آخر الأخبار

تعلموا الصبر من وائل الدحدوح!

السبت, 13 يناير, 2024

رجلٌ  بثبات  أمة ومثالٌ  ينبغي أن يحتذى به من قبل الجميع، وائل الدحدوح الصحفي العظيم، حامل القضية الفلسطينية، والناطق بما يحدث في غزة.

لقد أظهرت لنا أحداثُ غزة رجالًا عظماء ما كنا لنتخيل وجودهم في واقعنا على الإطلاق، كأنهم أبطال رويات من نسج الخيال، أو هم عظماء كتب عنهم التأريخ لنتصورهم في مخيلاتنا بهذا الشكل، لم يكونوا كذلك؛ لكنهم في الحقيقة عظماء وجدوا في أرض غزة، تربوا على العزة  والكبرياء، رضعوا الكرامة والشهامة والإباء مع حليب أمهاتهم، وتربوا وهم يحملون الهمم الكبيرة، ثم ترعرعوا على ذلك فأصبحوا جبالًا كما نراهم اليوم، ونتابع  تضحياتهم المتتالية وثباتهم العظيم.

وائل الدحدوح،  أحد هؤلاء الأبطال، إنه رجل صاحب قضية، يحمل على عاتقه همم الصحابة وثباتهم، لديه عزيمة كبيرة لا تهدها الأحداث الموجعة وإن تتالت، فقد أربعةً من أفراد أسرته مرة واحدة، فقد  رفيقة الدرب وأم الأبناء والأحفاد، وإلى جوارها ابنه وحفيده وابنته، هل هناك ما هو أوجع من هذا وأمر؟!.

الموت موجعٌ  جدا، ألمُ الفراق لا يطاق، فكيف إذا كان موتًا يأخذ عددا كبيرا من الأحباب؟! هل لهذا المصاب من قدرة تحمل؟، كيف قابل الدحدوح ذلك؟، لقد كان صبره وثباته أكبر من أي شيء آخر،  لم يظهر الانهيار على الرغم من أن قلبه يتقطع حرقة وألمًا، لم يبد سخطه مما يحدث على الإطلاق، إنه رجل يحمل في قلبه الإيمان،   الإيمان الذي يثبته أمام عواصف الأحزان  التي تكاد أن تفتك به.

عندما رأى الدحدوح أحبابه موتى مضرجين بالدماء كان له موقفه الذي  لا ينسى، قال قولته الشهيرة" ينتقموا منا في الاولاد!، معلش" لقد كان يواسي نفسه في تلك اللحظة، يعطيها جرعةً من المواساة في هذا المصاب الجلل، هو يعلم أنه صاحب قضية وأن قضيته  تتطلب منه الصمود والتحدي والوفاء؛ ولذا لم توقفه هذه الأحداث الموجعة؛ إذ سرعان ما يعود لعمله في نقل الحقيقة ونشر جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الأبرياء من أبناء غزة.

موت الأهل والأصدقاء وزملاء العمل، دمٌ  يسال من حوله باستمرار، أحداث تشيب لها الرؤوس،  تحدث أمام هذا الرجل وهو مستمر في الرصد والنقل، وفي التنقل من مكان لآخر مشيا على الأقدام ذهابًا وراء الحقيقة وإظهارًا لها، لم يدعه الاحتلال وشأنه؛  لكنه يتعرض لمحاولات اغتيال كما يتعرض لها زملاؤه، أصيب بجروح عميقة لكن تلك الإصابات لم توقفه حتى ليستريح، كما يقال" استراحة محارب" فلا توجد في قاموسه هذه الجملة، إذ   لا راحة ولا استقرار، إنه عمل متواصل وتضحيات مستمرة، كانت آخرها استشهاد ابنه الأكبر رفيق الروح، الذي وصفه بقوله" كان كلي" كيف سيكون الإنسان إذا ما مات نصفه؟ فما بالكم بوائل هنا وهو يخبر العالم بأن من مات لم يكن جزءًا منه؛  بل كان كله! كيف سيكون مثل هذا؟!.

إنه حتى في هذا المصاب الجلل الذي أفقده ابنه الأكبر بدا صابرًا ومحتسبًا، يرى انهيار بناته أمامه، يرى جثة حبيبه الذي كان بالأمس يخاطبه ضاحكًا، الموت  يحيط به من كل مكان، وعلى الرغم من ذلك كله، كان مثالًا للرجل الصابر، الرجل المكابر المحتسب... تعلموا الصبر من وائل الدحدوح فهو مثال للصبر في هذه الحقبة الزمنية التي كثر فيها السخط، كونوا وائل لتكون الأمة قوية بكم.

*المقال خاص بالمهرية نت*

المزيد من إفتخار عبده