آخر الأخبار
الصلف الصهيوني وحال الأمة العربية
في قمة صلف المشروع الصهيوني، وما يحث في غزة، هل يصحو الغارقون في الصراع الداخلي الوطني (العربي والاسلامي) ، واصحاب المشاريع الصغيرة، انهم ساهموا من حيث لا يقصدون في تدمير وتفكيك اركان المشروع الوطني الكبير(الاسلامي والعربي)، مما اوصل العرب والمسلمين الى حالة الخواء والضعف والهشاشة، التي سهلت للمشروع الصهيوني الاختراق، فتلطى بعض النظام العربي بامريكا وكأنها حاملة مفاتيح بقائهم كسلطة، وتغطى بترسانة اعلامية مضللة يقودها انتهازيون، فانحط اعلامهم ليستهدف المشروع الوطني و وحدة الامة، ليسبب ضررا فادحا في جبهة مقاومة الاحتلال الصهيوني والتجبر الامبريالي الامريكي، مع احترامنا وتقديرنا للقلة التي استوعبت اللعبة، ولم تنصاع للتشرذم والفتنة التي احييت مشاريع استعمارية وصفوية واحلام الجماعة ( المناطقية والطائفية والمذهبية)، انها القلة التي تحاول انعاش روح المشروع الوطني من بين ركام الخذلان والتطبيع و والمغردين خارج سرب الثورات التحررية، الذين يحلمون بدفن قرن من نضالات الامة و تتويج الجمهوريات والدول الوطنية، فاذا بهم ينصاعون لتحرك بؤر المستعمر المزروعة في ارض الرسالة والعروبة، وهي اليوم اداة من ادوات هذا التحرك للترويج للتطبيع مع الصهاينة، وهم يشاهدون مجازرهم في غزة، دون ان تتحرك ضمائرهم بصرخات الاطفال والجرائم البشعة من قتل وتدمير وتجريف للأرض والانسان والهوية والدين في ارضنا الطيبة، وكأنهم ليسوا من نسل العرب ولا من دعاة الرسالة المحمدية، كأنهم من نسل بني صهيون.
لعل المتابع لحالنا يعلم جيدا كم كان الشاعر اليمني الكبير الراحل البردوني يتمتع بذكاء بل لقد كانت لديه رؤيا ثاقبة، فحملت اشعاره وكتبه في احرفها التحذير من المؤامرة، فين هؤلاء من بصيرة البردوني الشاعر الضرير، البصير بأمور الحياة والمستقبل، يرى بعقله وضميره، ويرصد الاحداث، ويقرأ الواقع و أستشرف المستقبل، حيث الاستلاب كان عنوان لواقعنا، والمستعمر يتفنن في التحور وتغيير اشكال وجوده، ( وفي عود إحتلال الامس وفي التشكيلة العصر) وقد يأتون تبغا في سجائر لونها يغري وفي سروال استاذ، وتحت عمامة المقري وفي انبوبة الحبر) ( وفي صدقات وحشي يؤنس وجهه الصخري).
فلم يعد الاستعمار غزو واحتلال مباشر، انه غزو فكري واقتصادي وثقافي ناعم، يحتل العقول والميول، ويسيطر على الاحلام والقناعات، ويديرها لخدمة استلاب الانسان وتسخيره ليكن اداة يديرها لخدمة اجنداته الاستعمارية، انه في قوى شبعت حين جاع الناس، وتنمرت في انتهاك كرامة المواطن، فيمن يملكون المال وصاروا ذو جاه نراهم يتصدرون المشهد البائس، من لا شيء الى برج عالية وقوة ونفوذ.
رغم ان الحرب منذ طوفان الاقصى قدمت لنا دروس وعبر، وتحدي وصمود واستبسال، وما زالت غزة تقوم، وما زلنا غارقين في صراعاتنا الداخلية واختلافنا حول معركتنا المصيرية ضد العدو، رغم ان المشهد فيه ما يكفي من الوضوح، وان التاريخ لن يرحم، الطوفان بدأ وكان مفصليا في جبهتنا مع الصهاينة، فيها نكون او لا نكون، ولم يكن الطوفان مقطوعا عنا بل شعرنا انه اعاد لنا كرامتنا وعروبتنا، رغم التجني عليه، ولماذا هذا التجني؟.
لأننا لم نستوعب بعد ملامح المؤامرة، وما زال البعض يرى العدو شريكه في الوطن، المختلف معه فكريا وسياسيا، رغم انهم يشبهونه كثيرا بالغة والعقيدة والهوية والتاريخ ويشاركونه الارض والعرض والكرامة، ذلك العدو لا يشبهه الا في الانسانية، والانسانية تنتهي عندما يتوحش، ويكفي انه قد توحش منذ ان قرر الاستيلاء على فلسطين، وطرد اصحاب الارض واستوطنها بالقوة، وهو اليوم يمارس سياسة الغاب، التي لا علاقة لها بالإنسانية، فقد خدع دعاة الانسانية وحوار الادين بالصهاينة، وما زال بعض العرب يتوقون للتقليد الاعمى كالبَبَّغَاوَاتُ، والله المستعان.