آخر الأخبار

المجلس الأطلسي: التصنيف الأمريكي للحوثيين يكشف إستراتيجية روسيا في اليمن (ترجمة خاصة)

المهرية نت - ترجمة خاصة
الإثنين, 17 مارس, 2025 - 09:19 مساءً

نشر المجلس الأطلسي، مقالًا للكاتبة فاطمة أبو الأسرار، المحللة في المركز الأمريكي للدراسات اليمنية، وعضو مجلس إدارة مبادرة مسار السلام، تحت عنوان: "تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين كمنظمة إرهابية يكشف إستراتيجية روسيا في اليمن".

 

وأشارت الكاتبة إلى موعد دخول القرار الأمريكي حيّز التنفيذ في 4 مارس، "وذلك بعد سنوات من الجهود الدبلوماسية العقيمة، حيث تعاملت المؤسسات الدولية مع الحوثيين كشركاء شرعيين على طاولة المفاوضات، لكنهم نجحوا في المناورة والتفوق في كل مرحلة".

 

وأضافت: "وخلال هذه الفترة، لم يقتصر الأمر على تعزيز الحوثيين لتحالفهم مع طهران فحسب، بل وسّعوا نطاق حربهم ليشمل البحر الأحمر وإسرائيل، مستمرين في تهديد السفن هناك. هذه الثقة الجيوسياسية والتوسع في ترسانتهم العسكرية لم يكونا ليحدثا دون دعم لاعب رئيسي غالبًا ما يتم التقليل من دوره وهي روسيا".

 

وتابعت الكاتبة: "كان محمد عبدالسلام، المتحدث الرسمي باسم الحوثيين، شخصية سعت إليها الدبلوماسية الغربية في السابق باعتباره مفاوضًا محتملاً لتحقيق السلام، لكنه كان من بين سبعة أفراد أدرجتهم الولايات المتحدة في قائمتها السوداء، إلى جانب ستة قادة حوثيين آخرين".

 

وتابعت: واصل عبدالسلام بهدوء رحلاته إلى موسكو، حيث يعمل بصفته متحدثًا رسميًا باسم الحوثي، مستفيدًا من دوره كوسيط في النزاع اليمني لتعزيز العلاقات مع الكرملين، في خطوة تعود بالفائدة على الطرفين.

 

وأشارت إلى أن "العقوبات الأمريكية تركّز بشكل خاص على الأفراد المتورطين في عمليات شراء وتهريب الأسلحة، مما يستهدف بشكل مباشر القدرات العسكرية للحوثيين التي تشكل تهديدًا إقليميًا. ويعد استهداف شخصيات حوثية ذات صلة بموسكو أوضح مؤشر حتى الآن على أن العلاقة بين الحوثيين وروسيا لم تعد مجرد مسألة مصلحة متبادلة، بل تحولت إلى تحالف عسكري مدروس".

 

وتعتبر الكاتبة أن جماعة الحوثي "تحوّلت فعليًا إلى أداة بيد القوى الخارجية، منتقلة من كونها وكيلًا لإيران إلى ورقة بيد الكرملين. فروسيا، المعزولة بسبب حربها في أوكرانيا، أدركت أن الحوثيين يمكن أن يشكلوا ورقة ضغط فعالة ضد الغرب. ولطالما أدركت كل من طهران وموسكو أن الجهات المسلحة غير الحكومية، عندما يتم تسليحها بالشكل المناسب، يمكنها التأثير في الصراعات الدولية بنفس فاعلية الجيوش النظامية".

 

وتشير الكاتبة في مقالها إلى أن "الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا رحّبت بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO)، وذلك بعد سنوات من الضغط على إدارة بايدن السابقة للتراجع عن قرارها في 2021 بإلغاء تصنيف الجماعة كإرهابية. وبالنسبة لكثير من اليمنيين، سواء داخل البلاد أو في المهجر..".

