آخر الأخبار
مجلس القيادة الرئاسي الجديد في اليمن.. بين إرث الماضي ومتطلبات الحاضر
مع كل تحول سياسي تظهر وجوه جديدة تكون رافداً لصناعة السلام، فخلال التاريخ السياسي في اليمن تظهر هذه الوجوه كمؤشر على رغبة السياسيين في بناء مستقبل أفضل.
وقبل الحديث عن مجلس القيادة الرئاسي نستعرض العوامل التي ساهمت في نشأة هذا المجلس بقيادة الدكتور رشاد محمد العليمي.
تولّى هادي السلطة عام 2012 كمخرج لليمن من أزمته السياسية، وذلك وفقا لمبادرة مجلس التعاون الخليجي، إلا أن رياح التغيير جاءت معاكسة، حيث دخلت اليمن في صراع، انتهى بسيطرة الحوثي على صنعاء.
أبرز محطات هادي
رغم إخفاقات هادي إلا أنه كان رمزا للشرعية اليمنية، فقد اعترف مجلس الأمن بسلطته في القرار رقم 2216 ليعزز من موقفه كرئيس شرعي، خاصة بعد استيلاء الحوثيين على صنعاء.
هادي.. وجماعة الحوثي
بعد سيطرة الحوثيين على عمران شمال صنعاء في يوليو عام 2014 هرع هادي نحو المحافظة في اليوم التالي من سقوطها وقال بأن المدينة عادت إلى حضن الدولة، ثم بعد شهر وجد هادي نفسه محاصرا وتحت الإقامة الجبرية.
أعلن هادي الحرب على الحوثيين وقال بأنه سيرفع علم اليمن في جبال مران، مسقط رأس زعيم جماعة الحوثي، إلا أنه وصل إلى الرياض قبل أن يرفع العلم في صعدة.
كما أعلن هادي الحرب على انقلاب الحوثي ولكن بقيادة المملكة العربية السعودية هذه المرة، كان ذلك في 26 مارس 2015، في المقابل أعلن صالح تحالفه العسكري مع الحوثيين، لكن ذلك التحالف بين صالح والحوثي كان هشا ولم يدم طويلاً، ففي 3 ديسمبر عام 2017 قتل صالح في صنعاء على أيدي الحوثيين.
سياسياً.. ظهرت عدة مبادرات لاحتواء الصراع، أهمها مبادرة الكويت، ثم اتفاقية استكهولم 2018، وسلسلة المفاوضات بالتوازي مع شراسة المعارك على الأرض.
ولأن ظروف السلام غير مواتية توسعت دائر الحرب، في مشهد هو الأكثر ضبابية وقساوة في تاريخ اليمن الحديث، أدخل اليمن مبكراً في العالم الآخر، حسب وصف مكتب وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، حيث شبه وضع اليمن بيوم القيامة.
هادي.. والمساعدين الدوليين
لقد توسعت دائرة الصراع في اليمن، فكانت جهود الأمم المتحدة هي تعيين 4 ممثلين لجهودها في اليمن وبدأت هذه الجهود عام 2012 وما زالت مستمرة حتى الآن.
مبادرات الرياض
الرياض هي راعية المبادرات اليمنية خلال فترة النظام الجمهوري، منذ المصالحة بين الملكيين عام 1970، أي أن الرياض قبلة السياسيين اليمنيين ولديها أرشيف من المبادرات وفن التعامل مع الشخصية السياسية اليمنية.
المجلس الرئاسي اليمني
قامت الثورة اليمنية عام 1962 والتي أطاحت بـ الإمامية، وحلت القيادة الثورية الوطنية محل السلطة الدينية والسياسية شبه المطلقة آنذاك.
كان مجلس قيادة الثورة مكون من ثمانية أعضاء، ترأس المجلس عبدالله السلال، وكان أول رئيس للجمهورية العربية اليمنية آنذاك، والمجلس الثاني في عهد الرئيس القاضي الإرياني.
بعد الإطاحة بالرئيس السلال، تشكل المجلس الجمهوري والمكون من ثلاثة أشخاص، لكن اللافت أن هذا المجلس كان من شخصيات مدنية.
المجلس الرئاسي الثالث في عهد إبراهيم الحمدي
عندما تولى الرئيس الحمدي السلطة علق العمل بالدستور، وأنشأ مجلس القيادة العامة للقوات المسلحة من سبعة أعضاء أي أنه عزز من صلاحيات مجلس القيادة (المجلس الرئاسي) تحت اسم مجلس قيادة الثورة أو القيادة العامة للقوات المسلحة.
أحمد الغشمي (أكتوبر 1977 – يونيو 1978)
في 11 أكتوبر 1977، أصبح أحمد الغشمي رئيسًا للبلاد واستمر المجلس السابق حتى يناير 1978، بعد ذلك تم إلغاء مجلس القيادة بنص دستوري، وأصبحت السلطة بيد شخص واحد.
المجلس الرئاسي للوحدة اليمنية عام 1990
نصّت اتفاقية الوحدة على تشكيل مجلس رئاسي من خمسة أعضاء يتم انتخابهم من البرلمان، كان ذلك في 22 مايو/أيار 1990.
صالح رئيسًا للمجلس، وعلي سالم البيض نائباً له، وبهذا أصبحت السلطة مقسمة بين الاثنين، ولكل منهما ميزانية وسلطة مستقلة عن الأخرى، ونظرًا لحساسية القادمين من الجنوب وقوة الحزب الاشتراكي تم تنظيم أول انتخابات، إلا أن هذه الانتخابات غيرت المعادلة السياسية نظرا للتحالف بين الإصلاح وحزب صالح، وبذلك بدأت معالم التوتر تزداد اتساعاً، خاصة بعد الانتخابات، ولم تنجح تسوية الخلاف السياسي بين الزعيمين اليمنيين آنذاك، فوقعت المواجهات العسكرية بين القوات الشمالية والجنوبية في أبريل/نيسان 1994.
مجلس القيادة الرئاسي في 2022
تشكل مجلس القيادة الرئاسي يوم 7 أبريل بالرياض وبرعاية مجلس التعاون الخليجي، مجلس القيادة شمل وجوها عسكرية ومدنية، ويتكون المجلس من ثمانية أعضاء برئاسة رشاد العليمي.
ينحدر أعضاء المجلس من الشرق والجنوب وهي شخصيات لها سجل حافل بالنضال، أي أن ممثل الشمال اليمني محافظتا مأرب وتعز ذات الثقل الثوري والعسكري والسكاني واللتان تصدتا للمشروع الحوثي.
وإذا عدنا إلى المجلس الرئاسي في عهد الرئيس القاضي الإرياني كان تكوينه من شخصيات مدنية تنحدر من تعز، أما مجلس اليوم فيبدو مشابها، إذ يوجد حضور قبلي شمالي في المجلس خاصة تلك القبائل التي كانت حاكمة لليمن خلال العهد الجمهوري أقصد حاشد وبكيل.
أما الدكتور رشاد العليمي فينحدر من تعز وهو ذا خلفية أكاديمية، حيث عمل أستاذاً في جامعة صنعاء، ثم مديراً لأمن تعز عام 1996- 2001، ثم وزيراً للداخلية ونائبا لرئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن.
هناك عدد من الملفات المعقدة في المشهد اليمني وهي على طاولة مجلس القيادة الرئاسي، ومن أهم تلك القضايا الانقسام السياسي والتشكيلات العسكرية غير المنسجمة، بالإضافة إلى وضع البلاد المتهالك وحالة الحرب غير واضحة المعالم،
بالإضافة إلى موقف المجلس من مشروع المجلس الانتقالي، والتشكيلات الأمنية المرتبطة به، وملف الاقتصاد والخدمات.
مجلس القيادة الرئاسي يعد أول عملية سياسية يمنية منذ انقلاب وسيطرة الحوثيين على صنعاء في 2014. ونجاح مجلس القادة يرتبط بتنفيذ المهام الموكلة إليه ومعالجته للأزمات المتعددة وتعقيداتها الأمنية والسياسية والاقتصادية، كما يرتبط نجاحه بالمواقف الإقليمية والدولية منه.
* المقال خاص بموقع " المهرية نت".