آخر الأخبار

ثقافة التقليل من شأن المرأة يجب أن تنسى

الجمعة, 23 فبراير, 2024

اعتادت بعض الشعوب العربية على أن تحصر المرأة في زاوية معينة وهي المنزل، هذه ثقافةٌ سائدة في الأوساط،  ترى أن المرأة ينبغي عليها ألا تغادر منزلها لسبب أو لآخر، وأن تظل حبيسته تتردد  بين غرفة  وأخرى، من العمل في المطبخ إلى ترتيب البيت والاهتمام بالأولاد في مأكلهم ومشربهم ولا شيء غير ذلك.

لا أقول إن هذه ثقافة سيئة للغاية وأن المرأة ينبغي عليها أن تتحرر من كل هذا، ولكن الأجمل لو تُركت لها  فرصة لتظهر إبداعها في مجالات أخرى دون أن يُنظر لها بعين  الاحتقار والاستهجان، فمن المعروف بطبيعة الحال أن المرأة في مجتمعنا اليمني  تتميز بالحشمة وهذه سجية تميزها عن غيرها من النساء في الكثير  البلدان العربية الأخرى.

المرأة هي معينة للرجل وهي سنده في هذه الحياة ولقد أظهرت الأزمة اليمنية منذ اندلاعها   كيف أن المرأة أثبتت وجودها وبجدارة كبيرة، كيف حولت المحن إلى منح وركبت الأمواج مخاطرة بحياتها لتنقذ أسرتها من وحل الفقر والجوع، وقد نجحت نساء لا حصر لهن في تحويل الخوف إلى آمان والجوع شبع، والقلق إلى سكينة واستقرار.

ليس بمقدور المرأة أن تعمل أعمالًا شاقة، هذا أمر  طبيعي  لا ينكره أحد، وطبيعة المرأة وبنيتها الجسدية لا تسمح لها  بذلك، لكن هذا لم يقف حائلًا أمام الكثير من النساء اللاتي تركن الدلال وخضن غمار تجارب ما كان أحد ليتوقع أن تخوضها،    اليوم في اليمن توجد المهندسة والمعلمة والطبيبة  والمربية والتاجرة وصاحبة المطعم،  وتوجد الكاتبة والناقدة والرسامة، المجالات التي خاضت غمارها  المرأة كثيرة،  والأجمل من هذا أنها  تحقق نجاحًا مبهرًا في كل مرة تقدم فيها على تجربة جديدة، فلم يعد الأمر محصورًا بعمل المرأة في البيت أو في الحرف اليدوية فقط.

قد يرى البعض أن حديثي هذا يدعو إلى انفتاح المرأة بالشكل الذي لا يتناسب مع الدين والأعراف والتقاليد اليمنية، ولكنني فقط مع ألا تقيّد المرأة لمجرد أن الثقافة السائدة لا تسمح لها بالعمل أو أن الناس يضحكون على ذلك، تستطيع المرأة أن تعمل في مجالات كثيرة وهي في الوقت نفسه محافظة على مبادئها وقيمها،  وهي في الوقت نفسه محافظة على أسرتها وبنائها البناء الصحيح، فقط لو أن هناك من يقف إلى جوارها ويشعرها أنها  أهل  لهذا  وأنها تمتلك قدرات كثيرة ينبغي عليها أن تُسَخرها فيما ينفعها وينفع أسرتها ومجتمعها.

الشعوب العظيمة  هي التي تعطي الفرد حقه في الحياة،  وتزرع الثقة في كل عضو في المجتمع سواء كان ذكرًا أم  أنثى،  وبالتالي تتكاتف الجهود  ويتم البناء السليم للمجتمع...   ما أجمل أن تكون زوجتك وأم أولادك حاملة للشهادة الفلانية،  وتعمل في المجال الفلاني، أن يرى أطفالك الهمة الموجودة فيكما وأن تكونا  قدوتهما في بناء أسرة متعلمة مثقفة عاملة، ما أجمل أن تُفتح المؤسسات النسوية العاملة التي تنافس بإنتاجها ما تنتجه المؤسسات الذكورية وبالتالي تكون المنافسة على الإنتاج والحديث يكون  حول النجاح...  لا معارك لسانية حول خروج فلانة من الناس وعمل فلانة، كونوا أكثر وعيًا ولا تلتفتوا لسفاسف الأمور فإن من يغرق في سفاسف الأمور كمن يضيع في كومة كبيرة  من الهشيم؛ قليلٌ  من النار يكون كفيلًا بأن يحرقه ويصبح رمادًا تذروه الرياح.

كونوا أصحاب عقول سليمة،  عقول تفكر بالبناء والإعمار، ولا تكونوا  معاول هدم وسكاكين  لقطع حبال الود بين الأسر والمجتمعات، الثقافةُ التي تقلل من شأن المرأة ينبغي أن تنسى؛ بل ينبغي أن ترمى في أدراج الإهمال والتغاضي؛ هذا إذا كنا نريد بناء مجتمع ناجح.


* المقال خاص بالمهرية نت*

المزيد من إفتخار عبده