آخر الأخبار
مدَّونة الجماعات المسلحة والقانون الدولي تنشر دراسة حول حالة الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)
الاربعاء, 31 يوليو, 2024 - 05:21 مساءً
نشرت مدونة "الجماعات المسلحة والقانون الدولي "، والتي تسلط الضوء على المقالات الأكاديمية المتعلقة بالقضايا المرتبطة بالجماعات المسلحة، دراسة تحليلية للكاتب سعيد باقري، وهو محاضر في القانون الدولي بكلية الحقوق بجامعة ريدينغ، وباحث قانوني في استعمال القوة والقانون الإنساني الدولي. تحت عنوان: الأهلية القانونية للجماعات المسلحة غير الحكومية لإبرام الاتفاقات مع الدول: دراسة حالة الحوثيين في اليمن.
وبدأت الدراسة بالإشارة على اتفاق خفض التصعيد بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً المعلن عنه في 22 يوليو 2024م.
وأشارت أن الاتفاق الجديد يأتي عقب خارطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة في ديسمبر 2023، والتي دعت كلا الجانبين إلى إنهاء النزاع المسلح غير الدولي الجاري في اليمن؛ وأضافت: "بينما لا تزال هناك شكوك حول مدى التزام الحوثيين بعملية السلام باليمن، سيتناول هذا المقال إمكانية قدرة الجماعات المسلحة غير الحكومية، كالحوثيين، على إبرام اتفاقات قانونية مع الدول، لا سيما في المجالات الإنسانية وحماية المدنيين خلال النزاعات المسلحة غير الدولية.
تصور وفهم القضية
تبدأ المدونة بالإشارة إلى فهم الحالة في اليمن بالقول: "لكي يُعترف بكيان ما كشخصية قانونية، لا بد أن يتمتع بحقوق ويتقيد بالتزامات قانونية. فالشخصية القانونية تمنح هذا الكيان القدرة على التصرف القانوني بتعديل الحقوق والالتزامات وإبرامها ونقلها وتنفيذها (رأي استشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن التعويض عن الأضرار التي لحقت بخدمة الأمم المتحدة، 1949: 179).
وتتابع: "رغم أن الدول هي الكيانات القانونية الأساسية وأطراف القانون الدولي التي تتمتع بالقدرة على إبرام المعاهدات، إلا أنها تستطيع أيضًا عقد اتفاقيات مع كيانات غير دولية، مثل الجماعات المسلحة غير الحكومية والمنظمات الدولية والأفراد والشعوب الذين يكتسبون شخصيات قانونية ويناضلون من أجل المساواة في الحقوق".
وتمضي بالقول: "في سياق متصل، يهدف البند الثالث المشترك (2) من اتفاقيات جنيف لعام 1949 إلى وضع إطار للالتزام العرفي، وينص على أن "ينبغي على أطراف النزاع أن تسعى إلى تطبيق جميع أحكام هذه الاتفاقية أو بعضها عن طريق اتفاقات خاصة. ولا يؤثر تطبيق الأحكام السابقة على الوضع القانوني لأطراف النزاع."
وأشارت أنه "من الجدير بالذكر أن المعاهدات، باعتبارها المصدر الأساسي للقانون الدولي، تُصنف على أنها اتفاقيات لا يمكن أن تُبرم إلا بين الدول ذات السيادة وفي حالات معينة بين المنظمات الدولية على شكل وثائق مكتوبة الغرض منها أن تكون مُلزمة بموجب القانون الدولي".
ونوّهت الدراسة إلى أن "اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 تستند إلى فرضية إمكانية إبرام "معاهدة" بين دولتين أو أكثر (اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، المادة 2(1)(أ)). إلا أنها تقر أيضاً بوجود معاهدات خارج نطاق تطبيقها، وتقر أيضًا بإمكانية إبرام اتفاقات دولية بين الدول وأطراف أخرى فاعلة في القانون الدولي أو فيما بين هذه الأطراف (اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، المادة 3).
تتابع: "على صعيد قانون المعاهدات الدولي، فإن حق إبرام الاتفاقات الدولية هو أحد صلاحيات سيادة الدولة، وهو ما أكدته أيضاً محكمة العدل الدولية الدائمة في رأيها الاستشاري بشأن تبادل السكان اليونانيين والأتراك". (رأي محكمة العدل الدولية الدائمة بشأن تبادل السكان اليونانيين والأتراك، 1925، الفقرة 55).
