آخر الأخبار
كيف راحت تعز ضحية حاجة السعودية لتمديد الهدنة وما علاقة زيارة بايدن القادمة للمملكة بالأمر؟
وقفة احتجاجية سابقة في تعز تطالب بإنهاء الحصار عن المدينة
السبت, 04 يونيو, 2022 - 03:56 مساءً
توافق أطراف الحرب في اليمن أمس الأول الخميس على تمديد الهدنة السارية منذ شهرين برعاية الأمم المتحدة لشهرين إضافيين ، وسط آمال دولية وأممية بأن يمهد ذلك لإطلاق مفاوضات سياسية شاملة تفضي إلى إيقاف الحرب المستمرة في البلاد منذ 2014.
الخطوة لاقت الترحيب المتوقع على المستوى الدولي ، خصوصاً من جهة "واشنطن" التي تسعى منذ أكثر من عام عبر مبعوثها إلى اليمن " تيموثي ليندركينغ" باتجاه تسوية سياسية للصراع الدائر منذ أكثر من سبع سنوات ، والذي ساهمت هي نفسها فيه منذ تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس /آذار 2015 ، وذلك من خلال دعم لوجستي واستخباراتي للمملكة قبل أن يأخذ هذا الدعم في التراجع خلال السنوات الأخيرة.
مجلس الأمن الدولي أمس الجمعة رحب بدوره بتمديد الهدنة ، وأشاد ب "مرونة" الحكومة اليمنية ، مطالباً الحوثيين بمرونة مماثلة من خلال الإسراع إلى فتح الطرقات الرئيسية في محافظة تعز .
وكان إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن عن تمديد الهدنة قد سُبِق بحراك دبلوماسي ملحوظ عاشته العاصمة اليمنية المؤقتة " عدن" ، حيث تدفق سفراء الاتحاد الأوروبي وأميركا لإعانة الأمم المتحدة في إقناع القيادة اليمنية بتمديد الهدنة ، وسط سخط شعبي وإعلامي وحقوقي بسبب انقضاء الفترة الأولية للهدنة ونجاح الحوثيين في الإبقاء على كامل حصارهم لمدينة تعز رغم نصها على فتح طرقات رئيسية إلى المدينة.
خيبة محلية
على العكس من الاحتفاء الدولي بتجديد الهدنة ، هيمن محلياً شعور عام بالخيبة وسط المتابعين المناصرين للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ، حيث وجدوا أن التمديد رغم انتهاكات الحوثيين خلال الشهرين الأولين ، ورفضهم بشكل خاص فتح طرقات تعز التي يغلقونها منذ سبع سنوات ، كشف أن المجلس الرئاسي اليمني هو الحلقة الأضعف في هذا الاتفاق.
وكان تقرير حديث ل "مركز تعز الحقوقي" قد وثق 204 حالة انتهاك ارتكبها الحوثيون في محافظة تعز خلال فترة الهدنة ، موزعة بين القنص المباشر للمدنيين والقصف العشوائي للأحياء السكنية وانفجار الألغام والتهجير والاختطاف والحوادث في الطرقات البديلة الوعرة التي يلجأ إليها السكان مع استمرار إغلاق الطرقات الرئيسية.
المدير التنفيذي للمركز " أيمن الكمالي" قال أن استمرار الهدنة مطلب جماعي ، لكن ما عاشته تعز خلال الشهرين الماضيين لا يدل على وجود أي هدنة ، متسائلاً " كيف يمكن إقناع عائلات هؤلاء الضحايا وهي بالعشرات أن كل هذا العسف الذي وقع عليهم حدث في ظل رعاية الأمم المتحدة لهدنة في اليمن؟".
وأضاف " الكمالي" للمهرية نت " على المجلس الرئاسي إبداء مسؤولية أكبر تجاه المدنيين في تعز وفي كل مكان . مسؤولية تتعدى المناشدات التي أثبتت عقمها . الناس هنا يشعرون أكثر من أي وقت مضى أنهم غير محميين وأنه بلا تمثيل سياسي وإنساني لأوجاعهم المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات".
هيمنة الأجندة الخارجية
ورأى محللون أن ضعف الحكومة اليمنية وهيمنة الأجندة الخارجية على قرارها كان سبباً في عجزها عن اشتراط رفع الحصار عن تعز قبل أي تجديد للهدنة ، واكتفائها بمطالبة المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين من أجل ذلك ؛ وتطالب الحكومة أيضاً بتحويل واردات النفط عبر موانئ الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون ، بعد أن رُفعت القيود عنها بموجب الهدنة نفسها، لصالح دفع رواتب الموظفين العموميين .
" كان من السهل التقدير بأن المجلس الرئاسي اليمني سيوافق على تمديد الهدنة لأكثر من سبب ، والسبب الأبرز وهو أن السعودية ليست في وارد استئناف نشاطها العسكري في اليمن وتلقي الضربات الصاروخية لحلفاء إيران بعد شهرين من الهدوء ، ونفوذ الرياض على المجلس ليس خافياً على أحد . " صرح المحلل السياسي " عزيز الأحمدي للمهرية نت.
" القيادة اليمنية منذ بداية الحرب مشدودة للخارج أكثر من الداخل ، ولطالما كانت استجابتها للضغوطات الخارجية أقوى بكثير من تفاعلها مع مطالب الناس ومصالحهم في الداخل" تابع " الأحمدي . " الأمر أقرب إلى المعضلة في هذا السياق . يزداد ضعف الحكومة اليمنية بخضوعها للخارج ، ويزداد خضوعها للخارج بازدياد ضعفها . هذه الحلقة يجب أن تنكسر إذا أراد اليمنيون الحصول على قيادة فاعلة."
ضغط أميركي واستغلال حوثي
الرئيس الأميركي "جو بايدن" عبر عن تقديره للدور السعودي في الهدنة ، واصفاً ذلك بأنه " قيادة شجاعة" ، ومؤكداً على أن إنهاء الحرب في اليمن إحدى أولويات إدارته ، بينما كانت المتحدثة باسم البيت الأبيض "كارين جان بيير" أكثر تحديداً بالثناء على " الملك سلمان" وولي عهده على مساهمتهما في تمديد الهدنة، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة إضافية على أن علاقة " وشنطن" ب الرياض" آخذة في التحسن بعد فترة التأزم التي سادتها مع وصول " بايدن " للبيت الأبيض ، وإشارة على أن الملف اليمني حاضر بقوة في عملية الترميم الجارية لعلاقة البلدين .
"بايدن" الذي يتحضر لزيارة " الرياض" خلال الأسابيع القادمة يواجه ضغطاً مستمراً من داخل الكونغرس من أجل إنهاء كافة أشكال المساعدة العسكرية التي تقدمها " واشنطن" للسعودية في حرب اليمن ، ومن المتوقع أن تسهم زيارته في دفع المملكة أكثر نحو الجنوح لتسوية سياسية في اليمن بناءاً على الهدنة الحالية.
" الضغط الأميركي تجاه السعودية بخصوص حرب اليمن يعود في النهاية على الحكومة اليمنية ، ويقيد خيارها في التحرك العسكري ودفع الحوثيين لإبداء قدر من الاحترام للهدنة التي يشعرون حالياً أن الحكومة والسعودية هي من يحتاجها وليس هم ،" استطرد " الأحمدي" . " إصرار الحوثيين على مواصلة إغلاق طرقات تعز الرئيسية هو ثمرة هذا الشعور." .