آخر الأخبار

2020 عام الخيبات الأممية في اليمن (تقرير خاص)

المبعوث الاممي إلى اليمن "مارتن غريفيث"

المبعوث الاممي إلى اليمن "مارتن غريفيث"

المهرية نت - تقرير خاص
الاربعاء, 23 ديسمبر, 2020 - 09:56 صباحاً

بقراءة شاملة للإحاطات التي قدمها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن السيد مارتن جريفيث، على مدى أشهر العام 2020م، يمكن لنا أن نتعرف على حصاد تحركاته المتعثرة والتي أخفقت تماما في الوصول إلى وقف لإطلاق النار أو تنفيذ بنود الاتفاقات السابقة أو استئناف الحوار بين الطرفين.

 

تفاؤل مفرط

 

في أولى إحاطاته التي قدمها أمام مجلس الأمن الدولي مطلع العام 2020م وتحديدًا منتصف شهر يناير، كان جريفيث سعيدًا بعدم تأثر اليمن بانعكاسات استهداف قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني والذي قتل بغارة أمريكية جوية قرب مطار بغداد في 3 يناير.

 

وصف المبعوث الأممي ذلك الأسبوع بأنه "من أكثر فترات النزاع هدوءً في اليمن" وراح يشرح للمجلس أسباب ارتياحه حيث أن التحالف السعودي الإماراتي لم يشن سوى "ضربة واحدة فقط" خلال أسبوع.

 

 أما بالنسبة للحركة العسكرية على الأرض فـ"محدودة للغاية" كما أشاد بـ "توقف الهجمات بالطائرات المسيرة أو الصواريخ على الدول المجاورة".. مع ما أسماها المبعوث التحركات الإيجابية لطرفي النزاع في الجنوب لتحقيق ما اتفقا عليه في المملكة، حتى أن المبعوث الدولي كاد – لفرط تفاؤله – يعلن عن قرب تنفيذ اتفاقي الرياض واستوكهولم. 

 

راح المبعوث الأممي يتحدث في تلك الإحاطة عن "التقدمات المحرزة في الحديدة فسفن الوقود تتدفق بشكل سلس وفقاً لاتفاقية استوكهولم، كما تم إيداع مجمل الضرائب التي تم جمعها في حساب البنك المركزي اليمني بالحديدة، بالإضافة إلى إطلاق الحوثيين 6 محتجزين سعوديين في الأول من يناير، عبر الصليب الأحمر الدولي وهو ما اعتبره "بادرة حسن نية" من الجماعة.

 

عودة المعارك

 

لم يستمر تفاؤل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن طويلاً، فبعد شهر واحد من تلك الإحاطة ظهر وهو يشعر بالإحباط لما وصل إليه الأمر في البلاد، فدائرة المعارك تتسع يومًا بعد آخر والوضع العسكري يشهد تدهورًا كبيرًا، "مع إعلان جانبي النزاع عن أهداف عسكرية موسعة وتبادلهما للخطابات المؤججة" كما ذكر في إحاطته الثانية، حيث تركزت أكثر أحداث القتال عنفًا في مديرية نهم بمحافظة صنعاء، ومحافظات الجوف ومارب وصعدة، وحتى تلك المناطق التي كانت قد شهدت أشهرًا من الهدوء عادت مرة أخرى لدائرة الصراع وهو ما سيقود بعد ذلك إلى سقوط جبهة نهم، ومركز محافظة الجوف ومديريات في مارب بيد الحوثيين.

 

دعا المبعوث الأممي وهو يلقي كلمته في منتصف فبراير 2020م أعضاء مجلس الأمن إلى الشعور بالحزن والقلق "بشأن التقارير التي تفيد بسقوط العشرات وربما المئات من المدنيين"، ونزوح العائلات وتضرر المدارس والمستشفيات، أما عن التقدم الذي كان قد أحرز في الحديدة فقد أصبح مهددًا. وهو ما ستثبته الأشهر اللاحقة.

 

لم يكن لدى جريفيث من أمر إيجابي خلال إحاطته الثانية إلا الحديث عن المشاورات التي تجري في الأردن بشأن تبادل إطلاق الأسرى. ونقل بعض المرضى من مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية إلى الخارج لتلقي العلاج.

 

ومع بروز قضية الخزان النفطي العائم (صافر) أبدى جريفيث قلقه الشديد من تدهور وضع الخزان كما دعا الأطراف إلى عدم تسييس القضية، وترك المجال أمام خبراء الأمم المتحدة لإجراء تقييم عام للناقلة وبدء الإصلاحات الأولية.

