آخر الأخبار

قتل الأحلام في زمن الحروب

الإثنين, 09 نوفمبر, 2020

على قارعة الطريق، هناك نفثنا أحلامنا الثكلى وجعًا، تركناها تلوك الحرمان،تنتظر الغياب تبحث في  الفراغ عن فردوسها المفقود عن المجهول الذي اختفى بعد ما كان ظاهرًا للعيان، عن الشيء الذي أصبح مع مرور الزمن فراغا كبيرًا.


تركناها تعاني من الوجع ذاته الذي نعانيه نحن أولا  وهو الضياع، الضياع في واقع كاد أن يقع في الهاوية أو قد وقع فيها مرارًا وتكرارًا وكلما حاول جاهدًا أن ينتشل ذاته منها تتكالب عليه المصائب لتوقعه مرة أخرى، من الحرمان الذي أصبح رفيقًا لنا حيثما حللنا ورحلنا، فهو الصديق الودود والعدو اللدود.


رمينا أحلامنا  على قارعة طريق المعاناة التي نعانيها مع مرور عقارب الساعة، فكلما خطت الساعة خطوة نحو الأمام خط لنا الوجع  سطرًا وسطرين لنكون نحن من يتلقي كل عناء وبلاء ومصائب.


تركنا أحلامنا لأننا لم نلقَ لها واقعًا يمكن أن يحقهها، أو يمكن أن يكون لها حضور فيه مع مرور الزمن، هذا الزمن الذي يسرع كثيرًا في مروره لكأنه هو الآخر صار متعبًا وقد مل من كل شيء حتى أنه أصبح يريد الوصول للنهاية.


النهاية الحتمية التي فيها الخروج من هذا الواقع وما فيه من أوجاع وطعنات كبيرة.


رمينا أحلامنا كما نرمي أشياء أتعبتنا، أتعبتنا بحملها الثقيل؛ لأن أحلامنا قد أتعبتنا كثيرًا وأرهقتنا ليالٍ طوال، أرهقتنا ونحن ننتظر تحقيقها، ننتظر أن ترى النور وتبتسم في وجوهنا الشاحبة.


 هناك بكت الأحلام دهرًا فتساقطت من وجنتيها آلافٌ من علامات الاستفهام المثخنة بالأوجاع، وآلافٌ من علامات التعجب المثقلة بالهموم الكبيرة والأوجاع التى تكبر بين حين وآخر أكثر وأكثر.


حدقت بنا كثيرًا فغرت فاها، توسعت عيناها حتى بدا من  عينيها  الوطن المتعب، بدا  تارة كطفل صغير، يحمل البراءة الكبرى، بيده وردة حمراء يلوح بها للمارين حوله يريد أن يحتضنه كل من مربه وبوجعه الكبير، أو أن يلقي عليه السلام، وتارة أخرى بدا كشيخ مسن أثقلت كاهله شقاوة الأولاد وطلباتهم غير المنتهية، أتعبه الزمن الذي عاش فيه كثيرًا  بيده عصا نحيلة قد أكلت الأرضة نصفها يتوكأ عليها عله يوازن جسده المنهار ليخطو خطوة نحو الأمام دون جدوى من ذلك كله.


هكذا يتخلى الكثير من الناس اليوم عن أحلامهم   التي طالما قضوا الليالي وهم يتفكرون فيها وفي تحقيقها وسبل الوصول إليها، تخلوا عنها حيمنا رأوا أن لا يمكن لهم  تحقيقها ولو بشكل من الأشكال، فكلما حالوا أن يحلموا قليلاً بأيام سعيدة خالية من الهموم يصفعهم الواقع بكل قوة حتى يردهم عن ذلك، فواقعنا اليوم لا يستدعي سوى التحلي بالصبر الكبير والرضا بالواقع كيفما كان.

المقال خاص بموقع المهرية نت

المزيد من إفتخار عبده