آخر الأخبار

من وحي الكوارث

الخميس, 16 فبراير, 2023

يتساوى الجميع في المُصاب عند الكوارث، لكن مصائب اليمن تفوق الكوارث الطبيعية بعشرات المرات، فتلك الكوارث الكونية على مرّ الزمان أقلها ضرراً من الزعماء السياسيين في اليمن، والذي كان في الماضي البعيد سعيدا!
 
في العصور القديمة غدت الكوارث أحد مظاهر الشر في العالم، وهي نظرية بدائية تصدى لها فلاسفة الإسلام، الذين توزعت إجاباتهم بين المنظور الفقهي والفلسفي، وهو ما عبّر عنه ابن سينا والفارابي وغيرهم.
 
وفي القرن السابع عشر حدث زلزال لشبونة، وبلغ عدد ضحاياه 50 ألفاً، وعدد لا حصر له من الجرحى، وأحدث جدلاً واسعاً بين الفلاسفة وغيرهم من رجال الدين، وكان أحد أطراف الجدل فولتير وروسو.
 
كتب روسو رسالة حول العناية الإلهية، تضمنت رداً قاسياً على فولتير بعد عام من حادثة لشبونة ينتقد لوحته الغارقة في التشاؤم والتي كانت بعنوان "كل شي على ما يرام “، ليقول إن الخسائر التي خلّفها الزلزال هي من مسؤولية الإنسان وحده.
 
وبين مسؤولية الإنسان عن هذه الكوارث وأقدار الله اتسع الجدل، خاصة آثار الدمار والحروب، ومستقبل الأجيال وأحلامها الضائعة؟
 
فمع الكوارث يظهر أرباب الوعظ، في محاولة لربط الكارثة بالغضب الإلهي! وهنا تحضر مقولة فولتير: اهرعوا وتـأملوا هذه الأطلال الرهيبة والأنقاض، والخِرق والرماد الحزين.

هؤلاء النسوة والأطفال المتراكمة جثثهم!

هل ستقولون عند رؤية هذا الركام من الضحايا: إن الله ينتقم، وإن الضحايا إنما يدفعون ثمن خطاياهم؟

أية خطيئة، وأي جرم لهؤلاء الأطفال الملتصقة أفواههم بالأثداء المسحوقة والدامية لأمهاتهم؟!
 
في تركيا لم ينتظر القادة السياسيون رثاء أحد، بل عاشوا مع الناس وعملوا معاً لإنقاذ الضحايا، أما البرلمان فقد أوصى رئيسه بالتبرع براتب شهر لصالح جهود الإنقاذ، على عكس ذلك موقف الساسة في بلداننا، حيث تسببوا وساهموا في كل الكوارث التي حدثت وتحدث، في دمشق، بغداد، صنعاء، وفي غيرها من حواضر العالم الإسلامي ركام، بفعل الساسة والفساد والإدارة لمؤسسات الدولة فيها.
 
وهي فرصة اليوم لدعوة مجلس النواب وغيره من المجالس المتعددة في اليمن للتبرع براتب شهر على الأقل، لشراء مواش للأسر في القرى لتربيتها والاستفادة منها ومن منتجاتها المختلفة!
 
لا نريد من هذه المجالس مشاركة الناس في جهود الإنقاذ من أخطاء التحالف أو من الأضرار والدمار والخراب الذي خلفته المليشيات، بل تخصيص مرتب شهر واحد من رئيس وأعضاء البرلمان والشورى لشراء الأبقار، وكذلك من أعضاء المجالس الأخرى..

حتما سيستفيد من مشروع الماشية ملايين الناس، فهل نلقى استجابة؟!

المزيد من د. شكيب صالح
فبراير وموسم الربيع
الإثنين, 06 فبراير, 2023
مليشيات دبلوماسية ...!
الخميس, 08 ديسمبر, 2022