آخر الأخبار

مجلة أمريكية تستبعد نجاح القصف الأمريكي بثني الحوثيين عن دعم غزة (ترجمة خاصة)

رجّح الباحث أن يؤدي "وقف إطلاق نار دائم في غزة إلى حل المعضلة"

رجّح الباحث أن يؤدي "وقف إطلاق نار دائم في غزة إلى حل المعضلة"

المهرية نت - ترجمة خاصة
الأحد, 04 فبراير, 2024 - 06:31 مساءً

نشر مجلة (Newrepublic) الأمريكية مقالاً للباحث جونار أولسن، المتخصص في السياسة الخارجية الأمريكية، قالت فيه إن الفشل في أخذ مطالب الحوثيين بإنهاء الحرب في غزة على محمل الجد، يخلق كارثة في السياسة الخارجية.

 

وأضافت المجلة في المقال الذي ترجمه "المهرية نت": "عندما كان الحوثيون يتعرضون للقصف من قبل السعودية بمساعدة المخابرات والأسلحة الأمريكية الصنع، تباينت آراء النخب السياسية بشأن الحوثيين، بين الإعراب عن قلقهم عن الأزمة الانسانية الناتجة عن الحرب، وبين انتقادهم الحاد لممارسات الجماعة في السلطة، ناهيك عن علاقتها اللامتناهية بإيران".

 

وتابعت: "الآن وبعد أن تعرّضت الجماعة لثلاثة أسابيع من الغارات الجوية الأمريكية، وتم إعادة تصنيفها كمنظمة إرهابية، اتخذت الآراء والتعليقات لهذه النخب منعطفاً خطيراً، نحو تشويه خبيث للحقائق، وإعلان العداء الصريح".

 

وقال الباحث أولسن: "في حين أن الحوثيين صرّحوا مرارًا وتكرارًا أن هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر، نابعة من رغبتهم في الضغط على إسرائيل لإنهاء حرب الإبادة الجماعية في غزة، فقد بذل العديد من محللي تيار الوسط، وجناح اليمين المتطرف الغالي والنفيس لتجاهل وتقليل الدوافع المؤيدة لفلسطين لدى أنصار الله".

 

وتابع: "بخلاف هذه النظرية، يرى هؤلاء المعلقون أن أفعال الجماعة لم تأتِ إلا لتحقيق أهدافهم المحلية، بفرض أنفسهم كحكومة شرعية لليمن، متجاهلين حقيقة أن أنصار الله، كانوا على مرمى حجر من تنصيب أنفسهم كسلطة شرعية بعد نجاتهم من حرب وحصار وقصف جوي دام قرابة عقد من الزمن".

 

ويضيف: "يجادل هؤلاء المحللون بأن هجوم إسرائيل قدّم للجماعة الذريعة أو "حصان طروادة" كما يصفون، والتي مكّنت من خلاله الحوثيين لاستفزاز القصف الأمريكي، وتحويلهم إلى مناصري الضحايا، والشهداء الأبطال الذين يستحقون بجدارة كل التعاطف والدعم في جميع أنحاء اليمن، والعالم العربي الكبير"، وفق الباحث.

 

وتنقل المجلة عن المعلقين: "لابد أن قيادتهم قد حسبت بدقة، أن أي عدوان غربي على اليمن، لن يؤدي إلا لزيادة الدعم المحلي والإقليمي لجهودهم".

 

ومن خلال تمكين الحوثيين من "تحشيد الدعم المحلي الذي كان في تراجع"، فإن الرد العسكري المباشر من واشنطن هو "أكبر طموحاتهم" وكان "بالضبط ما أراده الحوثيون واستعدوا له"؛ يقول الباحث، ويضيف: "أو كما يحب أن يقول الباحث في الشأن اليمني غريغوري جونسون، الحرب غنيمة للحوثيين".

ويرى الباحث أن "مشكلة هذا التحليل تكمن في أن وجود دوافع داخلية للحوثيين لا يمنع التضامن الحقيقي مع الفلسطينيين"، وفي هذا السياق، لا يؤدي فصل أفعال أنصار الله في حرب إسرائيل على غزة إلا إلى تقويض حق المقاومة المشروعة لما اعتبرته محكمة العدل الدولية وصنّفته على أنه إبادة جماعية.

