آخر الأخبار
أوجاع الحرب تجبر الطلاب في اليمن على العزوف عن التعليم الجامعي! (تقرير خاص)
تراجع الاقبال على الجامعات اليمنية خلال السنوات الأخيرة
الجمعة, 28 أكتوبر, 2022 - 05:05 مساءً
عزف العديد من خريجي الثانوية العامة في اليمن خلال الفترة الأخيرة عن الالتحاق بالتعليم الجامعي جراء الأوضاع المعيشية الصعبة التي خلفتها الحرب منذ أكثر من ثماني سنوات.
وبات ملحوظًا شكاوى الطلاب من مشاكل متعددة أجبرتهم على ترك التعليم الجامعي أو تأخير الالتحاق فيه، أملًا في حل الأوضاع العامة الصعبة التي تعاني منها البلاد.
وتقول الباحثة الاجتماعية إفتخار عبده "إن عزوف الطلاب عن التعليم الجامعي ازداد في الفترة الأخيرة وهذا يرجع لأسباب عدة لعل أبرزها هو الوضع المعيشي الصعب الذي فرضته الحرب على اليمنيين عامة".
وأضافت عبده لـ "المهرية نت" ارتفعت الرسوم الجامعية وارتفعت التكاليف التي تقع على عاتق من سيلتحق بالتعليم الجامعي وخصوصًا لدى الطلاب القادمين من الأرياف الذين هم بحاجة إلى سكن يأويهم- قبل كل شيء- خلال فترة الدارسة الجامعية ".
وأردفت" كل هذه المتطلبات تقف عائقًا كبيرًا وحجرة عثرة أمام مواصلة التعليم الجامعي الكثير من الطلاب فاليوم الاهتمام الأكبر يكون عن كيف يمكن لهذا الذي أكمل دراستهم الثانوية، كيف يمكن أن يعيل أسرته ".
وتابعت" عزف الكثير من الطلاب عن مواصلة تعليم الجامعي وانخرطوا في سوق العمل باحثين عمَّ يسد رمقهم وأسرهم المنتظرة منهم شيئًا جميلًا ".
وواصلت" لم يعد للتعليم مذاق وأهمية خلال سنوات الحرب؛ لما يظهر لدى الكثير من الموظفين الذين حرموا من وظائفهم والذين حرموا من مرتباتهم وعاد أغلبهم للعمل بالأجر اليومي كل هذا جعل الطلاب يقولون في أنفسهم، حتى وإن تعبت وتعلمت فلن يكون مصيري إلا عامل بالأجر اليومي ولما التعب؟! ".
وأشار عبده إلى أن" الكثير من الطلاب وأهلهم اليوم يرون التعليم مضيعة للمال والوقت خاصة وأنهم في أمس الحاجة للريال الواحد في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة. "
صعوبة الأوضاع المعيشية
يعزف الكثير من خريجي الثانوية العامة في مناطق الأرياف عن الالتحاق بالجامعات جراء عدم توفر من يعيلهم أثناء فترة الدراسة كون التعليم في المدينة يتطلب مسكنا وتغذية ومصاريف يومية.
الشاب رافد خالد (21 عامًا) خريج ثانوية عامة لعام 2020م، يروي قصة عزوفه عن التعليم الجامعي وذهابه للعمل نادلا في إحدى البوفيات إثر الأوضاع الصعبة التي تمربها البلاد منذ سنوات عدة.
وقال في تصريحات أدلى بها ل" لمهرية نت "إنه:" تخرج من التعليم الثانوي في مدرسة الفوز عاما (2020م 2021م) مع ثمانين طالبًا وطالبة ولم يلتحق في التعليم الجامعي منهم إلا بضعة طلاب لا يتجاوز عددهم أصابع اليدي الواحدة فقط ".
وأضاف" لم أستطع الالتحاق بالجامعة في العام السابق ولا هذا العام جراء الأوضاع المعيشية الصعبة، ولما يتطلبه التعليم في المدينة من غذاء وسكن ومصاريف يومية ".
وتابع" حاليا أعمل نادلًا في بوفية، وبرفقة صديق لي من أيام الدراسة ويتسلم كلا منا (80 ألف ريال شهريا) وهو مبلغ نستطيع من خلاله توفير المواد الأساسية لأسرنا ".
وأشار إلى أن" الكثير من الدفع السابقة التي تخرجت من الثانوية العامة بمدرستي، لم يلتحق منهم أي طالب كون مستوى دخلهم المعيشي ضعيفا جدا، يجبرهم على البحث عن أعمال ومهن يتعلمونها أو الذهاب إلى جبهات القتال ".
ومضى قائلًا:" نتمنى أن يعم الاستقرار والأمن في بلادنا، وأن يتوفر تعليم جامعي مجاني مع مساكن بأسعار رخيصة، كون أقل سكن جامعي يتطلب من الطالب في السنة رسوم (160ألف ريال) على الأقل والأسر لا تستطيع أن توفر لقمة العيش لأبنائها فأنى لها القدرة على تدريس أبنائها ".
