آخر الأخبار
صالون نجمة الثقافي.. متنفس فريد يجمع الأدباء والفنانين والشعراء في مارب
صالون نجمة الثقافي
الأحد, 20 ديسمبر, 2020 - 09:08 صباحاً
صالون نجمة الثقافي في مدينة مارب .. إطار يجمع تحت ظله شعراء ومنشدين على آلات موسيقية، إضافة إلى رسامين.
إنهم مثقفون وجدوا متنفسهم الوحيد في زمن الحرب، فالتفوّا بكل حب وشغف حول بعضهم.. وهم وإن لم يجدوا المكان، إلا أنهم وجدوا الطريق فافترشوه وراحوا يعزفون سمفونية خلاقة عنوانها "الحياة".
من ذمار كانت الفكرة
"المهرية نت" التقى نجمة الأضرعي المؤسس الأول للصالون وصاحبة البذرة التي أثمرت في فيافي البلاد البعيدة، فحدثتنا عن البدايات الأولى من مدينة المبدعين وموطن المثقفين الكبار، مدينة ذمار.
تقول نجمة: "بسبب قراءتي للمشهد الثقافي الذي لم يستطع الاستقلال تماماً عن السياسة، حاولتُ أن أوجدَ كيانًا غير خاضع لأي إملاءات أو ضغوطات أو توجهات، والحمدلله استطعت تحقيق ذلك بنسبة كبيرة".
تبلورت بعد ذلك تلك الفكرة وتأسس صالون نجمة الثقافي في مدينة صنعاء بتاريخ 17 من ديسمبر 2017م، وبسبب أوضاع الحرب وتوسعها وعدم وجود متنفس حر للمبدعين في العاصمة انتقلتْ إلى مدينة مارب وقررتْ مع مجموعة من الأدباء والمثقفين استئناف نشاط الصالون في أكتوبر من العام 2019م.
الشاعرات الماربيات
حينما سألنا نجمة عن ما يعنيه الصالون لها، وعن سر ذلك الارتباط الوثيق به قالت لـ "المهرية نت": "أفخر به لأسباب كثيرة.. منها أن صالون نجمة الثقافي هو أول صالون في اليمن بهذه المميزات التي من أهمها (الاستقلالية)، فهو يناقش مواضيع مختلفة ومتنوعة وبشكل دوري، لكن هناك مواضيع مختلفة ونادراً ما يجري التطرق لها أو النقاش حولها، منها "الشاعرات الماربيات" حيث خرجنا بكُتيب هو الأول من نوعه يجمع الكثير من المعلومات حول الشاعرات في مارب، وتاريخ الشعر النسائي في المحافظة، ويُعتبر هذا الجهد مادة أوليّة لمشروع مستقبلي يوثق مراحل قديمة وأسماء مميزة حضرت في مجتمعاتها وخاطبت الجميع بلغة مميزة وجذابة، وهناك مواضيع أخرى مهمة ناقشناها مثل "تاريخ حضارة سبأ"، وموضوع "الأدب في جزيرة سقطرى".. وغيرها من المواضيع الكثيرة، فقد ناقشنا 60 موضوعًا وطبعنا 60 كتيبًا".
بلا مقر
سألنا نجمة عن المعوقات التي اعترضت طريق حلمها في سبيل استمرار فعاليات الصالون وانتشار فكرته وانضمام مزيد من المثقفين له فقالت: "بكل تأكيد لابد لكل مشروع من معوقات وصعوبات، نحاول تجاوزها لكنها لازالت قائمة حتى اليوم، وهي مؤثرة على نشاطاتنا، من ضمنها عدم وجود المقر الدائم لعقد جلسات الصالون، في بعض المرات كنا نصل لمرحلة أننا لا نستطيع أن نجد مكاناً يجمعنا، مع ذلك هناك حماس يدفعنا للاستمرار، لا نستطيع تفسيره إلا باعتباره الروح المشتركة والهدف النبيل، أتذكر عبارة للأستاذ فؤاد متاش، وهو أحد أعضاء الصالون المميزين في هذا الصدد: "إذا لم نجد المكان سنفترش الأرض ونعقد جلسات للصالون".
وتضيف الأضرعي: "من المعوقات أن فكرة الصالون جديدة في مجتمعنا، فالبعض من العامة يربطها بصوالين الحلاقة، والبعض الآخر يعتقد أننا نقصد صالون البيت، لكنني أدعو من يتساءل إلى القراءة، وكيف أن تاريخنا العربي الثقافي، ففكرة الصالون بسيطة وهي عبارة عن مجموعة من المثقفين والمبدعين يتناقشون حول موضوع فكري أو أدبي معين بهدف التثاقف وتبادل الخبرات وسماع المشاركات وإبراز مواهب".
وتتحدث نجمة الأضرعي عن إشكالية تقول إنها عادة ما تواجهها وهي "تحميل الصالون ما لا يطيق.. فالبعض يطالبنا بإقامة فعاليات أو مسابقات أو طباعة كتب وهذا ليس للصالون طاقة بحمله، كما أن ذلك خارج فكرة الصالون وهدفه البسيط، لكن يمكن أن تتحقق تلك الأعمال ضمن العمل المؤسسي الذي نطمح إليه في المستقبل".
بعيدًا عن الحرب
تقيّم نجمة قيمة الصالون من متابعتها لنتائج جلساته، "عدد كبير من الكتّاب برزوا من خلال الصالون.. فقد أصبح هذا الأخير بالنسبة للأعضاء بمثابة الواحة التي يهربون عبرها من ضجيج الحرب والسياسة والأزمات، فقط حتى ينصتوا للشعر والموسيقى بطريقة ودية ومتحضرة ثم يغادروا، حينما أرى ذلك الارتياح بادياً على ملامح الأعضاء أشعر بالفخر والاعتزاز".
اللقاء الأول
الشاعر مسعد عكيزان وهو أيضاً من المؤسسين للصالون يقول في حديث خاص مع "المهرية نت": "لقد كان هذا الكيان بمثابة بوتقة انصهرت فيها أحلام وآمال مجموعة من المثقفين جمعتهم آمال وطموح ورؤى متوافقة، كان أول لقاء لي مع الأستاذة نجمة بجامعة إقليم سبأ على خلفية تعارف افتراضي عن طريق أحد الأخوة، قدمني لها وأوصاها أن تتواصل معي.
طرحت عليّ رغبتها في نقل فكرة الصالون إلى مارب، رحبتُ بالفكرة وحاولت أن أضعها في الصورة فيما يتعلق بالمشهد الثقافي بالمحافظة وغياب الكيانات والمؤسسات الثقافية أو بالأحرى دورها المطلوب".
شغف وهمة
ويتحدث عكيزان عن الهمة العالية التي لفتته في نجمة وإيمانها بالصالون وفكرته فيقول: "لقد لفتت انتباهي بالهمة التي تمتلكها والتي كانت لنا فيما بعد (أنا وجميع إخوتي وأخواتي في الصالون) أكبر حافز للعمل والإنجاز رغم شحة الإمكانات وعدم وجود بنية تحتية تتلقف أنشطتنا وفعالياتنا. استطعنا أن نبدأ وأن نستمر وأن ننجز على مدار الأيام وطوال عام كامل منذ انعقاد أول لقاء في شهر أكتوبر من العام الماضي".
ويضيف عكيزان: "أماكن شتى متفرقة احتضنت لقاءات الصالون نظراً لعدم وجود مقر رسمي، مع ذلك التفت الجميع إلى نشاط الصالون وحظينا بمساندة بعض الجهات كمكتب الثقافة وإذاعة مارب وبعض القنوات الفضائية التي كانت تغطي بعض أنشطة الصالون".
يختم مسعد عكيزان حديثه عن الصالون بالقول: "اليوم وبعد مرور ثلاثة أعوام على تأسيس الصالون نقف وقفة تقييمة تحتم علينا اتخاذ خطوات جريئة والخروج من التقوقع حول أنفسنا نظرا لما يتطلبه العمل الثقافي من وجود غطاء مؤسسي معترف به في الداخل والخارج كي نمتلك القدرة على إثراء المشهد الثقافي بما يتطلبه منّا، وكي لا تذهب هذه الجهود التي تبذل أدراج الرياح في ظل غياب إطار مؤسسي ضامن لاستمرارها وإنتاجيتها.
من خلال ما ألاحظة لدي أمل أن نحقق المزيد من النجاح مستقبلاً بفضل ما يظهره الجميع من التزام ومسؤولية تجاه العمل في إطار الصالون".
فنون مختلفة
رسام الكاريكاتير وأحد أعضاء صالون نجمة الثقافي هلال المرقب يقول لـ"المهرية نت": "صالون نجمة هو النواة الثقافية التي جمعت الفنانيين والأدباء والشعراء، كان لا بد من وجود صالون نجمة في مارب، لقد استطاع رغم محدودية إمكانياته أن يتيح المجال لهؤلاء المثقفين أن يتبادلوا المعرفة وأن يستمع كل منهم للآخر".
ويضيف المرقب: "الصالون هو المكان الوحيد التي أتحمس للعمل والمبادرة فيه وتقديم جهدي ومالي وهذا نابع من قلبي، أقتطع جزءا من وقتي كي أحضر جميع جلساته، كونه يخرجنا من أجواء السياسة وأخبار الحرب التي نعيشها منذ الانقلاب حتى اليوم، لقد شعرت مع رفاقي بروح الفن ومدلولاته العظيمة، لقد وجدت في الصالون المكان الذي أنتمي إليه والذائقة الفنية التي ترفع من مستوى أدائي وتجعل من إحساسي بما يحيط بي عالياً وذو قيمة حقيقية".
ويساهم هلال من خلال ريشته في تناول قضايا يناقشها الصالون كما أنه أدار النقاش في إحدى جلسات الصالون حول القيمة الفنية للكاريكاتور وتأثيراته في مجالات السياسة والثقافة والمجتمع وقدم ورشة حول أساسيات الرسم.
ويطمح هلال في المستقبل إلى إقامة معرض للفن التشكيلي يضم فنانين من كافة محافظات الجمهورية. كما يتمنى أن يعقد الصالون جلساته في عدد من المحافظات مثل شبوة وحضرموت وعدن "فلن يقتصر عطاؤه على مكان واحد".
واحتفل صالون نجمة الثقافي الخميس الماضي بمرور ثلاثة أعوام على تأسيسه بالتزامن مع الاحتفالات باليوم العالمي للغة العربية بحضور ممثلين عن السلطة المحلية ومثقفين وأكاديميين
.