آخر الأخبار

الحزن الزائر المستمر لليمن منذ سنوات!

الأحد, 13 سبتمبر, 2020

كان يوما كئيبا عندما التقاه  في منتصف الشارع بين الزحام الشديد والشمس التي ترسل أشعتها غضبًا على الكثير من الباعة المتهورين الذين استغلوا الوضع ليزداد رصيدهم وحسب.

يدخل يده في جيبه ليخرح منه نقودًا أو ليوهم الناس أنه يمتلك النقود وليس خالي الوفاض كما يتهيأ لهم،  يسأل الباعة عن أسعار مايبيعون ويمضي دون اكتراث لجوابهم، فهو لم يسأل ليشتري وإنما ليقيس نبض البيع لا أكثر. 

علامات الحزن على وجهه تبدو أكثر بكثير من علامات الحزن التي نصادفها على بعض الوجوه، فالحزن هو الزائر الوحيد الذي يتكرر علينا خلال سنوات الحرب المؤلمة، لكنه ربما لم يفارق هذا الرجل، على ما يبدو ذلك من تصرفاته القلقة ونظراته للناس التي يشوبها الخوف والحذر والتعمق الكبير.

أراد أن يجري معه حوارًا عله يعرف القليل عنه أو قل ليعلم بعضًا من أو جاعه.
يقولون : إن من يتحدث عن همومه وأوجاعه يستريح قليلًا بمجرد البوح بها، وما لي ألا أسأله عن حاله؟!، هكذا قال في نفسه، وإن من يرى حزنًا كذاك لحاول جاهدًا أن يزيحه عمن لازمه ويحتسب الأجر على ذلك من العلي القدير.

 اقترب منه قليلًا ليتعرف عليه أكثر  فوجد الرجل منهمكًا بنظراته التي تمشط المكان ذهابًا وإيابًا لكأنه يريد حفظه لوحة لوحة ومحلا ومحلا أو لكأنه يريد أن يفك شفرات على تلكم اللوحات التي تملأ الشارع من حوله لا يراها إلا هو.

ألقى عليه السلام آملاً منه الرد على ذلك فديننا الإسلامي قد جعل رد السلام واجبًا، لكنه قوبل بابستامة ملؤها السخرية وإشارة باليد معناها بين قوسين (وعليك السلام أنت أيضا ياصديق).

 يا ترى مماذا يسخر هذا الرجل؟، أيسخر مني لأني  ألقيت عليه السلام؟ ومالعيب في ذلك ياترى؟.

وبينما كان في خضم اندهاشه فاجأه صوت ذلك الرجل- يخرجه من دوامة التفكير- وهويقول له: السلام لم يعد موجودًا على هذه الأرض والعدل أيضًا قد لملم شتاته وجروحه الغائرة ومضى، ألا ترى الناس هنا؟ تعمق كثيرًا ربما تقرأ الواقع على حقيقته، اقرأ الواقع بعقلك  اقرأه من الباطن لاتنظر لظواهر الأمور فالمظاهر دائمًا مخادعة يا رفيق.

مخادعة تمامًا كفتاة أعطت وعدًا لحبيبها بأن تكون له وما عليه إلا الذهاب لطلب الرزق والعودة لأخذها فيتفاجأ بالأخبار تأتيه إلى مقر عمله أنها قد أصبحت عروسًا لشخص آخر يمتلك ثروة مالية ورثها عن أبيه وجده. 
 
هكذا هو الواقع ولا وجهة نظر أخرى يمكن أن أراه فيها.

القوي يأكل الضعيف ويقضي عليه، حاول أن يقول له مواسيًا تفاءل لكنه قاطعه بقوله كلا لا تزيدني وهمًا على ما أنا عليه الآن فكل شيء أصبح رأي العين   لكني   أردت أن أحدثك قليلًا لعلك تفهم ما أريد قوله ثم ودعه.

ودعه وقد ترك فيه آلافا من الأسئلة التي تبحث عن إجابات لها ترك له آلافا من الهموم التي لم يكن يعلم بها بعد، تركه يضرب كفًا بكف ضيقًا من الوضع الذي يعيشه.

المقال خاص بموقع المهرية نت 

المزيد من إفتخار عبده