 

وقال عيسى بلومي، مؤلف كتاب "دمار اليمن"، لصحيفة "ذا نيو ريبابليك": "إن التركيز على السياسة الداخلية اليمنية هو أمر يائس وحزبي، ويصرف انتباه العالم عن غزة".

 

وأضاف عن أولئك الذين يصرّون على ترويج تضامن الجماعة مع غزة أنه لتعزيز مكانتها داخلياً: "إن من الحكمة ربط جهودهم طوال عشر سنوات، وتعرضهم لسلسلة من نفس الاتهامات، واللجوء إلى الإهانات والكيل بمكيالين في حقهم".

 

وبالمثل، فإن التقليل من أهمية تضامن أنصار الله مع فلسطين يتم تصويره وتقديمه على أنه نوع من أشكال الانتهازية الذكية - ووسيلة لاستعطاف المشاعر الجماهيرية المؤيدة لفلسطين في اليمن وفي جميع أنحاء العالم العربي.

 

ويقول الباحث: "في الواقع، فإن دعم القضية الفلسطينية هو من أدبيات حركة أنصار الله. وبغض النظر عن التأثير الإيجابي الذي أحدثته أفعالها على الصعيد المحلي، فإن موقفها المؤيد لفلسطين هو عقيدة بالنسبة لهم، كما قالت هيلين لاكنر، مؤلفة العديد من الكتب عن اليمن والمملكة العربية السعودية، لصحيفة ذا نيو ريبابليك".

 

وقالت إن قيادة وأفراد أنصار الله "ملتزمون التزاماً جادًا، وعميقًا بقضية فلسطين، ويشعرون بكرب شديد من الظلم الذي عانى منه الفلسطينيون لعقودٍ طويلة".

 

وأضافت: "كما تعتبر القيادة قضية فلسطين وإسرائيل في أولويات سياستها الخارجية، منذ إعلان إسرائيل كدولة عام 1948، إلى جانب معاداتها للولايات المتحدة". وبهذه الطريقة، مضى أنصار الله في طريق طويل من التضامن مع فلسطين بين مختلف الحكومات اليمنية المتعاقبة.

 

هناك طريقة أخرى لتقييم ادعاءات أنصار الله وهي النظر إلى التأثيرات المادية التي خلفتها اضطرابات البحر الأحمر على إسرائيل وحربها على غزة. إذا كانت أعمالها رمزية بحتة، فإن تهمة الانتهازية يمكن أن تكون مقبولة، بغض النظر عن معتقدات الحركة الراسخة لكن الحوثيين يدفعون بالفعل تكاليف حقيقية، ويبدو التأثير الاقتصادي على إسرائيل نفسها جديرا بالملاحظة ولكنه ضئيل إلى حد ماً؛ وفق الباحث.

 

وتابع: رغم أن ميناء إيلات على الحدود الجنوبية لإسرائيل شهد انخفاضًا بنسبة 85٪ في النشاط بحلول أواخر ديسمبر، فإن هذا الميناء، الذي يستورد في الغالب البوتاس وهو مكون رئيسي في الأسمدة، والسيارات الكهربائية الصينية، "يتضاءل حجمه مقارنة بموانئ إسرائيل على البحر الأبيض المتوسط في حيفا وأشدود التي تتعامل مع معظم تجارة البلاد "ويبدو نشاطها غير متأثر كما ذكرت "رويترز".

 

وقال خبير سلسلة التوريد براد مارتن لـ "الجزيرة" إن "تعطّل شحن البحر الأحمر، وحتى بعض شركات الشحن التي ترفض البضائع الإسرائيلية، لن يخضع إسرائيل على ركبتيها اقتصاديًا"، وهذا الضغط الاقتصادي-وفق الباحث- ضئيل للغاية ولا يجبر إسرائيل على تقديم أي تنازلات.

 

ومع ذلك، فإن الآثار العالمية للاضطرابات في البحر الأحمر قد تكون أكثر تأثيرًا على وجه التحديد بسبب قدرتها على استفزاز الداعم الرئيسي لإسرائيل، وهي الولايات المتحدة الأمريكية.

 

ويتابع أولسن: "في حين استهدف الحوثيون في البداية فقط السفن التي تملكها إسرائيل أو المتجه إليها، فقد وسّعوا هجماتهم لتشمل السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة بعد أن شنّت عليها هذه الدول غاراتها الجوية على اليمن".

 

ونتيجة لذلك، توقّفت معظم شركات الشحن الكبرى في العالم عن إرسال ناقلاتها عبر البحر الأحمر، حيث يمر 12٪ من إجمالي الشحن العالمي و 30٪ من السلع المصنعة.

 

وبحسب أحد التقارير، فإن ما لا يقل عن 90٪ من سفن الحاويات تغيّر مسارها حول الطرف الجنوبي لإفريقيا، مضيفة في المتوسط 10 أيام من السفر، ومليون دولار من تكلفة الوقود.

 

وانخفضت حركة المرور تقريباً إلى النصف في قناة السويس، التي توفر رسومها 10٪ من ميزانية مصر، وتزودها بالعملات الأجنبية الصعبة. ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار الشحن بشكل كبير، ولكن ليس بقدر ما حدث خلال ذروة الاضطرابات في سلسلة التوريد المرتبطة بفيروس كرونا؛ وفق المجلة.

 

وتضيف: "كما قفزت أقساط التأمين على السفن التي لا تزال تعبر البحر الأحمر بشكل هائل، وفي حين أن مدى تأثر أسعار المستهلك لا يزال غير واضحاً، فكلما تعطل الشحن لفترة أطول، زادت احتمالية إبطاء وتيرة انخفاض التضخم العالمي حاليا".

 

وبالنسبة لمصالح أمريكا، يمرّ حوالي 20٪ من جميع الشحنات المتجهة إلى ساحلها الشرقي وحوالي 20٪ من الملابس والأحذية المستوردة عبر البحر الأحمر.

 

بصرف النظر عن التأثير الاقتصادي المباشر، يمكن العثور على مصالح واشنطن الحقيقية في دورها كقوة عالمية مهيمنة، في سيطرتها البحرية على الممرات المائية، التي تعد إحدى الركائز الأساسية لنفوذها في العالم؛ حسبما يقول الباحث أولسن.

 

وتابع: "وفقاً لمركز التنمية العالمية، تنفق الولايات المتحدة ما يقرب من 60 مليار دولار سنويًا على حماية الممرات البحرية وحدها، وهو أكثر من الميزانية العسكرية الكاملة لعدة دول، لذلك عندما عطلت جماعة أنصار الله الشحن في شريان رئيسي للتجارة العالمية، فليس من المستغرب أن تتدخل الولايات المتحدة بصفتها مدافعًا عن رأس المال العالمي".

 

وقال: "باعتبار واشنطن الهدف الرئيسي، ربما يأمل أنصار الله أن تجبر هجماتهم في نهاية المطاف إدارة بايدن على الضغط على إسرائيل لكبح جماح عدوانها على غزة. وتبعًا لهذا الاستقراء، يمكن تشبيه أعمال الحوثيين في البحر الأحمر بالتعاطف، حيث يتم دفع طرف ثالث لإجباره على الضغط على الطرف المعتدى".

 

وتابع: "يفضل بايدن، الصهيوني الملتزم، تجنّب التعامل مع إسرائيل لوقف الحوثيين، فقد كان خياره الأول هو محاولة الحدّ من قدرة الحوثيين الهجومية من خلال غارات جوية متكررة، وهي خطوة لم تكلّف إدارته سوى القليل، إلى جانب إثارة بعض الشكاوى الإجرائية الفاترة بشأن إعطاء صلاحيات الحرب من قبل أعضاء الكونغرس".

 

واعتبر أولسن أن "المشكلة هي أن لا أحد، بما في ذلك بايدن نفسه، يعتقد أن هذه الضربات كانت فعّالة". ورد أن الإدارة "تضع خططًا لحملة عسكرية مستدامة" بدون وضع تاريخ نهاية لها في الاعتبار. يظل أثر ذلك غير واضح".

 

ويستدرك قائلاً: "لكن إذا نجت قدرة أنصار الله على تعطيل الشحن في البحر الأحمر رغم المزيد من القنابل الأمريكية، وإذا استمر تحويل مسار الشحن في فرض تكاليف حقيقية، فقد تبدأ إدارة بايدن في الشعور بأنه ليس لديها خيار سوى تغيير نهجها تجاه حرب إسرائيل. لن يساعد في هذا الجهد سوى الحكم الأخير الصادر عن محكمة العدل الدولية".

 

وقال: "بالنسبة للمعلقين الذين يرون أنصار الله مدفوعين بدوافع داخلية، فإن هذه السلسلة من الأحداث غير واردة"،.. إذا كان الحوثيون مهتمين في المقام الأول بإضفاء الشرعية على حكمهم، فإن إنهاء حمام الدم في غزة لا ينبغي أن يمنعهم من تعطيل الشحن في البحر الأحمر".

 

ووفقًا للباحث في الشأن اليمني غريغوري جونسون، "لا يمكن ردع الحوثيين"، ليس لأنهم ملتزمون بدعم القضية الفلسطينية، ولكن بالأحرى "لأنهم يريدون هذا الصراع، لأسباب إقليمية وداخلية على حدّ سواء ".

 

ومضى قائلاً: "جادلت الباحثة في شؤون الشرق الأوسط إليزابيث كيندال بأن الحوثيين ليس لديهم سبب حقيقي للتوقف" وكأنها تجهل تماماً احتمالية أن يؤدي وقف إطلاق نار دائم في غزة إلى حل المعضلة".

 

وتابع: "ذهب اثنان من الزملاء في معهد أمريكان إنتربرايز إلى حدّ الادعاء في صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن إدارة بايدن تتخذ نهجاً استراتيجياً تجاه اليمن والحوثيين - أي منعهم من كسب الحرب الأهلية"، التي انتصر فيها الحوثيون بالفعل".

 

يحثّ المؤلفان واشنطن على تقديم "دعم عسكري للحكومة اليمنية"، والتي يقصدون بها مجلس القيادة الرئاسي، وهي هيئة متناحرة بشدّة لا تحظى بأي دعم شعبي تقريبًا بين أوساط اليمنيين، وقد تم إنشاؤها من قبل قوى خليجية تتنافس للسيطرة على القرار اليمني، هذه القوى فشلت في هزيمة أنصار الله في حربهم التي استمرت عقدًا من الزمن".. الآن يحكم الحوثيون حوالي ثلثي سكان اليمن.

 

وتابع: "حتى بن رودس، وهو مسؤول السياسة الخارجية البارز في إدارة أوباما الذي أصبح يرى أخيرًا أن دعم الولايات المتحدة للحرب السعودية ضد الحوثيين كان خطأ فادحاً، يعتقد أن حلّ أزمة البحر الأحمر يكمن في إنهاء حرب إسرائيل على غزة".

 

وأكّد الباحث أولسن أنه "يجب على أولئك الذين يصرّون على دوافع أنصار الله المحلية في تضامنهم مع غزة أن يحذوا حذوهم"، وقال: "عبّرت جنوب إفريقيا عن كيف يبدو التضامن الحقيقي مع فلسطين من خلال دعواها القضائية الناجحة مؤقتًا ضد إسرائيل الشهر الماضي".

 

وقال: "بالمثل، يلعب الحوثيون دورهم أيضاً، بغض النظر عن دوافعهم الداخلية، من خلال تعطيل حركة الشحن في البحر الأحمر، وبالتالي فرض تكاليف حقيقية على داعمي إسرائيل. إن محاولات التقليل من شأن نواياهم التضامنية هي إخفاقات أخلاقية جسيمة، وتمثّل عائقًا في طريق تحقيق العدالة المنشودة".

 

 




تعليقات
square-white المزيد في ترجمات