آخر الأخبار
عُمان في عهد ترامب.. جسر دبلوماسي وفاعل رئيسي في استقرار الشرق الأوسط (تقرير أمريكي)

سلطان عمان هيثم بن طارق
الخميس, 10 أبريل, 2025 - 11:53 مساءً
نشر معهد سياسة أوريون وهو مركز أبحاث أمريكي مقالا للكاتب جورجيو كافييرو المتخصص في الاتجاهات الجيوسياسية والأمنية في الشرق الأوسط، أبرز خلاله، الدور البارز لسلطنة عُمان كجسر للسلام، بالشرق الأوسط.
بدأ الكاتب مقاله، بالحديث حول الدور الريادي لسلطنة عُمان كلاعب دبلوماسي فريد يعتمد على "الحياد الإيجابي" لتعزيز الاستقرار الإقليمي، في ظل التحديات التي تمر بها المنطقة، لا سيما مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يُطرح سؤال رئيسي: كيف يمكن للدبلوماسية العُمانية أن تدعم سياساته في المنطقة، خاصة فيما يتعلق باليمن وإيران.
وتعزو سلطنة عمان، واحة السلام والاستقرار في الشرق الأوسط المضطرب، نجاح سياستها الخارجية إلى حد كبير إلى حيادها. للدبلوماسية العمانية القدرة على مساعدة الرئيس دونالد ترامب في تحقيق تعهده الذي قطعه خلال حملته الانتخابية لعام 2024 بأن يصبح صانع سلام في الشرق الأوسط.
يؤكد العمانيون أن حيادهم لا يعني عدم الاكتراث بالنزاعات الإقليمية. بل على العكس من ذلك، تروج عمان لشكل من أشكال "الحياد الإيجابي" أو "الحياد البناء"، حيث تتجنب السلطنة عمومًا الانحياز إلى أي طرف في الصراعات، ثم تلعب دورًا نشطًا في الحوار والوساطة الإقليمية والدولية، وهو دور يشيد به رجال الدولة في جميع أنحاء العالم للسلطنة .
يتمتع العمانيون بتاريخ حافل في هذا النوع من الدبلوماسية، مما يجعلهم ذوي خبرة ومهارة استثنائيتين في هذه المجال، التي تتطلب صبراً وفهماً عميقاً للمنطقة.
لا تعتبر عُمان الحياد مجرد ابتعاد عن الصراعات، بل انخراطًا نشطًا في الوساطة والحوار. تاريخها حافل بنجاحات في هذا المجال، بدءًا من الحرب العراقية-الإيرانية، مرورًا بالأزمة اليمنية، وصولًا إلى الوساطة بين السعودية وإيران. اليوم، تُظهر مسقط مرة أخرى قدرتها على الجمع بين الأطراف المتناحرة، مثل الحوثيين والغرب، أو إيران والولايات المتحدة.
اليمن: بين الضربات الأمريكية والدبلوماسية العُمانية
يحذر المسؤولون في مسقط من امتداد عدم الاستقرار في اليمن، الذي يتشارك حدوداً بطول 187 ميلاً مع السلطنة، إلى عمان. إن مصلحة عمان الرئيسية في اليمن، قبل كل شيء، هي تعزيز الاستقرار، وهو ما يفسر إلى حد كبير التزام مسقط بمساعدة اليمنيين في إيجاد حلول دبلوماسية لصراعاتهم، والمساعدة في التحديات الإنسانية، والعمل مع السلطات اليمنية لمكافحة الجماعات المتطرفة العنيفة مثل تنظيم القاعدة والفروع المحلية لتنظيم الدولة الإسلامية .
يتمثل أحد المخاوف في عمان في أن نهج إدارة ترامب العسكري تجاه الحوثيين وأمن البحر الأحمر سيزيد من حدة الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية في اليمن، مع آثار ارتدادية مزعزعة للاستقرار في اليمن ودول أخرى.
وفي هذا السياق، أعربت مسقط عن قلقها بشأن التصعيد المستمر للعنف في اليمن، الذي بدأ في 15 مارس، مع قصف الولايات المتحدة لصنعاء وأجزاء أخرى من البلاد. وهناك وجهة نظر عامة بين العمانيين مفادها أن هذه الضربات استهدفت اليمن كدولة، وليس الحوثيين كجهة فاعلة غير حكومية.
وتشكل الأزمة اليمنية اختباراً حقيقياً للدبلوماسية العُمانية، خاصة مع تصاعد الضربات الأمريكية منذ مارس 2024. تُحذّر مسقط من أن هذه الضربات لا تستهدف الحوثيين فحسب، بل "اليمن كدولة"، مما يزيد من تعقيد المشهد ويهدد بانتشار الفوضى إلى جارتها التي تشاركها حدوداً بطول 300 كيلومتر.
وتصرّ عُمان على أن الحل المستدام لأمن البحر الأحمر يمر عبر، وقف إطلاق النار في غزة كشرط أساسي لتهدئة التوتر، ورفع الحصار الإنساني عن القطاع الفلسطيني لامتصاص غضب الفصائل الإقليمية، إيجاد حل تفاوضي في اليمن بدلاً من الحل العسكري.