 

توسع السيطرة

 

في مطلع شهر فبراير أعلن الحوثيون السيطرة على فرضة نهم، ومع توسع دائرة القتال لحقتها مدينة الجوف في 3 أغسطس وأصبحت الحزم مركز المحافظة ومناطق أخرى بالقرب من الحدود السعودية بيد الحوثيين. أدت هذه المعارك إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر من الجوف ومخيم الخانق القريب من مناطق الاشتباكات في نهم.. باتجاه محافظة مارب ما عقد الوضع الإنساني وزاد من تدهوره.

 

وفي مسعى لحلحلة الأوضاع وتهدئة حدة المعارك القتالية، زار جريفيث مارب والتقى محافظها اللواء سلطان العرادة وقيادات قبلية وحزبية.. وعاد بمطالبة واضحة من أبناء المحافظة بسلام قوي وحقيقي لا سلام تفرضه الميليشيا بالقوة العسكرية.

 

ثم اتجه نحو صنعاء والتقى بقيادات حوثية وبعدد من الشخصيات القبلية من مارب والتي تعيش في صنعاء، محذرا من تحول محافظة مارب إلى بؤرة للصراع.

 

ولم يقتصر تدهور الوضع على مارب والجوف ومنطقة نهم التابعة لصنعاء فقط، بل إن الأمور في الحديدة تدهورت وعاود الحوثيون استهدافهم للمدنيين وقتل الأبرياء وهو ما أثار قلق المبعوث الأممي واستياءه.

 

استهداف الصليحي

 

في 13 من شهر مارس استهدف الحوثيون نقطة المراقبة الواقعة في سيتي ماكس شرق مدينة الحديدة، لينسحب ضباط الارتباط من جميع نقاط المراقبة عقب قنص الميليشيا ضابط الارتباط في تلك النقطة العقيد محمد الصليحي والذي لقى حتفه بعد حوالي شهر من الحادثة متأثراً بإصابته.

 

استنكرت الحكومة "بشدة" تنصل المبعوث الأممي وفريق الرقابة برئاسة أبهيجيت جوها عن مسؤولياته وعدم الإدانة الواضحة للاعتداء. كما علق الفريق الحكومي في غرفة عمليات البعثة الأممية في الحديدة عمله منذ الحادثة فيما أنكر الحوثيون مسؤوليتهم عن استهداف الصليحي.

 

لم تتوقف الميليشيا ولم تستجب لأي دعوة من دعوات المبعوث الأممي بل إن هذا الأخير أدان في خطاب أمام مجلس الأم أحكام الإعدام التي أصدرتها محكمة  في صنعاء بحق 35 برلمانياً.

 

منذ شهر مارس 2020، حاول السيد مارتن جريفيث توسيع دائرة النقاشات مع أطراف ثانوية، فقد جلسات مع مجموعة من الشخصيات العامة والسياسية اليمنية في عمّان، وظل يعلن بعد كل لقاء مع الأطراف أنه يؤيد ويدعم السلام ويدعو إلى ضرورة إشراك مجموعات النساء والشباب والقيادات القبلية والمجتمعية فيه.

 

التفتوا لكورونا

 

يبدو أن فكرة طرأت على خاطر المبعوث الأممي مفادها أن تهديد جائحة كورونا يمكن أن يجعل جميع الأطراف تتوقف عن القتال وتنشغل بمحاربة الفيروس الذي أعلنت الحكومة في العاشر من شهر أبريل بالإعلان عن رصد أولى الحالات في مدينة الشحر بحضرموت.

 

وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش  نداءً عاجلاً للأطراف للوقف الفوري لكل الأعمال العدائية في اليمن وناشدهم التركيز على الوصول إلى تسوية سياسية من خلال التفاوض، وبذل كل ما يمكن فعله في مواجهة الجائحة. رحبت الحكومة على الفور بنداء الأمين العام للأمم المتحدة وكذلك فعل الحوثيون لكن المعارك ظلت مشتعلة في الميدان..

 

وفي الثامن من شهر أبريل الماضي أعلن التحالف السعودي الإماراتي وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد لمدة أسبوعين مبدئياً كاستجابة لنداء الأمين العام للأمم المتحدة ليمدد الهدنة شهراً كاملاً وهو ما لاقى ترحيباً من الأمم المتحدة ومبعوثها الدولي.

 

الإعلان المشترك

 

إثر ذلك النداء الذي أطلقه السيد غوتيريش عرض جريفيث مقترحات على طرفي الأزمة يتمحور الأول حول وقف إطلاق النار في عموم البلاد والثاني حول أهم التدابير الإنسانية والاقتصادية التي يمكن أن تخفف معاناة اليمنيين.. بالإضافة إلى الدعوة للاستئناف العاجل للعملية السياسية المتوقفة منذ اتفاق استوكهولم.

