آخر الأخبار
لماذا تفتقر الضربات الأمريكية البريطانية على اليمن إلى الحكمة الاستراتيجية؟ خبراء يجيبون
الاربعاء, 17 يناير, 2024 - 08:45 صباحاً
لم يعد البحر الأحمر، الذي كان في السابق ممرًا مائيًا صاخبًا يجذب عددًا كبيرًا من سفن الشحن من جميع أنحاء العالم، أصبح الآن في حالة اضطراب، وسط اتهامات للولايات المتحدة بالعمل على تصعيد التوترات في البحر الأحمر.
ومنذُ صدور قرار مجلس الأمن رقم 2722 الذي يدين هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، والذي صدر في 10 يناير/كانون الثاني، لم تهدر الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أي وقت من أجل استغلال القرار، وشنت أكثر من 60 غارة على مجموعة واسعة من المواقع في جميع أنحاء اليمن بدأتها منذُ ليل 11-12 يناير/كانون الثاني وحتى اليوم.
وتمت إدانة هذا الإجراء من عدة دول عربية وعالمية، تضمن سلسلة من الإدانات؛ ومن بينها بيان المندوب الصيني الذي قال فيها "آخر ما نحتاج إليه في هذه المرحلة هو المغامرات العسكرية المتهورة، وأول ما نحتاج إليه هو الهدوء وضبط النفس".
ويقول مراقبون إن التصعيد الأمريكي البريطاني في المنطقة يعرض أمن واستقرار المنطقة والعالم للخطر، مؤكدين أن واشنطن ولندن كان من المفترض ان تتجهان نحو انهاء حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
وقد صرح الحوثيون صراحة بأن أفعالهم هي لدعم فلسطين وسوف تتوقف بمجرد انتهاء الحرب والحصار المفروض على الإمدادات إلى غزة. وكانت هجماتهم موجهة حصراً نحو السفن ذات الارتباط الإسرائيلي، سواء كانت وجهة أو غيرها.
وقالوا أيضًا إن أي سفن تنص صراحةً على أنه ليس لها أي اتصالات إسرائيلية مرحب بها لاستخدام البحر الأحمر، وأشاروا إلى أن مثل هذا البيان هو "حل منخفض التكلفة ولن يترتب عليه أي نفقات مالية لأي عمل تجاري".
وهذا الإجراء لا يحتاج إلى عسكرة البحر الأحمر ولن يعرض الملاحة الدولية للخطر. ورغم انخفاض حركة المرور في البحر الأحمر، إلا أنها لا تزال كبيرة.
وبطبيعة الحال، بعد استهدافهم من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، قام الحوثيون الآن بتوسيع قائمة أهدافهم لتشمل القوات البحرية الأمريكية والبريطانية.
هجمات البحر الأحمر مرتبطة بحرب غزة
وفي وقت سابق اليوم صدرت بيانات جديدة من دول خليجية بينها قطر والسعودية، تؤكد أن حل التوترات في البحر الأحمر لا يمكن حلها إذا تم تجاهل إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأكد المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الانصاري، في مؤتمر صحفي بالدوحة، أن "تصاعد التوترات في البحر الأحمر فرعٌ من التوتر في غزة، ولا يمكن حلها إذا تجاهلنا إنهاء الحرب على القطاع".
وحذّر من أنه "إذا لم يتم إيقاف الحرب في غزة فإن التداعيات الإقليمية ستستمر، أما إذا انتهت الحرب فسينخفض التوتر في الإقليم بشكل كبير".
وكرر الأنصاري تأكيد موقف قطر الذي أعلنه رئيس الوزراء وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمة خلال جلسة حوارية بمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا، الثلاثاء، بأن "الخيارات العسكرية لن تأتي بأي حلول إيجابية بشأن التوتر في البحر الأحمر".
وأضاف متحدث الخارجية أن "التوتر في البحر الأحمر لن يحل بشكل عسكري أمني، بل بشكل سياسي من خلال إيقاف الحرب في غزة"، مبيّنا أن "كل تداعيات الحرب في المنطقة ستتراجع"، بما في ذلك بالبحر الأحمر.
من جانبه قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر مرتبطة بالحرب في غزة، ولفت إلى أن هناك حاجة لوقف فوري لإطلاق النار هناك.
وتابع على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أن أولوية المملكة هي إيجاد طريق لخفض التصعيد من خلال وقف لإطلاق النار في غزة.
فشل أمريكي بريطاني
يقول سونج تشونغ بينغ، الخبير العسكري الصيني، إن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر هي احتجاج على تصرفات إسرائيل في حرب غزة، والتي تسببت في معارضة واسعة النطاق من المجتمع الدولي.
ويشير الخبير الصيني إلى أن ضرباتها فشلت في منع الحوثيين من مهاجمة السفن، والآن يستهدف الحوثيون السفن الأمريكية، وأصاب صاروخ باليستي مضاد للسفن حوثي سفينة شحن تملكها وتديرها الولايات المتحدة يوم الاثنين.
ويقول: إذا كانت واشنطن ولندن تريدان حقاً إنهاء الأزمة في البحر الأحمر، فإن السبيل الوحيد للخروج هو إنهاء أزمة غزة، وسحب ما ينبغي سحبه، وإنهاء الدعم الخاطئ، وممارسة الضغط حيثما تكون هناك حاجة إليه.
وترى ناتالي توتشي وهي مديرة معهد الشؤون الدولية، وأستاذة غير متفرغة في معهد الجامعة الأوروبية، إن الطريقة الوحيدة للمساهمة في وضع حد لهجمات الحوثيين هي إزالة ذريعتهم المزعومة: الحرب في غزة. إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في غزة، فمن المرجح أن تتوقف هجمات الحوثيين أو على الأقل تتضاءل بشكل كبير.
من جانبه يرى الكاتب حمزة رفعت حسين أن الضربات تشير إلى افتقار الحكمة الاستراتيجية من جانب الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشأن التعامل مع الديناميكيات الأمنية في الشرق الأوسط. ويشيرون إلى كيف اتسعت الأزمة الوجودية في غزة باتجاه جنوب المنطقة، وفاقمت المستنقع الإنساني في اليمن.
ويضيف: ونتيجة لذلك فإن القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتجاهل العواقب المترتبة على توسيع نطاق الصراع في الشرق الأوسط هو قرار قصير النظر وقصير النظر. لقد تعرض الاقتصاد الإقليمي والعالمي وكذلك الوضع الأمني للخطر خاصة وأن الحوثيين تعهدوا بالرد.
وتابع: اختارت المؤسسة الأمنية الأمريكية تجاهل الحالات السابقة التي أصبحت فيها الميليشيات والكيانات السياسية مثل حزب الله في لبنان والمقاومة الإسلامية في العراق أكثر جرأة بعد وفاة السيد رضا موسوي في غارة جوية إسرائيلية في ديسمبر/كانون الأول 2023. وجاءت الهجمات الانتقامية على شكل طائرات بدون طيار تستهدف الأراضي الإسرائيلية.
ويفيد: ومع لجوء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الآن إلى شن غارات جوية ضد الحوثيين في اليمن، فإن الجهود الدبلوماسية الأميركية لتجنب مواجهة شاملة بين جماعات مثل حزب الله وإسرائيل قد تفشل بشكل بائس بشكل خاص، مع استمرار الأزمة في غزة بلا هوادة. وسيكون لذلك حتماً تأثير سلبي على الملاحة الدولية والتجارة وأسعار النفط والاستقرار الاقتصادي.
ويقول: كما تم إدانة قرار الولايات المتحدة بشن ضربات من قبل حلفائها التقليديين في الشرق الأوسط بما في ذلك تركيا والمملكة العربية السعودية وعمان، مما يدل على خطورة القضية المطروحة.
ومن ثم، فلا يمكن تأمين صيانة خطوط الشحن الدولية، وضمان السلام في الشرق الأوسط، وتجنب الحرب بالوكالة إلا من خلال خفض التصعيد وضبط النفس.