آخر الأخبار

تصعيد عسكري أمريكي حاد ضد الحوثيين.. ما هي الأهداف الحقيقية وراء الضربات المتزايدة؟

المهرية نت - ترجمة خاصة
الخميس, 20 مارس, 2025 - 04:45 صباحاً

نشرت صحيفة فورين بوليسي الأمريكية، والمتخصصة في الشؤون السياسية، مقالًا للكاتبين كيث جونسون، وهو صحفي يغطي قضايا الإرهاب والطاقة والطيران والسياسة والشؤون الخارجية والاقتصاد، والكاتب ريشي آينجار،  من جامعة كولومبيا، تحت عنوان:  تصعيد حاد من ترامب للضربات العسكرية ضد الحوثيين في اليمن.

 

ليس من الواضح ما إذا كان التصعيد العسكري المتزايد سيكون كافياً لتحييد التهديد الحوثي، أو ما هي الأهداف الحقيقية التي يسعى إليها الرئيس الأمريكي.

 

بينما يسعى لإقرار وقف لإطلاق النار في أوكرانيا، ويتعامل مع انهيار وقف آخر في غزة، يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصعيد الحملة العسكرية الأمريكية في اليمن ضد جماعة الحوثيين المدعومة من إيران، والتي تشكل تهديدًا للسلام الإقليمي وأمن إسرائيل وحركة التجارة العالمية.

 

لا يزال من غير الواضح ما إذا كان تكثيف القصف سيحقق أخيرًا أهداف واشنطن في اليمن، أو ما هي تلك الأهداف تحديدًا في ظل ولاية ترامب الثانية.

 

منذ يوم السبت، واصلت القوات الأمريكية المتمركزة قرب البحر الأحمر تنفيذ ضربات دقيقة يومية ضد مواقع الحوثيين في اليمن، مستهدفة أنظمة الرادار ومنصات الصواريخ المتنقلة ومواقع الطائرات المسيّرة ومعسكرات التدريب ومقرات القيادة، ما أسفر -بحسب التقارير- عن مقتل أكثر من 50 شخصًا، بينهم عدد من قادة الحوثيين وخمسة أطفال.

 

صرّح الجنرال أليكسوس غرينكيويتش، مدير العمليات في هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، خلال مؤتمر صحفي في وزارة الدفاع بالبنتاغون: "لن نتحدث عن الأمر علنًا، لكن اعلموا أن هناك تصميمًا واضحًا للعملية". وأوضح أن العمليات "ستتواصل في الأيام المقبلة حتى تحقيق أهداف الرئيس".

 

ولم تتضح ماهية هذه الأهداف بشكل دقيق بعد. إلا أن الإدارة الأمريكية أكدت أنها تهدف إلى تقويض قدرة الحوثيين على عرقلة حركة الملاحة العالمية، التي يستهدفونها منذ أواخر عام 2023. وكانت إدارة بايدن قد نفذت ضربات متكررة ضد الحوثيين، لكنها لم تتمكن من إنهاء قبضتهم على أحد أبرز الممرات البحرية في العالم.

 

تأمل إدارة ترامب كذلك في إيصال رسالة قوية إلى إيران، التي تُعد المصدر الأساسي لدعم الحوثيين وتسليحهم، وذلك ضمن حملة "الضغط الأقصى" التي تهدف إلى إجبار طهران على التفاوض حول مستقبل برامجها النووية والصاروخية.

 

لكن، بحسب ما أكده المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية شون بارنيل، فإن هذه الضربات القاتلة تأتي أيضًا في سياق "الدفاع عن الوطن".

 

كما تعد هذه الضربات جزءًا من تصعيد إقليمي متزايد، عقب تقارير تفيد بأن البيت الأبيض منح إسرائيل الضوء الأخضر لاستئناف عمليات القصف المكثف في غزة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 400 شخص منذ استئناف الغارات يوم الثلاثاء.

 

تكثيف الجهود الأمريكية لاستهداف الحوثيين يأتي في إطار ضرب واحدة من آخر الجماعات الوكيلة المتبقية لإيران، والتي لا تزال تحافظ على تماسكها وقدرتها على استهداف إسرائيل والأهداف الغربية، وذلك بعد الضربات الإسرائيلية التي أضعفت حماس في غزة وحزب الله في لبنان خلال العام الماضي

 

قام الحوثيون بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة على إسرائيل بشكل متكرر، والقوات الإسرائيلية في حالة تأهب قصوى استعدادًا لاستئناف هذه الهجمات بعد فترة توقف قصيرة أعقبت هدنة غزة.

 

وتلك الهجمات باتت وشيكة. فبعد أن أوقفت إسرائيل إيصال المساعدات إلى غزة الأسبوع الماضي، استأنف الحوثيون استهداف السفن التجارية الإسرائيلية والغربية في البحر الأحمر وعند المضيق الاستراتيجي باب المندب. ويرجح الخبراء أن تؤدي الضربات الأمريكية إلى تصعيد حوثي إضافي ضد حركة الملاحة التجارية والسفن الحربية الأمريكية.

 

أطلقت الجماعة، يوم الثلاثاء، صاروخًا باليستيًا باتجاه إسرائيل، وأعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية أنه تم اعتراضه بنجاح قبل أن يخترق الأجواء الإسرائيلية.

