آخر الأخبار

"قيسو".. جنة من نخيل في سقطرى تنفرد بسخاء الأرض وكرم الإنسان  

منطقة قيسو- تصوير محمود فتحي

منطقة قيسو- تصوير محمود فتحي

المهرية نت - خاص
الخميس, 23 فبراير, 2023 - 12:44 صباحاً

في سقطرى توجد الكثير من الغرائب والعجائب، وتنفرد كل مناطقها بمميزات وعادات وتقاليد تحكي عن كرم الإنسان وسخاء الأرض وعنفوان الطبيعة. 

 

ومثل غيرها من الأشجار الفريدة تنفرد شجرة النخيل بالكثير من المميزات وتنتشر في أغلب مناطق الأرخبيل  ويستحوذ الجانب الشرقي منه على معظم التمور، يليه الجانب الجنوبي للجزيرة بينما يتواجد النخيل في الجانب الغربي من الأرخبيل بمديرية قلنسية. 

 

وفي مدير قلنسية توجد منطقة "قيسو" الغنية بالتمور ذات الأنواع الفريدة التي تعد مصدرا أساسيا في انتشارها في عموم سقطرى ولاتزال بعض الأنواع حصرية في عيهن مصبيحه أو قرية القيسو إلى اليوم. 

 

وتحظى تمور قيسو بعناية شديدة من قبل أهالي المنطقة، ما جعلها تتميز عن غيرها من تمور الأرخبيل التي تصارع البقاء جراء الإهمال والجفاف. 

 

يقول الدكتور أحمد العامري إن منطقة قيسو والتي يطلق عليها أيضا عيهن مصبيحه أو مصبيحوه  من المعالم الأثرية الشهيرة التي تشتهر بها سقطرى عامة ومديرية قلنسية خاصة ولشهرة هذ الموقع ارتبطت به الكثير من القصص والأساطير منذ القدم ومعنى كلمة: (عيهن) أي عيون الماء المتعددة، وتعني كلمة (مصبيحه): الشيء الذي يظهر فجأة مع بزوغ الفجر على غير وجود سابق له. 

 

 ووفقا للعامري: تشكل عيهن مصبيحه مجموعة من العيون المائية التي تنفجر أسفل الجبل الممتد الذي يضلل منطقة القيسو ويحجب الرؤية عن مديرية قلنسية من ناحية الجنوب وعلى أثر ظهور هذه العيون تمت زراعة الكثير من النخيل ذات الأنواع الفريدة التي تعد مصدرا أساسيا في انتشارها في عموم سقطرى ولاتزال بعض الأنواع حصرية في عيهن مصبيحه أو قرية القيسو إلى اليوم. 

 

 ويضيف: السؤال الذي يتباذر إلى الأذهان من أين جاءت هذه الأنواع الفريدة التي لا توجد إلا في القيسو أو في قبيلة القيسي دون غيرها من مناطق سقطرى الزراعية.   

 

 وللإجابة عن هذا السؤال لابد لنا أن نشير إلى أن الكثير من أهالي قلنسية يعملون في مهنة الصيد منذ القدم وقد كانوا من أوائل من يمتلك البواخر الصغيرة التي يسافر عليها الناس من وإلى سقطرى في رحلاتهم العبادية (الحج) أو العلاجية أو السياسية والعلمية إلى المحافظات اليمنية أو الدول المجاورة أو الرحلات التجارية إلى الحبشة وغيرها كما كانت في قلنسية خاصة تعد من أبرز الموانئ الذي ترسوا فيه السفن في الذهاب والعودة في تلك الفترة. 

 

 ويشير إلى أن علاقات أهالي قلنسية بغيرهم من الدول والمحافظات الأخرى كانت أكثر من غيرهم وقد ربطوا علاقات مع غيرهم عبر المصاهرة والتبادل التجاري أو حتى عبر رحلات الصيد. 

 

وبين أنه من الطبيعي أن هذه العلاقات جلبت الكثير من العادات والتقاليد كما جلبت الكثير من أدوات التجارة ومن المزروعات المتنوعة وربما هذا هو السر وراء التنويع الفريد في نخيل عيهن مصبيحه ولا يقتصر التأثير على الاستيراد إلى قلنسية فقط بل هناك تصدير أيضا حيث تم توريد بعض أنواع النخيل إلى حضرموت وهناك نوع من النخيل يسمى السقطراوي مازال مشهور بتسميته إلى اليوم في حضرموت. 

 

 ويفيد: تعد منطقة قيسو قبلة للمساكين والجوعى في الجانب الغربي من سقطرى حيث أن 90% من مناطق وقرى هذا الجانب لا توجد فيها نخيل بخلاف الجانب الشرقي من سقطرى الذي تتواجد فيها النخيل في جميع القرى والمناطق وتعتمد بدرجة أساسية في غذائها على التمور بالإضافة إلى أرزاق الدواب. 

 

وأوضح أن سكان منطقة قيسو اشتهروا بالكرم فهم يتقاسمون نتاجهم من التمور مع الناس الوافدين إليهم من شتي المناطق الغربية المجاورة في موسم الخريف وظلوا محافظين على هذه العادة إلى اليوم. 

 

من جانبه يقول حسن القيسي شيخ منطقة قيسو: تتميز تمور ونخيل المنطقة عن غيرها، لوفرة المياه الدائمة الجوفية والموسمية، إضافة إلى العناية البالغة التي يوليها الأهالي لتلك النخيل”. 

 

وأضاف في تصريحات أن اعتناء المواطنين من أبناء قيسو بالنخيل أثر إيجاباً في جودتها، حيث تحوي المنطقة أكثر من 140 فلاحا لهم ارتباط وشغف بمهنتهم”. 

 

وأردف” النخيل تعني لنا القوة والصبر والعزة والرزق والتاريخ والرحمة؛ وننفق في حياتنا اليومية مما نحصده من إنتاجها”. 

 

ولفت إلى أن “الاهتمام بالنخيل جزء من تاريخ أسلافنا الذين كانوا يهتمون بها ويعتبرونها من أهم المنتجات، حيث ظلت حاضرة كوجبة أساسية على المائدة السقطرية ولا يستغني عنها المواطن”. 

 

وتحدث القيسي بأن” المواطنين يثابرون في زراعتها بتحد وتنافس بين أبناء المنطقه؛ وهذا أصل اهتمامنا ومحافظتنا على هذه الشجرة”. 


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية