آخر الأخبار
سقطرى في 2024.. المزيد من الغياب الحكومي والتدخلات الإماراتية
سقطرى في 2024.. المزيد من الغياب الحكومي والتدخلات الإماراتية
الثلاثاء, 24 ديسمبر, 2024 - 11:48 مساءً
كانت الإمارات تسابق الزمن لتثبيت وجودها غير المشروع في أرخبيل سقطرى، وظلت متخفية بثوب العمل الإنساني، وتنفّذ أجندها على استحياء قبل انقلاب مليشيا الانتقالي على السلطة، وتعطيل مؤسسات الدولة لإفساح المجال أمام المشروع التوسّعي الإماراتي في الأرخبيل.
وخلال الفترة التي سبقت انقلاب الانتقالي في سقطرى رأت أبوظبي أن مشروعها يمضي ببطء، ويتعثّر أحيانًا لرفض السلطات حينها تمرير تلك المخططات، ومطالبتها بأن تمضي أي اتفاقيات عبر الأطر الدستورية والمؤسسات التشريعية.
الثقلي والمشروع الإماراتي
وما أن سنحت الفرصة حتى دفعت الإمارات بأدواتها وقوتها العسكرية والمالية لتنفيذ الانقلاب، وتنصيب وكلائها في يونيو عام 2020، لتبدأ مرحلة من الأزمات الإدارية والسياسية والاقتصادية.
وبينما كان رأفت الثقلي يقدّم نفسه وكيلًا للإمارات مقدمًا مصالحها على مصالح المحافظة؛ عيّنه المجلس الرئاسي محافظًا على سقطرى، لتبدأ مرحلة من الغياب الحكومي والحضور الإماراتي.
وانطلاقًا من منصبه محافظًا لسقطرى عمل الثقلي على توثيق ارتباطه بالإمارات، وليس بالحكومة الشرعية أو المجلس الرئاسي، فكان ارتباطه بالمندوب الإمارات خلفان المزروعي أكثر من أي وقت مضى، وبدأ الرجل مسيرته لإضعاف مؤسسات الدولة والكيانات القبلية والمجتمعية لصالح المشروع الإماراتي.
استهداف التماسك القبلي
ظلّت المحافظة البعيدة جغرافيًا عن مراكز السلطة بعيدة أيضًا عن القرار الحكومي، وبدأت الإمارات عبر الثقلي استهداف كل ما تبقى من رمزية سقطرى اليمنية، فأطلق مشروعه لاستهداف القبائل ومشائخها، ومحاولة تفتيت الكيانات القبلية وشراء الولاءات تارة بالترهيب وبالترغيب تارة أخرى.
كانت القبيلة والمكونات المجتمعية الرافضة للانقلاب العائق الذي ينُظر له على أنه سيمنع تغلغل الإمارات في سقطرى؛ فوسّع الثقلي استهدافه لها، وأصدر منتصف العام 2024 قرارًا بإلغاء صفة شيخ مشايخ سقطرى، وتبنّى ما أسماها "آلية الهيكلة الجديدة لاستعادة دور القبيلة السقطرية بعيداً عن الأحزاب السياسية".
ولأنها تعرف تمامًا ما الذي يهدف إلى الرجل المدعوم إماراتيًا وقفت القبائل السقطرية موحّدة ضد كل ما يتجاوز الأعراف القبلية، وأعاقت طموح أبوظبي في إلغاء دور مشائخ سقطرى، واستبدال صفة المشائخ بالمقادمة، وتحديد صلاحيات وأولويات المشايخ والقبائل بشكل عام، وتفكيك الوحدة القبلية في الأرخبيل.
اعتبر المشائخ خطوات الانتقالي تجاوزًا للأعراف القبلية، وتكريسًا لمبدأ الدكتاتورية بهدف إلغاء دور المجتمع المدني في تنظيم شأنهم القبلي، وشدّدوا على ضرورة احترام مبدأ الأعراف القبلية، وعدم تجاوزها بقرارات تعمل على شق النسيج الاجتماعي.
ورغم كل الممارسات والترهيب الذي مارسته سلطات الانتقالي في سقطرى ظلّت القبيلة شوكة الميزان، وتبّنت المواقف الوطنية الداعية إلى توحيد الصف والكلمة، وتغليب المصلحة العليا على المصالحة الدونية الأخرى.
وفيما تغيب الحكومة والمجلس الرئاسي عن سقطرى، تواصل القبيلة السقطرية تحمّل الدور في الحفاظ على الأرخبيل، وبقاء المؤسسات قائمة، ومنع استنساخٍ كامل لسيناريو الإمارات في عدن وشبوة، وما تميّز به من استهداف للمعارضين بالقتل والاغتيال والإخفاء.
ولا تزال سقطرى بعد أكثر من 4 أعوام على انقلاب الانتقالي تعاني شحًا في الخدمات الأساسية والمواد الغذائية، ويواجه سكانها تحديات معيشية، وصعوبات في التنقل من وإلى الأرخبيل؛ في الوقت الذي تنظر فيه الإمارات إلى المحافظة كمركز للنفوذ والسيطرة على المنطقة، إلى جانب اعتبارها مكانًا للترفيه تنقل إليها السياح مباشرة دون أي تنسيق حكومي.
قواعد عسكرية
بدأت الإمارات سابقًا بالسيطرة على قطاع الاتصالات، ثم خدمات الكهرباء والمشتقات النفطية، ثم كشفت عن أطماعها في السيطرة على سقطرى عبر إنشاء القواعد العسكرية في مواقع حساسة داخل الأرخبيل.
في يوليو 2024 كشفت مجلة "ذا كرادل" الأمريكية المختصة في الشؤون الجيوسياسية عن توسع الإمارات وإسرائيل في إنشاء قواعد تجسس في أرخبيل سقطرى.
ونشرت المجلة تقريرًا تحت عنوان: بدعم أمريكي، تتوسع الإمارات وإسرائيل في إنشاء قواعد تجسس في جزيرة سقطرى اليمنية.
وكانت صحيفة "الأخبار" اللبنانية قد كشفت عن أن الإمارات العربية المتحدة قد كثفت، منذ 7 أكتوبر، جهودها لإنشاء بنية تحتية عسكرية واستخباراتية مشتركة مع إسرائيل في أرخبيل سقطرى قبالة سواحل اليمن.
وسعت الإمارات إلى بسط سيطرتها على الأرخبيل الاستراتيجي، وفي السنوات القليلة الماضية، بدأت ببناء قواعد عسكرية ومواقع استخباراتية بالتعاون مع تل أبيب على جزر أرخبيل سقطرى، بما في ذلك جزيرة سقطرى نفسها، حسبما نقلت المجلة الأمريكية.
وسط هذا الحضور الإماراتي غاب المجلس الرئاسي والحكومة، حتى عن القيام بدورهم في تأمين الخدمات المرتبطة بالسيادة كالاتصالات والعملة الوطنية وغيرها، أو فرض إجراءاتها المتعلقة بدخول الأجانب إلى المحافظة.
ومع رحيل العام 2024 يأمل المواطن السقطري المتمسّك بآماله الوطنية في عودة مؤسسات الدولة، وفرض هيبتها، والقيام بمسؤولياتها، وإنهاء المخاوف من ذهاب الأرخبيل بعيدًا عن السيطرة اليمنية والاتجاه أكثر للنفوذ الإماراتي.