شترك جميع دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء البحرين على الأرجح، في مخاوف عمان بشأن الضربات الأمريكية ضد الحوثيين التي تهدد بالإضرار بأمن الخليج، نظراً لخطر انتقام الحوثيين من القواعد العسكرية الأمريكية في دول مجلس التعاون الخليجي.
وبدلاً من النظر إلى علاقة عمان مع الحوثيين على أنها تهديد لأمنهم، ترى السعودية ودول الخليج الأخرى مشاركة مسقط الدبلوماسية مع الحوثيين على أنها بناءة من منظور تعزيز السلام والاستقرار في اليمن.
ولعى الرغم رغم معارضتها لهجمات الحوثيين على الملاحة الدولية، حافظت عُمان على علاقات فريدة مع المجموعة، حيث تستضيف ممثلهم في مسقط، هذا الجسر الدبلوماسي أثبت فاعليته سابقاً في: التفاوض على هدنة 2022 بين السعودية والحوثيين، وتأمين إطلاق سراح محتجزين غربيين، والتوسط في أزمات مثل حصار قطر 2017.
لكن التحدي الأكبر بحسب رأس الكاتب، يتمثل في إقناع إدارة ترامب بأن، القنوات الدبلوماسية مع الحوثيين (عبر عُمان) أكثر فاعلية من القصف، كما أن قطع التواصل مع الحوثيين سيدفعهم نحو إيران وروسيا، ويعزز النفوذ المعادي للغرب.
ويرى الكاتب أن ترامب أمام خيارين بشأن الأزمة اليمنية، إما الاستمرار في التصعيد العسكري، مع خطر إغراق المنطقة في حرب أوسع، أو الاستفادة من الوساطة العُمانية لتحقيق "صفقات" سياسية في اليمن وإيران، كمسار أكثر واقعية لتحقيق وعده بـ"صنع السلام".
بينما تتهم بعض الأطراف عُمان بـ"الانحياز"، تثبت الوقائع أنها لاعب لا غنى عنه لجميع الأطراف... فهل يدرك ترامب قيمة هذه الورقة قبل فوات الأوان.
إيران: عُمان جسر الثقة
بالتوازي مع أزمة اليمن، تظل عُمان القناة المفضلة للتواصل بين واشنطن وطهران، كما يتجلى في، المحادثات المزمعة (12 أبريل) بين وزير الخارجية الإيراني والمبعوث الأمريكي في مسقط، وتسليم رسائل سرية بين البلدين، حيث اختارت إيران عُمان كوسيط موثوق – بخلاف الإمارات التي تتوتر علاقاتها مع طهران بسبب النزاع على الجزر.
تعتمد هذه الثقة على عوامل رئيسية، أهمها "عدم وجود نزاعات حدودية أو سياسية بين عُمان وإيران، ورفض مسقط الانضمام إلى "اتفاقات أبراهام" مع إسرائيل، مما عزز ثقة طهران، إضافة إلى تاريخ طويل في الوساطة الناجحة، بما في ذلك الاتفاق النووي 2015.
كما تتمتع عُمان بعلاقات فريدة مع طهران، مما يجعلها وسيطًا مثاليًا في أي مفاوضات نووية محتملة بين إيران وترامب. لقاءات سرية بين مسؤولين من البلدين في مسقط، مثل المحادثات المزمعة في 12 أبريل، تؤكد هذا الدور.
في السياق الأوسع لسعي ترامب للتفاوض على اتفاق نووي جديد مع إيران، تلعب عمان دورًا حاسمًا في التواصل بين البيت الأبيض وطهران.
الجدير بالذكر أن إدارة ترامب أرسلت رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي عبر دولة الإمارات. لكن الرد الإيراني جاء عبر عمان، وهو أمر غير مفاجئ بالنظر إلى حقيقة أن عمان هي الدولة الأكثر ثقة في مجلس التعاون الخليجي في نظر طهران.
الخليج والعالم: لماذا تدعم عُمان؟
باتت دول الخليج – خاصة السعودية – تدرك قيمة الدور العُماني بعد أن كلفتها الحرب في اليمن خسائر بشرية ومادية فادحة. والأهم أن الرياض الآن تعتبر العلاقة العُمانية مع الحوثيين "أصلب من أن تُكسَر"، خاصة بعد أن ساهمت في وقف الهجمات الصاروخية على أراضيها.
وحسب مقال الكاتب، بينما توفر عمان مكانًا لإجراء محادثات مع الحوثيين والمسؤولين الإيرانيين، يمكن لـ "حيادها الإيجابي" أن يساعد ترامب في تحقيق تعهده الذي قطعه خلال حملته الانتخابية لعام 2024 بأن يصبح صانع سلام يمنع الولايات المتحدة من الانجرار إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من اتهامات عُمان بأنها جهة فاعلة غير محايدة، فإن السلطنة، على العكس من ذلك، لاعب إقليمي يتماشى مع الغرب في العديد من القضايا، ويتعاون بشكل وثيق مع واشنطن ولندن في قضايا مكافحة الإرهاب، ويلعب دورًا قيمًا كجسر دبلوماسي إلى صنعاء وطهران.
https://orionpolicy.org/omani-diplomacy-and-prospects-for-trumps-presidency/
