آخر الأخبار
في منحنى النجاح والفشل ...أين يضع شباب فبراير ثورتهم؟
احتفال بالذكرى العاشرة للثورة في تعز
الخميس, 11 فبراير, 2021 - 09:29 صباحاً
في ظل واقع محبط لا يشبه الأحلام التي أخرجتهم إلى الشارع في 2011 أو الشعارات التي رفعوها ، يتباين تقييم شباب الحادي عشر من فبراير لثورتهم بين من يميل لرؤيتها كتجربة ناجحة ومن يرى أنها أخفقت في إنجاز هدفها الأهم .
منهم من يعتقد ، ببساطة ، أن الثورة أخفقت في إنجاز هدفها المباشر ، وهو إيجاد سلطة سياسية جديدة تتمثل قيم الدولة المدنية وتصون الحقوق العامة والخاصة ، وتوفر الرفاه المعيشي ؛ والواقع المعاش يشهد على ذلك بوضوح ، بالنسبة لهم.
ومنهم من يجد أن الهدف الأهم الذي خرج من أجله الناس إلى الساحات مطلع العقد الماضي قد تحقق ، وهو في نظرهم يتمثل في هدم النظام السياسي الفاسد لعلي صالح ، ثم فتح الباب مجددا أمام محاولات التصحيح وبناء نظام جديد على أسس سليمة .
وهناك شباب آخرون من المشاركين في الثورة يجدون أن الستار لم يسدل بعد على نهاية ثابتة ، وأن من الصعب الحكم على الثورة بينما لا تزال تصارع في سبيل تحقيق أهدافها ، حتى وإن شغلت الموقع الأضعف في معادلة الصراع الحالية كنتيجة لظروف عينية قابلة للتغير والتعديل .
واقع يناقض الأحلام
لم يخطر للشباب الذين خرجوا إلى الشوارع في 2011 ، واستوطنوا ساحات المدن في معظم محافظات الجمهورية أن عشر سنوات قادمة ستتكشف عن واقع سيء جدا ، وأوضاع معيشية بالغة القسوة ، وبلد مزقه الحرب إلى حد مخيف .
على ضفتي هذا العقد الزمني ، يتقابل حلم الدولة المدنية مع واقع اللادولة ، وحلم الرفاه الاقتصادي مع واقع المجاعة التي تتهدد ملايين اليمنيين ، وحلم الوطن الواحد مع واقع التشطير المفروض بالحرب المتعددة الأوجه .
هذه الفجوة الكبيرة حدت بالبعض من شباب الثورة إلى النظر نحو الانتفاضة كتجربة خانها التوفيق ، بدلالة الواقع الذي يناقض بشكل كبير ما كان يجول في خواطر الثائرين من تطلعات .
ولكن يجدر الإشارة هنا إلى أن التسليم بعدم نجاح الثورة في ترجمة أهدافها إلى واقع ملموس هو شيء ، والندم واعتبارها خطأ تاريخي شيء آخر ، بالنسبة لهذا البعض . فشل الثورة يعني بالنسبة لهم أنه تم إفشالها ، وأنها أجهضت قبل أن تتحول إلى سلطة ومؤسسات وقوانين نافذة .
ينظر هؤلاء الثوار إلى ثورتهم بعين التعاطف ، لا الندم ، ويتذكرونها كتجربة عظيمة واجهت خصوما بلا أخلاق ، ومحاولة نبيلة خذلتها نخبها ، وكفرصة تاريخية جرى إهدارها على نحو مؤسف .
ثورة أنجزت الكثير
على النقيض من ذلك ، يجد فريق آخر من الثوار مجالا للحديث عن نجاحات مهمة حققتها الثورة ، ويعتمدون معيارا أكثر تعقيدا لتقييمها والحكم عليها .
ثورة فبراير 2011، حسب رؤيتهم ، حركت مياه ظلت راكدة لعقود ، وأفلحت في تفكيك نظام سياسي فاسد دام قرابة نصف قرن ، وفتحت الباب واسعا أمام محاولة التغيير وبناء نظام بديل على أسس سليمة ، وطورت الوعي السياسي لدى شرائج واسعة من الشعب اليمني ، فبدأ الناس يكترثون لشؤون دولتهم بعد أن كانوا يعتقدون أن الدولة شأن خاص بعلي صالح والطبقة المحيطة به .
هذا هو جوهر الثورة وهذه رسالتها كما يظهر من منطق أصحاب هذا التوجه ، وهم يحاججون أيضا أن الثورة وفرت تصورا نظريا للدولة ، وخلقت لدى شبابها بالذات وعيا لا يستطيع أن يصادره منهم أي انقلاب أو ثورة مضادة مهما ضيق عليهم في ظروف حياتهم المعيشية.
الثورة مستمرة
ويجادل تيار ثالث من الشباب أنه لا يزال من المبكر الحكم على الثورة بالنجاح أو بالإخفاق . لا يزال الميدان مفتوحا في عيون هؤلاء، والثورة مستمرة في الدفاع عن نفسها وإن بأدوات مختلفة وعناوين مغايرة .
هذا التيار يجد في السلطة الشرعية الراهنة إطارا عاما للثورة ، مهما بدا هذا الإطار واسعا وفضفاضا ولا يقتصر على المكونات أو الشخصيات المساندة للثورة .
فحسب هذه الرؤية ، هناك انقلاب حوثي قطع الطريق على مسار فبراير الذي كان قد بدأ مع الخروج إلى الشارع قبل عشر سنوات ، ثم أسقط صالح من سدة الحكم ، ثم وصل بعدها إلى إنجاز وثيقة الحوار الوطني التي توفر الأساس النظري للدولة الجديدة . هزيمة هذا الانقلاب هي بالضرورة عودة لهذا المسار .
الثورة إذن حاضرة ومستمرة بشكل أو بآخر، والمطلوب ليس تقييمها كحدث مضى وانقضى ، بل متابعة العمل كما لو أنها مستمرة منذ الحادي عشر من فبراير 2011 .