 

إلا أن المعارك ظلت متواصلة ولم تهدأ. خاصة في الجوف ومارب، كما استمر قصف الحوثيون لمدينة تعز، حيث استهدفت الميليشيا قسم النساء في السجن المركزي ما أدى إلى سقوط 6 قتيلات و12 جريحة وهو ما ندد به المبعوث الأممي دون أن يشير لطرف بالمسؤولية لطرف بعينه كما اعتاد في جميع خطاباته.

 

كما استمر توقف عمل لجنة تنسيق إعادة الانتشار المشتركة الخاصة بتنفيذ اتفاقية الحديدة عملياً نتيجة للاستياء الحكومي من عدم إدانة الأمم المتحدة بمقتل الضابط في نقاط الارتباط العقيد الصليحي.

 

إشراك النساء

 

دعمت الأمم المتحدة جهود القطاعات والمنظمات النسوية ودفعتها لإطلاق برامج ودعوات تؤكد على ضرورة وقف الحرب والتفرغ لمواجهة جائحة كورونا. لكن تلك الدعوات باءت بالفشل بالرغم من الرسائل الإيجابية التي كانت تخرج بها بعد لقاءات المسؤولين المباشرين عن الصراع وكان غريفيث يحث في كل مرة يلقي خطابه أمام مجلس الأمن الأطراف على ضرورة حضور النساء في طليعة المشاورات وإيجاد الحل بالشراكة معهن.

 

استمرت المعارك بالتوسع على الأرض ودخلت الضالع والبيضاء على خط الصراع وسقطت قانية بيد الحوثيين ثم لحقتها مديريتين في مارب هما رحبة وماهلية.

 

أما في الجنوب فقد أعلن المجلس الانتقالي الإدارة الذاتية في 25 من أبريل وسيطر على كل المؤسسات المحلية في عدن. ما يعني أن الجهود الإيجابية لتنفيذ اتفاق الرياض والتي كان يتحدث عنها المبعوث الأممي ذهبت أدراج الرياح.

 

عاد الحوثيون ليكثفوا من قصفهم مناطق في السعودية وبالرغم من الدعوات المتكررة لإيقاف تلك الهجمات إلا أنهم لم يستجيبوا لها.  

 

تواصلت أزمات الوقود وارتفعت الأصوات التي تحذر من أزمة الخزان النفطي العائم صافر والتي ظل الحوثيون يقدمون تعهدات بالسماح للبعثات الأممية دون أن يكون هناك شيئاً حقيقياً على الواقع.

 

أغلق الحوثيون مطار صنعاء أمام الرحلات الإنسانية. وأثر ذلك على عمليات الأمم المتحدة وعمليات المنظمات الإنسانية الأخرى.

 

تبادل الأسرى

 

دعا المبعوث الأممي الأطراف إلى استئناف المشاورات في سويسرا وإعادة تفعيل ما يتعلق بتبادل الأسرى التي نتج عنها الإعلان عن إطلاق حوالي ألف شخص بمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر رغم أن اتفاق استوكهولم نص على تبادل جميع الأسرى والمختطفين وبشكل فوري بما فيهم الصحافيون والسجناء السياسيون.

 

شهد الوضع الأمني في الحديدة خلال الأسبوع الأول من أكتوبر تدهوراً كبيراً فقد تطورت المواجهات جنوبي المدينة خاصة في مديريتي الدريهمي وحيس "إلى واحدة من أكثر الأعمال القتالية حدة منذ توقيع اتفاق استوكهولم في ديسمبر 2018م" كما وصفها في إحاطته، أوقعت تلك الهجمات خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.

 

وهكذا ظلت وتيرة المعارك تشتد وتخفت في مناطق عدة من اليمن دون أن يكون للأمم المتحدة أي قدرة على كبح جماح الفرقاء المتصارعين على الأرض أو الضغط على القوى الإقليمية المؤثرة عليهم لإلزامهم بالجلوس على طاولة الحوار، وظل المبعوث الأممي مارتن جريفيث ينادي بالسلام ويلتقي بالناشطات النسويات والقيادات المدنية، ودعوة الأطراف إلى إشراكهن وضمان نصيبهن في المشاركة السياسية، وحتى هذا الأمر لم يتحقق للمبعوث الأممي فقد خرجت حكومة معين عبدالملك المشكلة مؤخراً خالية من النساء!.

 

 




تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية