آخر الأخبار

دعوة إلى تدوين الأدب والتراث السقطري

الخميس, 18 يوليو, 2024

يعاني المجتمع السقطري من ضياع التراث بسبب قلة التدوين سواء من عموم الكتاب أو خواصهم، أو من الموجهين رسميا من قبل السلطة.

ويتحرج الكتاب المبادرون أو يخافون من ذكر كثير من الأشياء التراثية المتعلقة بشؤون القبائل وعاداتها، وقد تعرض بعض الكتاب الذين حاولوا تدوين شيئا من التراث السقطري للمضايقات والإساءة والتشهير، مما اضطر آخرون إلى التوقف عن الكتابة في التراث القومي والقبلي السقطري.

ومن المعلوم أن كثيرا من التراث لابد أن يرتبط بالقبائل وشؤونها وعاداتها وتقاليدها، فإذا ما أهملنا كل شيء تعلق بذلك نكون قد أهملنا كثيرا من التراث السقطري العريق؛ ولذا لا بد من توضيح مهم بهذا الخصوص:


أولا: الكتاب الذين يتحرجون من ذكر بعض من التراث الحساس أو يخافون من مهاجمة الآخر ينبغي أن يفهموا أنه لا حياء في العلم، وأن الأدب مرآة تعكس الواقع بكافة إشعاعاته الحلوة أو المرة؛ فإذا ما استمر الكتاب في هذا التحرج وسيطر عليه هذا الخوف فلن يكتب شيئا.

ثانيا: الأشخاص الذين يهاجمون الكتاب لا يفقهون أهمية تدوين تراثهم ولو كان هذا التراث فيه شيئا من الإساءة أو الهجاء للقبيلة أو المجتمع والأشخاص، ينبغي أن يدركوا أن تدوين تراثهم يدل على عراقتهم وأصالتهم، ثم أنه قد يأتي من الكتاب من يبن حقائق تدفع الهجاء والقدح عن تلك القبيلة أو ذلك المجتمع.

وقد حدث ذلك في أيام العرب فقد كان هنالك حي من بني تميم يسمى أنف الناقة وكان أفرادها يتحرجون من وصفهم بآل أنف الناقة وقد أكثر الشعراء في النيل منهم والسخرية بمسمى قبيلتهم حتى قيض الله للدفاع عنهم الحطيئة الشاعر المشتهر بالهجاء فانبرى يدافع عنهم فقال:
قوم هم الرأس، والأذناب غيرهم ... ومن يسوِّي بأنف الناقة الذنبا.. فكانوا يفخرون بذلك ويعتزون به ويكثرون من ترديده.

من وجهة نظري أنه بدل من أن يتهامس الناس بهجاء قبيلة ما، عليهم أن يدعوا المجال ليكتب عنهم وليوضحوا هم أسباب ذلك الهجاء أو ليفندوا كل هجاء موجه ضدهم، ثم أن ذلك القدح قد يكون صادرا من عدو أو حاقد أو ضعيف لم يقو على مصارعة تلك القبيلة فلجأ إلى الهجاء.
 

وحين يكثر الأخذ والرد على مسمى معين أو لنقل على لفظ ما فإن ذلك خدمة للتراث وحفظا للمسمى القبلي من الاندثار، وقد وجدنا أن كثيرا من كتب النقد وتدوين أشعار العرب ودراستها ونقدها جاءت بعد نفي طه حسين لكثير من الشعر الجاهلي ورفضه، ومن ضمن من نفى عنهم قول الشعر اليمنيين في العهد الجاهلي، وحين انبرى كتاب فضلاء دللوا ثبوت كثير من أشعار العرب وبرهنوا بالذليل كثير من الشعر اليمني في تلك الحقبة فهذه خدمة قدمها طه حسين للأدب العربي واليمني عن طريق الإثارة.

وفي هذا الصدد أذكر أن المجتمع السقطري سابقا كان يستفز من بعض الكتاب الذين يذكرون أن سقطرى كان أكثر سكانها نصارى، ولكن حين وضح أحد الكتاب ميزة هذا الوصف، وأن ذلك يدل على أنهم أهل حضارة وديانة سماوية منذ القدم تقبلوا الأمر.


*المقال خاص بالمهرية نت*