التخرج دون وظيفة
بسبب تخرج العديد من طلاب الجامعات دون الحصول على وظيفة هذا الأمر ولَّد لدى الكثير من خريجي الثانوية العامة رغبة العزوف عن التعليم الجامعي، والذهاب إلى سوق العمل وتعلم مهن مختلفة يوفرون بها رمق العيش لأسرهم أفضل من تضييع الوقت والخروج دون وظيفة.
يقول الشاب عاصم البكاري (24 عامًا) إن: "كثرت الطلبة المتخرجون من الجامعات دون الحصول على أية وظيفة ولدت لي قناعة في الذهاب إلى خارج الوطن للبحث عن عمل يسد به رمق العيش".
وأضاف لـ " المهرية نت " أكملت دراسة الثانوية العامة عام 2018م بمدرسة التصحيح الثانوية، وكان لدي طموح أن ألتحق في الجامعة ودراسة هندسة ميكانيكية؛ لكنه طمر هذا الشغف بسبب الحرب، بالإضافة إلى تخرج الكثير دون وظائف، وتفاقم الظروف المعيشية ".
وتابع" حَالِيًّا أعمل في أرض المهجر (السعودية) بمهنة الخياطة وأستلم مقابل ذلك 2000 سعودي شهريا وهو مبلغ من خلاله أستطيع توفير مقومات العيش لأسرتي وأن أكون لي مصدر عمل للمستقبل ".
وأشار إلى أن" الكثير من الطلاب في المدن كانوا يحلمون بالتعليم الجامعي ونيل الشهادة، لكن ارتفاع الرسوم الجامعية، وكذلك تخرج الكثير من الطلاب عالة على المجتمع، اضطروا إلى العزوف عنه، والعمل في مهن مختلفة يوفرن بها لقمة العيش عوضًا عن تضييع الوقت في التعليم ".
انعكاس سلبي
عزوف الطلاب عن التعليم الجامعي سبب انخفاضا كبيرا في نسبة الإقبال في الجامعات ولا سيما في محافظة تعز (عاصمة الثقافة) انخفض عدد الطلاب المقبلين للجامعات بشكل مهول عن الأعوام الماضية مخلفا إغلاق العديد من الأقسام.
يقول الدكتور" رياض العقاب (نائب رئيس جامعة تعز لشؤون الطلاب) لـ "المهرية نت" إن: "جامعة تعز خلال الأعوام الماضية كانت تستقبل ما يقارب (95 %)، وفي الوقت الحالي لا يتجاوز الاستقبال نسبة (10 %) في بعض الكليات والفروع وقد يسبب ذلك انعكاسًا سلبيًا لإغلاق العديد من الأقسام التي لم تصل إلى العدد المناسب الذي يمكن من الاستمرار العملية التعليمية".
وأضاف "على سبيل المثال كلية التربية كانت تستقبل الطلاب في كافة الأقسام من (120 إلى 1300) طالبٍ أما الآن الملتحقين فيها خلال هذا العام (185طالباً) وبالنسبة المئوية لا يتجاوز عددهم 15 % عن الأعوام الماضية."
وتابع "عزوف الطلاب على الالتحاق بالجامعات يعود إلى عاملين رئيسيين هما الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات المتسببة في تدهور الاقتصاد وكذلك انخفاض مستوى الدخل لدى أُسر الطلاب والطالبات".
بدوره، يقول الصحفي "أسامة الكُربش، إن:" الجامعات شهدت تراجعًا كبيرًا بنسبة الملتحقين من خريجي الثانوية العامة هذا العام؛ بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها الخريجون وأسرهم ".
وأضاف لـ " المهرية نت "عزف العديد من طلاب المدن عن التعليم الجامعي كون الرسوم والمواصلات والمستلزمات الدراسية ارتفعت إلى الضعف عن الأعوام الماضية".
وتابع "بالنسبة لطلاب الأرياف فهم لا يستطيعون الالتحاق بالجامعات كونها تتطلب منهم سكنا وغذاء ومستلزمات دراسية، تقدر نحو ثمانمائة ألف ريال على الأقل في العام الواحد وهذا مبلغ لا يستطيع الطالب أو أسرته توفيره إطلاقا".
وأكد بأن "عزوف الطلاب عن التعليم سيؤثر على مستقبل المجتمع اليمني وستسود الأمية والجهل فيه من جديد".
واختتم قائلًا "قبل الحرب كان الطلاب يهتمون بالتعليم بشكل كبير ويلتحقون بالجامعات كون التوظيف كان مستمرًا، وكذلك الظروف المعيشية مستقرة، أما الآن كل شيء بات مرتفع أضعاف مضاعفة عن ذلك الوقت".