آخر الأخبار
المجلس الرئاسي ورسائل السلام.. هل عثرت السعودية على طريق الانسحاب من اليمن؟
رئيس المجلس الرئاسي في اليمن وولي العهد السعودي
السبت, 09 أبريل, 2022 - 01:18 صباحاً
بذات الطريقة التي اتخذتها للتدخل العسكري في اليمن في مارس/آذار 2015 عندما أعلنت أنها تستجيب لدعوة الرئيس اليمني الشرعي ، يبدو أن السعودية قررت الانسحاب من حرب اليمن تحت قناع الاستجابة لمخرجات جلسات تشاورية صورية للقوى السياسية اليمنية رعاها مجلس التعاون الخليجي والتي أفضت إلى تشكيل مجلس قيادة رئاسي لإدارة اليمن خلَفاً للرئيس اليمني الشرعي "عبده ربه منصور هادي" .
البيان الختامي للمشاورات التي تمت بين 29 مارس/آذار الماضي وسبعة أبريل/نيسان الحالي في العاصمة السعودية، والتي غاب عنها الحوثيون، ركز على الحل السياسي مفصحاً عما أسماه "فشل الحلول العسكرية"، وقبل ذلك كان إعلان التفويض الذي صدر -افتراضاً- عن الرئيس اليمني قد أوكل لمجلس القيادة الرئاسي مهمة التفاوض مع الحوثيين لإنهاء الحرب في البلاد، مشيراً إلى المتمردين بتسمية "أنصار الله" على نحو غير مألوف في لغة التحالف الذي تقوده السعودية .
مع ذلك فليست الخطوات الأخيرة من إيقاف المملكة لضرباتها الجوية ضد الحوثيين وتنصلها من عدائها لهم عبر تقديم نفسها ، بعد سبع السنوات من الحرب، كوسيط ، وصولاً إلى الإطاحة بالرئيس السابق "هادي" ونائبه "الأحمر" وإعلان المجلس الرئاسي هي أولى إشارات الانسحاب السعودي من اليمن ، فقد ظلت التقارير عن المفاوضات السرية بين "الرياض" والمتمردين الموالين لإيران تظهر على السطح تباعاً خلال السنوات السابقة .
عموماً ، تبقى الرغبة السعودية شيئاً والواقع شيئاً آخر ، بالنسبة لمحللين ، فالحرب مرهونة بشكل كبير بقرار من أشعلها بادئ الأمر وهم المتمردون الحوثيون ، بحسب المحلل السياسي " عزيز الأحمدي" .
" الإرهاق الذي نال السعودية في حرب اليمن يدفعها للبحث عن مخرج بأي طريقة دون أي اعتبار لمظهر وتماسك السردية التي قامت ببنائها منذ بداية التدخل حيث كانت تقدم تدخلها على أنه يأتي لإعادة تمكين الحكومة اليمنية الشرعية وردع المتمردين الحوثيين ، " صرّح الأحمدي للمهرية نت ." الآن تقول السعودية على لسان المتشاورين، وبلا أي حساسية تجاه هذا التناقض، أنها لم تكن تخوض حرباً دفاعية في اليمن كما يفصح عن ذلك الإقرار الغريب بفشل الحلول العسكرية" .
الرئيس اليمني كان قد أفصح عن طبيعة الشعور السعودي إزاء اليمن خلال آخر اجتماع له في السلطة بمسؤولي حكومته قبل أيام عندما وجه خطابه للخليجيين بشكل عام والمملكة بشكل خاص معرباً عن تفهمه للإرهاق الذي أصابهم بفعل التدخل في اليمن ومطالباً بمزيد من الدعم للشعب اليمني رغم ذلك .
ومما يبدو محسوماً بالنسبة للكثير من المتابعين حول التوجه السعودي الواضح للخروج من الحرب والنزعة لمهادنة الحوثيين ومن فوقهم إيران هو أن الأخيرين سوف يترجمون ذلك على أنه إشارة استسلام من قبل "التحالف"، وبالتالي دليل فاعلية خيارهم العسكري في تحقيق مكاسب سياسية، الأمر الذي سيفتح أمامهم باباً واسعاً لابتزاز المملكة مستقبلاً .
الباحث اليمني "أيمن نبيل" سلط الضوء على هذا السيناريو في مقال له معروض في حسابه على تويتر، معتقداً أن المسعى السعودي قد يضمن لها "خروج بماء الوجه من هذه الحرب الطويلة ... رغم عدم حسم الحرب ولا نفي التهديد الأمني الخطير على حدودها " ، ومرجحاً أن طهران ووكلائها لن يتركوا المملكة تخرج من مأزقها "بدون أثمان إضافية"
وبالنظر إلى ردة الفعل المباشرة للحوثيين من المجلس الرئاسي وتركيزه على الحوار و"استعادة السلام" فإن المسعى السعودي لن يصل في أحسن الأحوال إلى أبعد من تخفيف حدة الحرب مؤقتاً، ولكن بثمن فادح تمثل بالتضحية بالشرعية اليمنية ومنح الحوثيين أملاً إضافياً بإمكانية تحقيق مكاسب ميدانية على الأرض في مقابل أن تتمكن هي من إدارة رأسها بعيداً عن اليمن والتعامي عن خطورة الوضع لبعض الوقت .
وكان ناطق الحوثيين وكبير مفاوضيهم "محمد عبد السلام" قد أعلن بوضوح نية جماعته مواصلة حرب "التحرير الوطنية"، في إشارة إلى تطلعهم إلى مزيد من التنازلات، ورفض ضمني لمحاولة السعودية الاحتفاظ بقدر كبير من النفوذ في اليمن مقابل التخلي عن حربهم، وهو ما فُهم من الموقف السعودي الجديد .
ما حدث هو أن المملكة كشفت هشاشتها لخصمها بشكل مجاني "تابع الأحمدي، "هذا خطأ قاتل، وبشكل خاص عندما يكون الخصم مليشيا مكرسة للحرب وخاضعة بشكل كامل لقوة إقليمية وبلا عمق شعبي بحيث لا تتطلع إلى تحقيق مكاسب وطنية يعود بها عليها السلام بعد جولة حرب ظافرة " .