادات لا يتخذها أعداء الحياة البرية كذريعة وترويج أن الاصطياد الجائر الحاصل اليوم في المحافظة أن الأجداد القدماء كانوا يقومون به بل القرون الموجودة اليوم في المنازل هي لذكر الوعل فقط، وليست للأنثى التي كان من المعيب وضع قرن (الخنبة) أنثى الوعل، ويستفاد من ذلك أن الأجداد كانت لديهم ثقافة ووعي للحفاظ على التكاثر على الرغم مما كانوا يعانون منه من قحط وجوع فقد ألزموا أنفسهم بعدم صيد الأنثى، وكذا عدم الاصطياد في مواسم التكاثر للحفاظ على هذا الحيوان.

 

الطقوس القديمة لصيد الوعول

مارس الشبوانيون القدماء طقوسًا خاصة أثناء صيد الوعول البرية، ولمعرفتهم المسبقة بنمط حياة تلك الحيوانات، وغالبًا مايكون الصيد في موسم لاتهطل فيه الأمطار لأن الوعول تخرج من أوكارها بحثًا عن الماء والمرعى، وغالبًا في فصل الشتاء حيث تندر الأمطار، وكذلك عندما تشعر بالبرد، ومن أجل أن تجد الدفء في الشمس مايجعلها تخرج وتظهر للصيادين، ويستغلون تلك الحالة التي تعيشها ويتمكنون من صيدها.

 

وينقسم الصيادون إلى أربع مجموعات منهم مايسمى أصحاب (الكمين) وهم أشهر الرماة وأكثرهم خبرة، ومهمتهم عمل المتارس (المخابئ) على الطرقات الوعرة وفي الجبال العاتية،  والمجموعة الثانية تسمى (الشبّاك)وموقعهم أعلى من أصحاب المتارس، ويتم صنع الشباك من صوف الأغنام بأحجام تصل إلى ثمانية عشر إلى عشرين ذراعًا وارتفاع ستة أذرع، وتصنع لها خطاطيف لتثبيتها في الجبل، وعند تخطي الوعول الشباك والإفلات منها يقوم الرماة بإطلاق النار عليها، والايقاع بها بكل سهولة، والمجموعة الثالثة يسمون الظاهر وهم الأشد حدة في البصر، والمجموعة الرابعة تسمى المناهيل (أماكن تجمع المياه).

 

وعند صيد الوعل من قبل أحد أفراد المجموعة يكافئ بإعطائه رأس الوعل، ويقوم بسلخ ذقن الوعل ووضعها على سلاحه الشخصي الذي اصطاد به الحيوان، ويعرف بها هذا الشخص بأنه صياد ماهر، ويستفاد من الرأس بأن يجعله في زاوية بيته.

 

ومن العادات القديمة في الصيد عند العودة إلى الديار يقوم الرجال بتوزيع اللحم على الأطفال بقطع تسمى (وذّرة) ومن ثم إقامة الاحتفالات المتمثلة في الزوامل والمساجلات الشعرية فيما بينهم، ويكون محورها المدح في القناصة.

 

ويقول مدير عام مكتب السياحة في مديرية الروضة محمد حيمد إن أهالي المديرية لايزالون محتفظين بالكثير من العادات القديمة التي تحمل الكثير من المعاني والدلائل، موضحًا أن مكتب السياحة قد نظّم حملات للتوعية بأهمية تقنين الصيد، وعدم العبث بالحياة البرية، واختيار أيام محددة من العام للسماح بعملية الصيد.

 

ودعا حيمد السلطة المحلية بالمحافظة إلى تقديم الدعم  اللازم للحملات الارشادية التي ينفذها المكتب، والتي من شأنها توعية المواطنين بأهمية الحفاظ على الحياة البرية.


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية