آخر الأخبار
في ذكرى عيد الجلاء.. نسخة الاحتلال القديم تعود مجددا بعد 53 عاما من الاستقلال
صورة أرشيفية
الخميس, 26 نوفمبر, 2020 - 09:57 صباحاً
53 عاماً على جلاء آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن، في 30 من نوفمبر/ تشرين الثاني 1967م، كخلاصة لمسيرة كفاح طويلة قادها الأحرار حتى الاستقلال، ليغدو ذلك اليوم شامة عزة وفخار في مسيرة التاريخ اليمني والعربي الحديث.
مثّل ذلك النهار التاريخي والاستثنائي، بينما يسحب آخر جندي انجليزي علم بلاده ويوجه الطائرة بالإقلاع إيذاناً برحيلٍ إلى غير عودة، أفول نهائي لوجود الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس في جزء حيوي من بلاد العربية السعيدة، وطيّ 128 عاماً من الهيمنة والاحتلال الغاشم والأكثر رعونة، وهو مايمنح المناسبة أهمية ودلالات وطنية أوسع.
مناسبة عربية وقومية
يرى الصحفي وديع عطا إن يوم الثلاثين من نوفمبر من العام 1967م يكتسب أهمية سياسية وتاريخية لدى اليمنيين كونه يوم جلاء آخر جندي بريطاني عن الأرض اليمنية بعد احتلالٍ دام نحو 128 سنة، لكنه في نفس الوقت ذي دلالة لافتة في البعد العربي والقومي.
وقال في حديثه لـ"المهرية نت" إن الـ 30 من نوفمبر، كان أول انتصارٍ معنوي وسياسي أيضاً للعرب بعد نكسة يونيو/حزيران 1967 التي انعكست على كل الدول العربية تقريباً.
وتابع الصحفي عطا: ولهذا السبب احتفت الإذاعات العربية حينها جميعاً بيوم استقلال جنوب اليمن باعتباره مناسبة عربية قومية أكثر من كونه مناسبة يمنية وطنية.
وشدد على ضرورة استدعاء هذه القيمة والرمزية "البعد القومي والعربي" عند الحديث عن 30 نوفمبر والتي قد تغيب لدى البعض من أبناء الجيل اليمني والعربي في الزمن الراهن.
غير إن المناسبة تعود في ذكراها الـ53 وقد بدت مفرغة من معناها وفقاً لمتابعي الشأن السياسي ، بالنظر إلى الواقع الذي أفرزته الحرب المتواصلة للعام السادس وتدخل دول أجنبية، الأمر الذي عمّق من الأزمة السياسية والانسانية ودفع نحو سيطرة المليشيات المناطقية والطائفية وهيمنة دول اقليمية على القرار اليمني بعد السيطرة على المنافذ الحيوية وتقاسم النفوذ شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً.
ارتدادةٌ جاءت على أكثر من خمسين عاماً بعد استقلال البلاد، لتُلحق في خمسة أعوام من تدخل التحالف السعودي الإماراتي بالغ الضرر بمركز وسيادة الدولة اليمنية لصالح مشروع مناطقي انفصالي جنوباً بدعم أبو ظبي وآخر طائفي إمامي مدعوم من إيران في الشمال، بينما ذهبت الرياض قائدة التحالف بعيداً خلف أجنداتها الخاصة والمنافية لقيم وأهداف المعركة التي أعلنت عنها ضد جماعة الحوثيين في مارس من العام 2015م.
احتلال بنسخة جديدة
"في الذكرى الـ53 بعيد الاستقلال تمر اليمن بظروف صعبة، وتنافس محموم بين قوى دولية وإقليمية لها أجندات جامحة بالسيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية" يقول رئيس تحرير موقع رأي اليمن الصحفي خليل العمري، مشيراً في حديثه لـ"المهرية نت" إنه مثلما بدأت بريطانيا من بريم بدأت ابو ظبي من سقطرى ومن ثم تبعتها بعدن . نسخة الاحتلال القديم تعود من جديد بعد 53 عاما من الاستقلال.
ويقول الصحفي العمري، إن مشهد احتلال بريطانيا لجزيرة بريم في 1799م وما تلاه من الهيمنة الكاملة على عدن في 1839 يتكرر اليوم من قوى دولية وإقليمية لا ترى في اليمن سوى مساحة لبناء إمبراطوراتها القائمة على النفوذ والهيمنة على أنقاض شعب بلا دولة حقيقية.
ولفت الى أن هناك خطر مليشاوي إيديولوجي في شمال اليمن يمارس الجرائم والانتهاكات وهو امتداد لمشروع فارسي في المنطقة، مضيفاً "اليمن اليوم تحول الى ساحة لاحتلالات متعددة، ويكافح لنيل الاستقلال من كل هذه المشاريع الجامحة".
يتساءل اليمنيون اليوم، مالذي تبقى من استقلال لبلدٍ يشهد كل هذا النفوذ والصراع والتشظي بعد إن سحقته الحرب ليغدوا موطن أسوأ أزمة انسانية في العالم؟، وفي ذكرى الاستقلال لاتزال الشرعية اليمنية تتفاوض مع دول اقليمية تهيمن على قراراتها وتسيطر على موانئها ومطاراتها وجزرها، تتفاوض لإعادتها الى الداخل، بينما ترسل السعودية الفيالق والجيوش للسيطرة على المنافذ وانشاء المعسكرات في المهرة شرق البلاد، على بُعد أكثر من ألف كليو متر من أقرب جبهة قتال مع جماعة الحوثيين.
واقعٌ عنوانه الرئيس السجون السرية والثنكات والمليشيات المناطقية والطائفية، القمع والاعتقالات والموت تحت التعذيب، وتراجع ملحوظ في وجود الدولة ممثلة بالحكومة الشرعية على جغرافيا المناطق المحررة لحماية السيادة وإنفاذ القانون، إضافة الى ما عكسته سياسة الإضعاف وتحجيم الدعم التي اتبعها التحالف تجاه الحكومة من تراجع لقواتها أمام تصعيد جماعة الحوثي في جبهات متفرقة.
يبدو المشهد أكثر وضوحاً، حينما يتجول المندوب الإماراتي بأريحية كاملة في عدن وسقطرى، فيما رئيس البلاد لايملك حق العودة وطائرات اليمنية تبيت في المطارات الأجنبية بعد طردها من مطار عدن، كل هذا سيدفع اليمنيون للبحث عن سبل لإعادة الاعتبار للسيادة والاستقلال وتحرير القرار اليمني من الهيمنة الاجنبية.. فهل يفعلون؟