 

لا شك في أن الحوثيين، المعروفين رسميًا باسم "أنصار الله"، يشكلون مشكلة لليمن والمنطقة. فقد نشأت هذه الجماعة الإسلامية السياسية والعسكرية، التي تتبع المذهب الزيدي الشيعي، من رحم الحرب الأهلية اليمنية في تسعينيات القرن الماضي، وتمكنت قبل نحو عقد من فرض سيطرتها الفعلية على أجزاء واسعة من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء.

 

ومنذ ذلك الحين، عزز الحوثيون قبضتهم على الشعب اليمني ووطدوا علاقاتهم مع فصائل من القاعدة وقراصنة في مختلف أنحاء المنطقة.

 

قالت ندوى الدوسري، الخبيرة في الشأن اليمني وحروب الجماعات غير النظامية في معهد الشرق الأوسط: "المشكلة الجوهرية تكمن في أن الحوثيين، وهم جماعة مسلحة عابرة للحدود ومدعومة من إيران، بدأوا حربًا أهلية، واستولوا على العاصمة، ويرفضون الانخراط في أي حوار، ويعتقدون أنهم مخولون لحكم البلاد بوعد إلهي".

 

بعد سقوط العاصمة اليمنية بيد الحوثيين في عام 2015، قادت السعودية، بدعم من الإمارات والبحرين وعدد من الحلفاء، بمن فيهم الولايات المتحدة، حربًا امتدت لسنوات ضد الجماعة، إلا أنها لم تحقق نجاحًا يذكر.

 

وأوضحت ندوى الدوسري أن سيطرة الحوثيين على البلاد تعززت بشكل أكبر بعد اتفاق ستوكهولم، الذي أُبرم عام 2018، ومنحهم سيطرة فعالة على أحد أهم الموانئ اليمنية، وهو ميناء الحديدة، الذي استخدموه كمركز لتهريب الأموال والأسلحة.

 

أضافت ندوى: "شكّل اتفاق ستوكهولم نقطة تحول في الصراع اليمني، حيث عزز الحوثيين عسكريًا ومكّنهم من الحصول على المزيد من الموارد".

 

على مدى سنوات، ورغم القتال المستمر، ظل النزاع في اليمن محصورًا إلى حد كبير داخل شبه الجزيرة العربية. لكن منذ خريف 2023، وفي أعقاب الهجوم الدموي الذي شنته حماس على إسرائيل والرد العسكري الإسرائيلي المدمر، بدأ الحوثيون باستهداف السفن التجارية التي تعبر أحد أهم الممرات المائية في العالم—البوابة المؤدية إلى قناة السويس—فيما وصفوه بأنه تعبير عن التضامن مع الفلسطينيين في غزة.

 

وقد تسببت مئات الهجمات الحوثية بالطائرات المسيّرة والصواريخ في إلحاق أضرار جسيمة بالسفن وإغراق بعضها، مما دفع شركات الشحن التجاري إلى اللجوء إلى طريق أطول وأعلى تكلفة حول إفريقيا.

 

دفعت هذه الهجمات إدارة بايدن، إلى جانب المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى بدء مراقبة الممرات البحرية في البحر الأحمر. أما الآن، وفقًا لإدارة ترامب، فقد تم رفع القيود.

 

ويبقى السؤال: لماذا يستخدم ترامب والبنتاغون مصطلح 'حرية الملاحة' في وصف الحملة، وهو المصطلح الذي استخدمه مسؤولون رفيعون وجنرالات في البنتاغون هذا الأسبوع، لطالما عارض ترامب فكرة أن الولايات المتحدة معنية بتأمين الممرات البحرية، واقترح أن تتحمل الدول الآسيوية الأكثر اعتمادًا على النفط الشرق أوسطي هذا العبء.

 

لكن السؤال الأكثر أهمية يبقى حول ما إذا كانت الحملة العسكرية الأمريكية المتصاعدة ستضع حدًا للتهديد الحوثي، أم ستتحول إلى مجرد لعبة مكلفة من نوع 'اضرب الخلد'. كما وصف خبير بحري أوروبي، تحدث إلى 'فورين بوليسي' مشترطاً عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المناقشات الأمنية بين الولايات المتحدة وحلف الناتو، واصفاً الحملة الجديدة ببساطة بأنها 'ضرب من الجنون'.

 

تحت جملة "لدي شكوك" صرح جيمس هولمز، الأستاذ في الكلية الحربية البحرية الأمريكية، مشككًا في فائدة القوة الجوية البحرية في ترهيب فاعلين غير دوليين متمركزين على الأرض متسائِلاً عما إذا كان استهلاك المخزونات الثمينة من الذخائر المكلفة، والتي قد تكون مطلوبة لحرب مستقبلية في المحيط الهادئ، هو الاستخدام الأمثل للموارد الأمريكية المحدودة."

 

حيث إن القضاء الحقيقي على الحوثيين يستلزم ما هو أبعد من مجرد بضعة صواريخ توماهوك وضربات جوية، بل يتطلب التزامًا أعمق بكثير مما أبداه ترامب أو الجمهور الأمريكي حتى اللحظة.

 

كما أبدى هولمز قائلاً: " لا بد أن تكون موجودًا في قلب المعركة، ملتحماً مع الخصم، حتى تحقق النصر."

 

https://foreignpolicy.com/2025/03/18/trump-houthi-strikes-yemen-israel/


كلمات مفتاحية: اليمن الحوثيون الحرب أمريكا


تعليقات
square-white المزيد في ترجمات