 

وأضافت الكاتبة: "عايشت المجتمعات اليمنية وحشية الحوثيين بشكل مباشر، من خلال تجنيد الأطفال القسري والاعتقالات التعسفية، وصولًا إلى الاختطاف الممنهج لعمال الإغاثة وتعذيب المعارضين السياسيين. لكنها تدرك أيضًا أن تعقيدات العلاقات بين الحوثيين من جهة، وطهران وروسيا من جهة أخرى، إلى جانب تهديدهم للملاحة في البحر الأحمر، تدفع اليمن نحو صراعات قد تزيد من معاناة شعبه وتترك تداعيات خطيرة على مستقبله".

 

وقالت: "طوال فترة الصراع في اليمن، ركز الخطاب العالمي في وسائل الإعلام الدولية بشكل كبير على التدخل العسكري السعودي والأزمة الإنسانية الناتجة عنه، مما أعاق النقاش الجاد حول الاستراتيجية الأمنية بعيدة المدى. في المقابل، قلّل العديد من المحللين من أهمية تعمّق علاقات الحوثيين مع إيران وروسيا، وأعطوا الجماعة استقلالية مبالغًا فيها، ما أدى إلى التقليل بشكل خطير من النفوذ المتزايد لطهران وموسكو. وبينما كان صناع القرار الغربيون منشغلين بقضايا أخرى، تطورت الجماعة الحوثية بهدوء إلى قوة إستراتيجية قادرة على تنفيذ عمليات ذات تداعيات عالمية خطيرة.

 

وأشارت إلى أن "وزارة الخزانة الأمريكية ذكرت أن التبادل العسكري بين الحوثيين وروسيا يشمل عمليات استيراد وتصدير للأسلحة. كما أكدت الاستخبارات الأمريكية أن وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية (GRU) تنشط حاليًا في صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، تحت غطاء المساعدات الإنسانية، حيث تقدم دعمًا تقنيًا يعزز القدرات العسكرية للجماعة".

 

ويقول المقال إن هناك "تقارير تشير إلى صلة تاجر الأسلحة الروسي الشهير، فيكتور بوت، بعمليات تهريب أسلحة يستفيد منها الحوثيون. وقد تطورت هذه العلاقة من مجرد تبادل انتهازي إلى تعاون عسكري مباشر، حيث يُعتقد أن الكرملين يساهم في توفير أنظمة تتبع البيانات لتحسين قدرات الحوثيين على استهداف السفن في البحر الأحمر".

 

وتابعت: "لطالما استفاد الحوثيون من اقتصاد الحرب في اليمن، حيث جنوا أرباحًا من أنشطة مثل تهريب الوقود والابتزاز. إلا أن معلومات استخباراتية حديثة كشفت عن مصدر تمويل أكثر خطورة. ووفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، فإن القيادي الحوثي و"اللواء" عبد الولي عبده حسن الجابري كان يدير شبكة لتهريب البشر، حيث جند مدنيين يمنيين للقتال لصالح روسيا في أوكرانيا".

 

ومضت أبو الأسرار بالقول: "تكشف هذه المعلومات عن بعد جديد في العلاقة بين الحوثيين وروسيا، يتجاوز الأسلحة ليشمل الموارد البشرية. وبحلول منتصف 2024، كان المتمردون الحوثيون قد أرسلوا آلاف اليمنيين إلى معسكرات التدريب العسكرية الروسية تحت ذرائع كاذبة".

 

وتابعت: "ظنّ العديد من المجندين أنهم وقعوا عقودًا للعمل في مجال البناء مقابل ألفي دولار شهريًا، في خدعة قاسية تحوّل الحوثيين من مجرد إرهابيين إلى شيء أكثر ازدراءً: تجار في بؤس البشر، يخدمون المصالح العسكرية الروسية بشكل مباشر".

 

وقالت الكاتبة إن الحوثيين يفضلون "الاحتفاء بالدبلوماسية التي تظهر في الصور على المطالبة بالتزامات قابلة للتحقق. لم تثمر محادثات ستوكهولم عن السلام، بل مجرد تهدئة تكتيكية تم تفسيرها بشكل خاطئ بشدة من قبل الوسطاء الغربيين الذين كانوا في حاجة ماسة لأي إشارة تقدم في اليمن".

 

 

أكدت وزارة الخزانة الأمريكية أن الحوثيين يستهدفون الشحنات الغربية بشكل متعمد، مع ضمان مرور آمن للسفن الروسية والصينية، وهو الترتيب الذي اعترفوا به علنًا. هذا النمط الانتقائي في الاستهداف ليس حادثًا عابرًا، بل هو استراتيجي. كما شهد الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، أمام الكونغرس العام الماضي، أن إيران وروسيا والصين يعيدون تشكيل النظام الإقليمي على حساب الغرب، باستخدام جهات غير متكافئة مثل الحوثيين للضغط.

 

وتابعت: "إن تنسيقهم مع موسكو وبكين لحماية السفن الروسية والصينية بينما يستهدفون السفن الأمريكية وحلفائها يُبرز هذا الاصطفاف الجيوسياسي. ووفقًا لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية، فإن محمد علي الحوثي قد تواصل بشكل مباشر مع مسؤولين روسيين وصينيين لضمان هذا الترتيب".

 

وقالت: "تُعد هذه الاستراتيجية البحرية جزءًا من إعادة الاصطفاف الأوسع بين روسيا وإيران التي تسارعت بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. فقد تخلت موسكو عن حيادها واصطفّت مع إيران، مع تعزيز الروابط العسكرية والاستخباراتية مع وكلائها، بدعم من الطائرات المسيّرة التي توفرها قوات الحرس الثوري الإيراني. ومنذ ذلك الحين، حسّنت تكنولوجيا رادار الكرملين قدرة الحوثيين على تحديد واستهداف السفن في البحر الأحمر بدقة، مما يعمق ارتباطهم بمحور يسعى لإضعاف النفوذ الغربي على التجارة العالمية".

 

وأضافت: "قدمت روسيا أيضًا دعمًا ملحوظًا للحوثيين في الساحة الدبلوماسية: ففي عام 2015، امتنعت موسكو عن التصويت على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216، الذي فرض حظرًا على الأسلحة ضد الحوثيين. من خلال رفض دعم القرار، حافظت روسيا على الحوثيين كطرف سياسي قابل للتفاوض، مما ضمنت استمرارهم كعنصر موازن مفيد في ديناميكيات القوة الإقليمية مع الحفاظ على نفوذها في النزاع اليمني".

 

علاوة على ذلك – تقول الكاتبة أبو الأسرار- عندما كشف فريق من الخبراء التابعين للأمم المتحدة، بما في ذلك المحلل الأمريكي جريجوري جونسن، عن انتهاكات واضحة لذلك الحظر، شرعت روسيا في الهجوم، حيث قامت بتشويه نتائج التقرير، ومنعت تنفيذها، ورفضت إعادة تعيين جونسن.

 

وأضافت: "مع توسع نفوذ موسكو وطهران، ظل صناع القرار الغربيون متمسكين بفكرة أن الحوثيين ليسوا سوى تمرد إقليمي آخر، بدلاً من أن يكونوا وكيلًا مسلحًا في محور مناهض للغرب. وحتى في الأشهر التي سبقت 7 أكتوبر 2023، كان هناك تفاؤل حذر بشأن مشاركة الحوثيين في المفاوضات مع المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، الذي عبر عن تفاؤله بتحرك الأمور "في الاتجاه الصحيح". ورغم أن هذا الوهم قد انهار الآن، فإن المجتمع الدولي لا يزال في حالة من الفوضى في محاولة للرد، بينما تظل الأمم المتحدة عاجزة عن حماية موظفيها المختطفين من قبل الحوثيين، ناهيك عن حل الأزمة اليمنية التي طال أمدها".

 

وترى الكاتبة أن التصنيف الأمريكي للحوثيين "يرسل رسالة بالاعتراف بالمشكلة الجيوسياسية في البحر الأحمر، لكنها جاءت متأخرة قليلاً. إذا استمرت الولايات المتحدة في السعي إلى الانخراط وفق شروط قديمة، فستجد نفسها مجددًا في موقف ضعيف أمام جماعة لا تجيب لمصلحة اليمن، بل لمصلحة طهران وموسكو. السؤال الآن هو ما إذا كانت واشنطن ستواكب الواقع أخيرًا، أم ستكرر الأخطاء التي سمحت للحوثيين بالصعود في المقام الأول".




تعليقات
square-white المزيد في ترجمات