آخر الأخبار

روحانية العشر.. فرصة لتناسي الآلام!

الأحد, 09 يونيو, 2024

ما أجمل أن تجعل بينك وبين خالقك رابطةً  قوية مليئة بالذكر والدعاء والتكبير والتهليل؛ حينها فقط ستشعر أن كل شيء يهون وكل همٍّ  ضاق به صدرك  وعز عليك تجاهله  أو نسيانه، ستجده يذهب عنك رويدًا رويدًا  كما يذهب الألم بعد تناول المهدئات.

ها قد أطلت العشر الأوائل من ذي الحجة على اليمنيين، جاءتهم  كما يجيئ المطر على الأرض القاحلة،  يسقيها فتشع بهجةً وجمالًا محاولة تناسي ما مرت به خلال أيام وشهور القحط، وهكذا هي إطلالة العشر من ذي الحجة  على اليمنيين،  لقد جاءتهم هذا العام   وهم في دوامة كبيرة من الهم الحزن والعجز الكبير  أمام توفير بعض المتطلبات ولا سيما متطلبات  العيد التي لا حصر لها ولا قدرة على شرائها من قبل أرباب الأسر في ظل هذا الانهيار الحاصل للعملة المحلية.

جاءت هذه الأيام بروحانيتها  لتهون عليهم  أثقال الحرب التي أحنت كواهلهم وأتعبهم إلى الحد الذي لا يوصف بمجرد كلمات، فعلى الرغم من الهموم التي تقع على عاتق أرباب الأسر، والقلق الذي ما ترك ربات البيوت لحظة من الزمن، إلا أن هذه الأيام جاءت لتنشر الروحانية في الأرجاء وتبعث في الأرواح حياة جديدة يعمها السلام الداخلي الذي يرى كل  شيءٍ هالكًا إلى وجهه سبحانة وتعالى.

بدأت  أصوات التكبيرات تتعالى من مآذن المساجد ومن وسائل النقل التي تملأ الشوارع ومن المحال التجارية، فحيثما حللت وجدت الروحانية تحيط بك، وتمد لك يد المحبة والرحمة، تجد الناس يكبرون ويسبحون الله، يتابعون موسم الحج لهذا العام وكيف أن مكة تضم كل ذلك الجمع الغفير من ضيوف الرحمن متمنين أن يكونوا منهم...   بهذه اللحظات تشعر أن هذه الأيام جاءت  هدية من الله سبحانة لك ولغيرك؛  لكي تعيدوا  ترتيب حياتكم، ترتيب أولياتكم ونشاطاتكم وأن تعملوا لأجل الآخرة وفي الوقت نفسه لا تنسوا نصيبكم من الدنيا.
لم ينس اليمنيون ما يمر  بهم من أوجاع ومآس  متتاليات تزداد مع مرور الأيام، وتكبر كلما كبر الإنسان، وتتسع باتساع طمع الساسة في  المال والمنصب  وتجاهلهم للشعب الذي يجعلونه شماعة لتعليق كل ما يحلو لهم عليها. 


كل هذه الأوجاع تحيط باليمنيين إلا أنهم بهذه الأيام يحاولون جاهدين أن يعيشوها ويستغلوها في  طلب الأجر من العلي القدير محاولين تناسي الوجع الذي قصم ظهورهم وما يزال يمارس في حقهم أبشع التصرفات.

إن للعشر  من ذي الحجة مذاق جميل، مذاق مختلف تمامًا لكل من حاول أن يعيش هذه الأيام بروحانية تامة بعيدًا عن نكد الحياة وبعيدًا عن مؤامرة  قادة الحروب وتجارها، وخذلان أصحاب المصالح لأوطانهم، وجشع وطمع بائعي الأوطان مقابل المال، ما أجمل أن تشعر بالسلام الداخلي والسلام من حولك في النفس البشرية ولو لأيام قليلة، أيام تشعرك بالأمل بالتفاؤل والغبطة  بأن كل شيء سيكون كما يشاء الله له أن يكون.
 

*المقال خاص بالمهرية نت*

المزيد من إفتخار عبده