آخر الأخبار
التسرب النفطي والإهمال الحكومي يفتكان بسكان محافظة شبوة (تقرير خاص)
جزء من مدينة عتق عاصمة شبوة
الاربعاء, 08 مايو, 2024 - 10:56 صباحاً
منذُ سنوات ومحافظة شبوة جنوبي اليمن، تتعرض لتلوث نفطي مستمر، جراء تلف أنبوب إمداد النفط، ووصول كميات كبيرة من النفط المتسرب من الأنبوب الممتد من قطاع عياد (شمال عتق) حتى ميناء النشيمة بمديرية رضوم على خليج عدن إلى المزارع والآبار المائية المحيطة بها.
ويتكرر مشهد التسرب النفطي بشكل أو بآخر في أكثر من مديرية من محافظة شبوة النفطية التي كانت أول محافظة في دولة جنوب اليمن السابقة يكتشف فيها النفط عام 1987، وآخر تسرب للنفط الخام كان في منطقة "الأماطر" بمديرية الروضة، من الأنبوب الممتد إلى ميناء النشيمة على ساحل رضوم.
شاهد مراسل "المهرية نت" في منطقة "الأماطر" بمديرية الروضة (585 كيلومترا شرق العاصمة صنعاء) بمحافظة شبوة، كيف يقترب النفط الخام المتسرب إلى المياه العذبة، لتشكل عدداً من الحفر السوداء في المنطقة ذاتها التي تتجمع فيها بقايا كميات النفط المتسربة من الأنبوب بالقرب من منطقة آبار شرب مياه لسكان.
نداء استغاثة ومشكلة مستمرة
رفعت لجنة مشروع مياه الشرب بمنطقة "الأماطر" التابعة لمديرية الروضة، بمحافظة شبوة مذكرة عاجلة لشركة الاستثمارات النفطية، شكت فيها من تسرب النفط الخام من أنبوب النفط الممتد من العقلة إلى ميناء النشيمة.
وأوضحت المذكرة التي حصل موقع "المهرية نت" على نسخة منها، أن التسرب النفطي في المنطقة مستمر وفي تزايد ويقترب من آبار مشروع مياه، والمسافة لا تتجاوز ثلاثمائة متر من الآبار، ولم تقم أي جهة حكومية بعمل تدخلات عاجلة لوضع حد للكارثة.
يقول خالد سيف (24 عاما)، أحد السكان المحليين بمنطقة "الأماطر" لـ"المهرية نت": "النفط هذا الذي يتسرب إلى مياه الشرب للمواطن المنهك، كان المفترض أن يكون سببا لحياة كريمة للمواطن، بدل أن يكون سببا لتدمير حياتنا ومصدر رزقنا".
ويتابع: "أطلقنا العديد من نداءات الاستغاثة إلى السلطات المحلية، ورئاسة الهيئة العامة لحماية البيئة، ولكن لا مجيب، ونفكر الآن في الرحيل من المنطقة إذا لم يتم حل المشكلة، فلا نستطيع البقاء، وقد تلوث الماء والتربة بالنفط الخام، وتحول الماء إلى سائل أسود ذي رائحة كريهة حيث نعتمد نحن أبناء مدينة الروضة على مياه الآبار الجوفية، التي نحصل عليها على بعد أربعين مترا تحت الأرض، ونستخدمها في حياتنا اليومية".
تلوث يهدد الحياة
تسبب خط نقل النفط الخام -مملوك للشركة اليمنية للاستثمارات النفطية والمعدنية، يبلغ طوله 204 كيلومترات، وأُنشئ عام 1987- بتسربات نفطية داخل أراضي مواطنين، والأنبوب يمتد داخل محافظة شبوة من حقول غرب عياد بمديرية جردان إلى منطقة النشيمة بمديرية رضوم، وتم تفجير أجزاء منه خلال سنوات الحرب، ولم يخضع للصيانة الدورية اللازمة.
وتسبب التسرب من أنبوب نقل النفط في مناطق الروضة وعتق وحبان ورضوم والصعيد وجردان في محافظة شبوة، إلى اختلاط النفط الخام بالمياه الجارية، ما أدى إلى إحداث تلوث بمياه الشرب والري وتلوث الشبكات المائية الواصلة للبيوت.
يصف الأكاديمي اليمني في البيئة الكيميائية، مختار علي أن ما يحدث في محافظة شبوة بـ "الكارثة"، مشيرا إلى أن تركز المواد الكيميائية بفعل التسرب النفطي في التربة ووجود عناصر مثل الرصاص والنيكل والزنك والكروم بنسبة عالية قد يتسبب -وبدرجة كبيرة- في الإضرار بالتربة وبنيتها، وينعكس ذلك على المياه الجوفية والحياة الزراعية بشكل كبير".
ويتابع في حديثه لموقع "المهرية نت": "يسبب التسرب النفطي بانخفاض في الأس الهيدروجيني للماء، مما يجعلها غير صالحة للشرب والزراعة، ويجعلها سببا في السرطانات وأمراض المسالك البولية والعصبية وغيرها من الأمراض، وحدوث التغير في خصائص المياه، يعني الخطر على كل الكائنات الحية".
وأردف:" يتعرض الأشخاص المعرضون للمخلفات النفطية بشكل مباشر أو عن طريق وجود المخلفات النفطية في التربة والمياه الجوفية والهواء، إلى الأمراض العضوية، مثل الفشل الكلوي وأمراض الدم والأمراض التنفسية إلى جانب الأورام السرطانية، بسب تركز المواد الكيميائية الخطرة بهذه المخلفات".
إهمال وتجاهل حكومي
السلطات المحلية والحكومة اليمنية لا تكترث لأرواح أبناء محافظة شبوة، بقدر اهتمامها بعملية ضخ النفط، والذي أدى الى انتشار الأمراض في نتيجة الإهمال لجوانب البيئة والسلامة من قبل الشركات النفطية، في ظل نقص الوعي لدى المواطنين.
ويقول مدير حماية البيئة السابق محمد مجور في لقاء سابق مع المهرية إن شركة الاستثمارات النفطية المشغل للأنبوب تنصلت عن مسؤوليتها في القيام بالصيانة الدورية للأنبوب الممتد من منطقة عياذ وصولاً إلى ميناء النشيمة لتصدير النفط على ساحل البحر العربي.
وأوضح أنه تمت مخاطبة عدد من الجهات المعنية المتمثلة بالسلطة المحلية والهيئة العامة لحماية البيئة إلا أنه لم يتم التجاوب من قبلهم، بالإضافة إلى عقد العديد من اللقاءات والاجتماعات مع مختصين في شركة الاستثمارات النفطية، والرفع بتقارير مفصلة عن التلوث، وتضرر المنطقة والمواطنين، إلا أن التجاهل والمماطلة سيدا الموقف.