اتفاقيات خاصة في إطار المادة الثالثة المشتركة
وتحت هذا العنوان تتناول الدراسة تعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمر على المادة الثالثة (2) المشتركة الذي يشير إلى أن الاتفاقات الخاصة التي تعقدها الدول مع الجماعات المسلحة غير الحكومية هي اتفاقيات مُلزمة، دون الخوض في تفاصيل فيما اذ كانت هذه الاتفاقيات تعتبر "معاهدات" من الناحية القانونية أم لا.
وتتابع: "عند الحديث عن الالتزام باحترام القانون الإنساني الدولي وضمان احترامه، يصبح التركيز منصباً بشكل كامل على حماية الأفراد في النزاعات المسلحة غير الدولية، بدلاً من النظر إلى الوضع القانوني للاتفاقات المبرمة بين الأطراف."
وبتجاوز الوقائع، - تواصل الدراسة- يقدم تعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمر تفسيراً مثيراً للجدل للمادة الثالثة (2) المشتركة، إذ يزعم أنه لا يمكن استنتاج أن الاعتراف بقدرة الأطراف على إبرام اتفاقات خاصة تفرض التزامات إضافية، أن يعني الاعتراف بصفة الطرفية أو يشير بأي شكل إلى أن الجماعة المسلحة غير الحكومية، وهي طرف الاتفاق، تتمتع بشخصية قانونية كاملة.
وأضافت: "يذكر التعليق أن من الشائع أن تتضمن الاتفاقات الخاصة بنوداً تؤكد عدم تأثيرها على الوضع القانوني للأطراف. وبالنظر إلى ذلك، وعلى الرغم من الاعتقاد المنطقي بأن معظم الجماعات المسلحة غير الحكومية، مثل الحوثيين، تمثل بشكل عام مجموعة من الناس في اليمن تناضل لتحقيق المساواة في الحقوق من خلال مجموعة من الأهداف الاقتصادية والسياسية، إلا أنها تمتلك قدرة قانونية محدودة تقتصر على إبرام اتفاقات خاصة كأطراف في القانون المحلي أو كأفراد من القانون الإنساني الدولي".
وقال الكاتب سعيد باقري في الدراسة: "بمعنى آخر، رغم التزام الدول والجماعات المسلحة غير الحكومية بأحكام المادة الثالثة المشتركة العرفية، يحق للدول التعامل مع الجماعات المسلحة غير الحكومية وفقاً لقوانينها الداخلية، إلا إذا تعارض أحد قوانينها الداخلية بشكل مباشر مع أحكام المادة الثالثة المشتركة". (دليل القانون الدولي الإنساني البريطاني، 2004، الفقرة 15.4.1: 388).
وأضاف باقري: "وقد أكدت المحكمة الخاصة لسيراليون أيضاً على فكرة التعامل مع الجماعات المسلحة غير الحكومية وفقاً للقوانين الداخلية، حيث إن الاتفاق الخاص المبرم بين حكومة سيراليون والجبهة المتحدة الثورية ليس اتفاقاً دولياً" (هيفز وكتليك، "الاتفاقات الخاصة كوسيلة لتعزيز الامتثال للقانون الإنساني الدولي"، 2015: 1212).
وبما أن حماية المدنيين والتعامل الإنساني هما الهدف الأساسي من الاتفاق، فلن يكون هناك مشكلة فنية فيما يتعلق باختلاف طريقة تنظيم الاتفاق (أي الإطار القانوني) أو وضع الأطراف؛ وفق الكاتب.
يتابع باقري: "على كل حال، فإن الالتزام بهذا النوع من الاتفاق لا يجعل الطرف الآخر طرفاً في الحرب بأي شكل من الأشكال (فورتين، مسؤولية الجماعات المسلحة بموجب قانون حقوق الإنسان، 2017: 43). وباختصار، يمكن القول إن الاتفاقات الخاصة بين الدول والجماعات المسلحة غير الحكومية تفرض التزامات، سواء كانت هذه الاتفاقات معاهدات دولية أم لا".
ويقول: "يظهر ذلك من خلال ممارسة المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة واللجنة الدولية للتحقيق في دارفور، حيث اعتبرت الاتفاقات الخاصة بين أطراف النزاع الخاضع لولايتهما مُلزمة ومماثلة للمعاهدات وبالتالي مصدراً للالتزامات القانونية لإثبات الإدانة".
طبيعة الالتزام بموجب المادة الثالثة المشتركة
ويمضي الكاتب سعيد باقري في دراسة حالة الحوثيين في اليمن بالقول: "رغم أن الاتفاقات الخاصة بين الدول والجماعات المسلحة غير الحكومية تعتبر قانونية باعتبارها خاضعة للمادة الثالثة المشتركة، فمن المهم التأكيد على أن الدول ليست ملزمة قانوناً بعقد مثل هذه الاتفاقات مع الجماعات المسلحة غير الحكومية. بل إن القيام بذلك بموجب المادة الثالثة المشتركة هو قرار اختياري".
يتابع: "ومع ذلك، فإن الاتفاقات المبرمة بين الدول والجماعات المسلحة غير الحكومية لم تتسم دائماً بصفة "معاهدات" بموجب القانون الدولي. نسبياً، تم النظر إليها عموماً كآليات قادرة على فرض التزامات وحقوق مُلزمة بين أطراف الاتفاق في النظام القانوني الداخلي".
وقال باقري في الدراسة: "وفي ظل هذا السياق، تشجع المادة الثالثة المشتركة (2) وتعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدول على إبرام اتفاقات خاصة مع الجماعات المسلحة غير الحكومية، مؤكدة على أن هذه الاتفاقات لن تغير الوضع القانوني للأطراف في النزاع، مما يتيح للدولة الإقليمية الاستمرار في التقليل من شأن أهداف ومطالب هذه الجماعات من خلال اعتبارها كيانات غير قانونية وفقًا لقوانينها الداخلية".
ومع ذلك، فإن المادة الثالثة المشتركة (2) وتعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمر تجنبتا بشكل غير مباشر الاعتراف بأن رفض الدول الاعتراف بالجماعات المسلحة غير الحكومية كأطراف في النزاعات المسلحة ومخاوفها من جهة، ومعاقبة انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ترتكبها هذه الجماعات من جهة أخرى، من شأنه أن يؤدي إلى العنف بدلاً من حماية المدنيين؛ وفق ما أورد الكاتب في الدراسة.
ويتابع باقري: "ومع ذلك، فإن الالتزام العرفي بضمان احترام القانون الإنساني الدولي يفرض على الدول عدم وضع أي عقبات أمام امتثال الجماعات المسلحة غير الحكومية للقانون الإنساني الدولي".
ويضيف: "ولا شك أن هذا يعكس بشكل غير مقصود تركيز القانون الإنساني الدولي على الدول بسبب أوجه القصور في المادة الثالثة المشتركة. وهذا يؤدي في النهاية إلى تقويض الغرض الرئيسي لقواعد القانون الإنساني الدولي - القانون النافذ - ويتطلب إعادة فهم الالتزام بضمان احترام القانون الإنساني الدولي وفقًا للمادتين الأولى والثالثة المشتركة - القانون المرجو تطبيقه - لاستعادة موضوعية الاتفاقات الخاصة المبرمة بين الدول والجماعات المسلحة غير الحكومية".
وقال الكاتب سعيد باقري: "تجدر الإشارة مجدداً إلى أن المادة الثالثة المشتركة (2) تحث أطراف النزاعات المسلحة غير الدولية على إبرام اتفاقات خاصة لحماية المدنيين. ومع ذلك، لا يمكن نكران أن المادة الثالثة المشتركة تُعتبر القانون المنطبق في النزاعات المسلحة غير الدولية بين الحكومات والجماعات المسلحة غير الحكومية (كالحكومة اليمنية والحوثيين في حالتنا)".
وتابع: "يبقى السؤال مطروحاً حول استعداد الجماعات المسلحة غير الحكومية لإبرام اتفاقات خاصة مع الدول الإقليمية في الحالات التي لا تعترف فيها الدولة بوجود نزاع مسلح غير دولي مع هذه الجماعات ولا تعتبرها طرف في نزاع مسلح بموجب القانون الإنساني الدولي".
واعتبر باقري أن قصور المادة الثالثة المشتركة في التوضيح يُعتبر مصدراً تقليديًا للتفسيرات المختلفة، مثل التعليقات على اتفاقيات جنيف. علاوة على ذلك، أصبح الغموض والطبيعة المرتكزة على الدولة للمادة الثالثة المشتركة (2) فيما يتعلق بإبرام اتفاقات خاصة مع الجماعات المسلحة غير الحكومية أمراً صعباً ومشكوكاً في إمكانية إعادة تفسيره مع تطور فهم طبيعة النزاعات والوضع القانوني للجماعات المسلحة غير الحكومية المنخرطة في النزاعات المسلحة مع الحكومات.