آخر الأخبار
ما الذي يحتاجه الاقتصاد اليمني المريض حتى يتعافى؟ (تقرير خاص)
استمرار تراجع الريال اليمني
الخميس, 09 مارس, 2023 - 11:04 صباحاً
منذ اندلاع الحرب واستحواذ مليشيا الحوثي على البنك المركزي في صنعاء ونهبه، ولجوء الحكومة الشرعية إلى طباعة عملة بحجم مصغر، تأثر الريال اليمني وتراجع كثيرا أمام العملات الأجنبية.
وازدادت حياة العديد من المواطنين سواء في مناطق الحكومة الشرعية أو مناطق الحوثيين إزاء الفوارق السعرية لقيمة العملة.
ولعبت المليشات الحوثية دورًا سلبيًا على أسعار السلع والمشتقات منذ إصدار البنك المركزي الواقع تحت وطأتها في صنعاء - سبتمبر 2017م- منع التعامل بالعملة المطبوعة من قبل الحكومة، وكل الإجراءات الحكومية لالغاء ذلك الفارق.
وأجرت الحكومة اليمنية العديد من المعالجات في سبيل العمل على تحسين العملة كان من ضمنها إصدار قرارات بغلق العديد من محلات الصرافة المتلاعبة بالعملة والتي لا تحتوي على ترخيص من البنك المركزي اليمني لكن ذلك لم يجدِ نفعًا.
ففي 2 ديسمبر/ 2021م تدهور الريال اليمني فقد تجاوز سعر الدولار 1700ريال فيما الريال السعودي تجاوز الـ 400 ريال مقابل الريال اليمني، واضطرت الحكومة الشرعية آنذاك إلى تغيير إدارة البنك المركزي اليمني كحل مبدئي، وعقب إصدار القرار هبط سعر الدولار وقت ذاك إلى 800؛ لكن ذلك لم يستمر لفترة طويلة حتى عاد إلى التدهور من جديد.
وعقبَ تشكيل المجلس الرئاسي، الذي شكل لغرض تحسين الأوضاع المعيشية واشراك الأطراف المتصارعة في الحكومة الشرعية بالدولة والعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية فقد تعهدت السعودية والإمارات وقتذاك على تقديم وديعة مالية للبنك المركزي تقدر بثلاثة مليارات دولارات كحل لإنعاش الاقتصاد.
وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022م شهد الاقتصاد اليمني حالة من الاستقرار والتعافي جراء ارتفاع سعر المشتقات النفطية عالميًا وتصدير ميناء الضبة المشتقات النفطية وبيعها لدول خارجية.
لكن مليشيات الحوثي أقدمت على قصف ميناء الضبة في نوفمبر عام 2022م -بطائرتين مسيرتين- أدى إلى توقف الميناء عن تصدير المشتقات النفطية، وعقبَ ذلك قرر الدكتور رشاد العلمي- رئيس المجلس الرئاسي- عدم صرف رواتب الموظفين والعمل على رفع سعر الجمارك كحل بديل عوضًا عن المشتقات النفطية التي يصدرها الميناء.
وفي الشهر الماضي وصلت دفعة من الوديعة السعودية إلى البنك المركزي تقدر بمليار دولار بغرض تحسين الاقتصاد؛ لكنها لم تحدث أية تأثير على الريال اليمني ومازال إلى الآن سعر الريال اليمني متجاوزا 1200ريال مقابل الدولار الواحد، ويعود ذلك إلى عدم تفيعل موارد المشتقات النفطية والصادرات.
*حكومة تمتلك نفوذًا
ويرى محللون أن الاقتصاد اليمني يحتاج إلى حكومة ذات كفاءة، تمتلك نفوذًا على كافة المكونات السياسية والعسكرية وتتحكم بالصادرات والواردات.
ويقول الباحث اليمني ياسين التميمي إن:" اقتصاد البلاد يحتاج الى حكومة متماسكة وذات كفاءة وتمتلك نفوذاً على كل المكونات السياسية والعسكرية، وتحظى بدعم حقيقي من الحلفاء المفترضين ".
وأضاف لـ"المهرية نت" : تحتاج الحكومة إلى أن تمسك بزمام المبادرة فيما يتعلق باستغلال وإدارة الموارد الطبيعية وتوظيف عوائدها وفقاً للاولويات والاحتياجات الوطنية".
وشدد على تبنى سياسة نقدية ذات كفاءة بما يضمن حفظ العملة الوطنية من التدهور وحمايتها من المضاربات والابقاء على المعدلات الآمنة فيما يخص التضخم.
ولفت إلى ضرورة أن تمتلك الحكومة سياسة فعالة فيما يخص الاستفادة من الأوعية الضريبية الإيرادات المالية المختلفة مع توخي العدل والإنصاف ومراعاة حالات الفئات الفقيرة والمحرومة.
*خطة شاملة
بينما يرى صحفيون أن الاقتصاد الوطني بحاجة إلى خطة شاملة وإعادة تفعيل المؤسسات المحلية، والقطاعات الإنتاجية، وإسناد الحكومة إعلاميا.
في السياق ذاته، يقول وفيق صالح (صحفي مهتم بالشأن الاقتصادي) إن " الاقتصاد الوطني يحتاج إلى إعادة بناء وخطة شاملة في تفعيل المؤسسات المحلية والقطاعات الإنتاجية واستئناف الصادرات اليمنية ، وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي ، وهذا كله يتطلب استقرارًا أمنيًا وسياسيًا، أو على الأقل تحييد الاقتصاد عن الصراع والتوقف عن استخدامه كورقة حرب من قبل الأطراف".
وشدد صالح على ضرورة " تحييد المؤسسات الاقتصادية والعمل على وقف نهب الموارد وإعادة توحيد السياسة النقدية في البلاد ، وحشد الدعم الخارجي وتحسين الأوعية الايرادية، وتوجيهها إلى حساب واحد في البنك المركزي اليمني".
ولفت إلى أن هذه من أهم الأولويات التي يحتاج إليها الاقتصاد الوطني في الوقت الراهن.
*إسناد الحكومة
بدوره يقول محمد الجماعي- صحفي مهتم بالشأن الاقتصادي- إن :" إسناد الحكومة وأدواتها المالية إعلاميا يجب على الجميع؛ حتى لا نسهم في صناعة الفشل بالانجرار وراء شائعات الانقلابيين الموجهة ضد الشرعية وأدواتها، لأن الاقتصاد يتأثر بالإعلام أكثر من أي مجال آخر".
وأضاف لـ"المهرية نت" يجب أن ندفع باتجاه أهداف الحكومة والرئاسة والتي تتمثل في سحب البساط من تحت المليشيات الانقلابية التي تحاول الابقاء على سيطرتها على المشهد الاقتصادي برغم كل الخطوات التي تقوم بها الشرعية للانتقال من اقتصاد الحرب إلى اقتصاد الدولة".
وتابع"من أهم العوامل التي تؤدي لتعافي الاقتصاد اليمني: وصول كافة الموارد الضريبية والجمركية والإيرادات المحلية بكافة أنواعها إلى خزينة البنك المركزي اليمني، والسماح لكافة المنافذ البرية والبحرية بالعودة إلى العمل، والضغط على المنظمات الدولية لتحويل أموالها عبر البنوك المحلية في عاصمة البلاد المؤقتة عدن".
وأشار إلى أن" الاقتصاد اليمني كان قد شهد تعافيا ملحوظا حتى الربع الثالث لعام 2022 كما تقول المؤشرات والأرقام، بفعل ارتفاع أسعار النفط عالميا، وهو الأمر الذي دفع الحوثيين لاستهداف الموانئ والسفن النفطية بالمسيرات والصواريخ نحو أربع مرات، انتهت بتوقف التصدير نهائيا وهو ما حرم الحكومة من كافة ايرادات النفط".
وشدد على ضرورة" توقف الحرب من أجل بناء اقتصاد يمني قوي، أو على الأقل عودة تصدير النفط الذي يعد أحد أهم عوامل عافية الاقتصاد اليمني الذي يصنف بأنه اقتصاد ريعي منذ اكتشاف واستخراج النفط منتصف ثمانينيات القرن الماضي".
ومضى قائلًا " على الحكومة أن تعمل على الإصلاحات المقترحة لتحسين وإصلاح الأوعية الضريبية والجمركية والخدمات الحكومية بما في ذلك البيئة الآمنة لتدفق الاستثمارات الكبرى في الداخل والخارج إلى المناطق المحررة، وبذل الطاقة القصوى لإجراءات نقل تحويلات المغتربين عبر نافذة المركزي اليمني في عدن وفروعه في المناطق المحررة والبنوك التجارية والإسلامية هناك.. والتي تقدرها التقارير الأممية بنحو4 مليارات دولارًا سنويا".