آخر الأخبار
لماذا أوقفت الحكومة الشرعية قرارات البنك المركزي؟( تقرير خاص)
البنك المركزي اليمني في عدن
الخميس, 25 يوليو, 2024 - 01:19 مساءً
أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، -الثلاثاء الماضي- عن اتفاق الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية.
وأفاد في بيان بأن:" نصًا مكتوبًا تسلمه من الطرفين يتضمن إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، والتوقف مستقبلا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة، واستئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً أو بحسب الحاجة".
وتضمن البيان " عقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها الشركة، والبدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناءً على خارطة الطريق.
ورحبت الحكومة اليمنية بما ورد في إعلان المبعوث الخاص للأمم المتحدة بشأن إلغاء القرارات الأخيرة بحق عدد من البنوك والقطاع المصرفي، واستئناف الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء الدولي، وتيسيرها إلى وجهات أخرى حسب الحاجة، مستشعرة المعاناة التي قد يتلقاها المواطنين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي".
ويأتي هذا التراجع من قبل الحكومة الشرعية بعد سلسلة ضغوطات تعرضت لها من قبل المبعوث الأممي، والسعودية، جراء التهديدات المستمرة من قبل جماعة الحوثي تجاه السعودية، بقصف المطار والعديد من المناطق فيها، وتحت إطار مبرر الأزمة الإنسانية التي قد يتعرض لها السكان في منطقة جماعة الحوثي بحسب مراقبين.
وبسبب هذا الترحيب من قبل الحكومة الشرعية والموافقة على إيقاف القرارات الصادرة من البنك المركزي في عدن ، وتقديم تنازلات بفتح مطار صنعاء لجماعة الحوثي، فقد الكثير من السكان في المناطق الواقعة تحت سيطرتها الثقة والأمل في تعافي الاقتصاد، خصوصا مع فشلها في العديد من المفاوضات السابقة كاتفاقية ستوكهولم وملف الأسرى.
وفي وقت سابق كان اليمنيون متفائلين بالقرارات التي اتخذها البنك المركزي بمحافظة عدن في تاريخ 30/مايو الماضي، بوقف العديد من البنوك المخالفة لقرارات البنك، وحظر العملة القديمة، وانتابهم الأمل في تحسين الاقتصاد اليمني وتوحيد العملة المحلية.
وخرجوا خلال الأسابيع الماضية في مظاهرات مؤيدة لتلك القرارات، ويطالبون الحكومة الشرعية، بالاستمرار عليها؛ لكنهم تفاجؤوا يوم الثلاثاء الماضي بتراجعها عن القرارات، تحت مبرر الصعوبات التي قد يتجرعها السكان في مناطق الحوثيين، واستاءوا بشكل كبير من تجاهلها لأوضاعهم الصعبة، والتي يتجرعونها منذ 2019م جراء استمرار تدهور العملة في مناطق سيطرتها.
بهذا الشأن، يقول عبد الواسع الفاتكي، صحفي ومحلل سياسي، إن:" المواطنين في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية تفاجؤوا بعدولها عن قراراتها السابقة المتعلقة بالشأن الاقتصادي والتي أيدتها جماهير غفيرة من اليمنيين في مظاهرات حاشدة جابت عددا من المدن اليمنية كمأرب وتعز والمخا".
وأشار الفاتكي في حديثه مع (المهرية نت) إلى أن " ضغوطا كبيرة تعرضت لها السلطة الشرعية، إقليمية ودولية نجحت في تراجعها عن قراراتها الأخيرة وألقت بثقلها لثني الشرعية عن المضي في بسط سلطتها على السياسة النقدية بمبرر تجنب مزيد من تأزيم الوضع الإنساني في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية وهو المبرر ذاته الذي يستخدمه المجتمع الدولي والأمم المتحدة والإقليم لإنقاذ المليشيات الحوثية من أي مأزق أو ضغوط تتعرض لها".
وأكد "الفاتكي" بأن" مستقبل الوضع الاقتصادي والمصرفي ضبابي وربما يشهد تأزما ينعكس على سعر العملة الوطنية لا سيما وأن الأوضاع تتجه نحو مزيد من التشابك الاقتصادي بين السلطة الشرعية ومليشيات الحوثيين خاصة وأنه لم يتم حتى الآن إنهاء تشطير العملة الوطنية واستئناف تصدير النفط وضمان عدم تدخل المليشيات الحوثية في القطاع المصرفي واستمرار تصرفها بإيرادات ميناء الحديدة خلافا لما تم الاتفاق عليه في اتفاق ستوكهولم".
*تدخل التحالف العربي والأمم المتحدة
بدوره، يرى الباحث السياسي" عبد الحميد المجيدي" أن:" تراجع الحكومة اليمنية عن تلك القرارات وإيقافها يعود إلى أمرين: الأول : تدخل التحالف في القرار اليمني مباشرة وإلغاء كل القرارات التي تصب في مصلحة اليمن واليمنيين على حد سواء، والتعويل على التحالف هنا ضرب من الخيال فهم يبحثون عن مصالحهم أولا".
وأضاف لـ" المهرية نت" أن الأمر الثاني تدخل الأمم المتحدة والمجتمع الغربي عامة لدعم مليشيات الحوثي ودعم سلطتها وسيطرتها وإضعاف الشرعية بشكل عام وهذا الأمر وسابقه ليس بجديد علينا في كثير من القضايا الوطنية المصيرية التي حدثت على مدى عشر سنوات".
وأفاد بأن " الاقتصاد يمثل عصب الحياة بشكل عام للدولة والكثير من الدول تتبنى الجانب الاقتصادي؛ لكن الغريب في الحكومة اليمنية أنها سلمت هذا الجانب المهم في حياة الناس لجماعة الحوثي منذ بداية الحرب وإلى يومنا هذا".
وتابع "حينما أصدر محافظ البنك المركزي اليمني تلك القرارات التاريخية استبشر بها اليمنيون بمختلف توجهاتهم وفي كل المناطق وكان أكثر المستبشرين بتلك القرارات المواطنون الخاضعون تحت سيطرة جماعة الحوثيين".
وأوضح أن" التراجع عن تلك القرارات مثل خيبة أمل للشارع اليمني بشكل عام، والذي كان ينتظر تلك القرارات بفارغ الصبر لأجل اللحمة الاقتصادية اليمنية وتوحيد العملة بين صنعاء وعدن".
وواصل "هذا التراجع لن تختفي نتائجه وأثاره على المدى القريب العاجل للشعب اليمني لأنه يكرس في تمزيق الاقتصاد الذي تحمل آثاره ونتائجه المواطن اليمني الذي دفع دم قلبه ثمنا لتلك السياسات الخبيثة في تقطيع روابط الاقتصاد اليمني".
وأشار إلى أن "هناك سلسلة من المواطنين غيبوا بين الموت والنفي والاستبعاد من الحكومة تماما وهم كثر وهذا يجعل الصوت الوطني الحي يخفت ويتلاشى مع مرور الزمن نتيجة تلك النكبات والخيبات التي تمارسها الحكومة اليمنية بحق كل وطني شريف سجل موقفا شجاعا ضد المليشيات أو التدخل الخارجي".
ولفت إلى أن" الوضع الاقتصادي ومستقبله مع الأسف الشديد مرهون بالعامل الخارجي الذي لا يريد أي استقرار لليمن مطلقا، ولذا فالدور الإقليمي والدولي يعملان بقوة عن طريق الحكومة لتمزيق الاقتصاد اليمني".
ومضى قائلًا:" اليوم هناك وعي شعبي يتفوق على العمل الحكومي بمراحل ويدرك هذا الوعي تلك المخاطر المحدقة بالوطن والمواطن ويرفض قرارات الذل والخنوع التي تسلم مقدرات الدولة الاقتصادية لمليشيات خارجة عن الدولة".
*استجابة للأمم المتحدة
من جهته، يقول الصحفي "حمزة الجبيحي" إن:" الحكومة اليمنية أوقفت هذه القرارات استجابةً للمبعوث الأممي لأنها، عضو في الأمم المتحدة ولابد من أن تلتزم بقرارتها، لكنه يأتي في سياق التماهي الأممي والدولي المعتاد مع الحوثيين المتمثل بإنقاذهم دوما من أية قرارات تحد من تماديهم في الإضرار باليمن واليمنيين".
وأضاف "اتخاذ القرارات السابقة من البنك المركزي كان صحيحا من منظور اقتصادي، لأنه يهدف إلى وقف العبث الذي تمارسه جماعة الحوثي في القطاع المصرفي، لكن هذا التراجع أعطى الضوء الأخضر لاستمرارها بالعبث في القطاع المصرفي وباليمن برمته".
وأكد بأن "مستقبل الوضع الاقتصادي كارثي خصوصًا أن الاتفاق الأممي الأخير ينص على عدم اتخاذ اجراءات اقتصادية مستقبلًا تحد من تدهور العملة".
*ضغوط سعودية
في ذات السياق، يقول المواطن" محمد عبدالله" إن" التراجع الذي أقدمت عليه الحكومة الشرعية، بعد الضغوط المستمرة من السعودية، يخدم بشكل كبير جماعة الحوثي، فقد تحقق لها فتح مطار صنعاء واستغلال ميناء الحديدة وثبوت سعر العملة القديمة أمام العملات الأجنبية".
وأضاف لـ" المهرية نت" الاقتصاد في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، سوف يستمر بالتدهور، وحياة المواطنين المعيشية على حافة المجاعة بسبب محدودية الدخل لدى الموظفين وغياب فرص العمل للعاملين بالأجر اليومي وارتفاع سعر المواد الغذائية، وغياب المساعدات الإغاثية".
وتابع" كان اليمنيون متفائلين بشكل كبير في القرارات التي أقدم عليها البنك المركزي في عدن، والتي كانت ستسهم في تعافي العملة، لكن هذا التراجع من قبل الحكومة الشرعية، أتى بمثابة خيبة أمل على السكان القاطنين في مناطق الحكومة الشرعية".
وأردف" الأمر المضحك أن هذا التراجع أتى تحت مبرر الأزمة الإنسانية التي قد يتعرض لها المواطنون في مناطق جماعة الحوثي، أما نحن نعاني منذ عام 2019م من أزمات مستمرة ولم يقلق علينا لا المبعوث الأممي أو السعودية أو الحكومة الشرعية".
واختتم حديثة قائلا:" حسبنا الله ونعم الوكيل في التحالف العربي والأمم المتحدة، كونهما السبب الرئيسي في تلبية متطلبات الحوثيين، وترك المواطنين في مناطق الحكومة الشرعية يموتون جوعا".