آخر الأخبار

لماذا تحوّلت قضية اغتيال الشيخ عبدالله الباني إلى القضاء العسكري؟! (تقرير خاص)

الشيخ عبدالله الباني الذي اغتالته مليشيا دفاع شبوة صبيحة عيد الفطر المبارك في أبريل 2023م

الشيخ عبدالله الباني الذي اغتالته مليشيا دفاع شبوة صبيحة عيد الفطر المبارك في أبريل 2023م

المهرية نت - تقرير خاص
الإثنين, 14 أكتوبر, 2024 - 07:16 مساءً

بعد مرور عام ونيف على جريمة اغتيال الشيخ عبدالله الباني إمام وخطيب مصلى العيد في مديرية بيحان بمحافظة شبوة على أيدي عناصر مسلحة تتبع مليشيا اللواء السادس دفاع شبوة المموّل من الإمارات؛ وهو الأمر الذي أحدث هزّة كبيرة داخل المحافظة وخارجها فضلاً عن مدينة بيحان مسقط رأسه التي حزنت لفقده، واستنكرت الحادثة البشعة التي نُفذت صبيحة عيد الفطر المبارك، وحوّلت الفرح إلى حزن عمّ الكبير والصغير، ولاتزال حيثيات القضية تراوح مكانها بعد محاولات لجهات متنفذة داخل المحافظة اعتبرت حرفًا لمسارها، ومحاولة لإنقاذ القتلة من العقاب. 

 

تسعى السطور التالية إلى تسليط الضوء على الحادثة الغريبة على المجتمع الشبواني التي لم يشهد مثلها من قبل، وتتناول أبرز فصول القضية، وردود الفعل، ومجريات الأحداث المصاحبة لها، ووصولها إلى القضاء المدني ومن ثم حرف مسارها وتحويلها إلى القضاء العسكري.

في الطريق إلى القضاء

لاقت جريمة اغتيال الشيخ الباني وقتها إدانات واسعة، وتدخّل رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، وصدرت توجيهات إلى السلطة المحلية في شبوة بالقبض على الجناة ومحاسبتهم، وسط ضغوط من قبائل وعشائر شبوة لمحاسبة المجرمين، كما شهدت مديرية بيحان احتجاجات واسعة ونصب خيام اعتصام للمطالبة بسرعة المحاكمة، باغتيال الشيخ الباني الذي كان من أبرز الدعاة والمصلحين، وكان يشغل منصب مدير لمكتب الصحة في مديرية بيحان، بالإضافة إلى كونه مصلحًا اجتماعيًا يشار له بالبنان.

 

وسرعان ماعقدت محكمة عتق الابتدائية في أغسطس 2023 أول جلسة لمحاكمة قتلة الشهيد الباني بعد مرور ثلاثة أشهر على الجريمة برئاسة القاضي أحمد القربوع، وحضر الجلسة والد الشهيد الباني وإخوانه وأبناؤه وعدد من المشائخ والوجاهات وأعيان محافظة شبوة، وجمع غفير من المواطنين.

 

ومثُل أمام المحكمة ستة متهمين، فيما لايزال سبعة آخرون فارين من وجه العدالة، وبموجب لائحة الاتهام، وجهت النيابة العامة للمتهمين، الذين ينتمون لـ"قوات دفاع شبوة" الممولة من الإمارات تهمة قتل الشيخ عبد الله الباني والشروع في قتل 8 مواطنين آخرين.

 

ومن خلال استعراض المحكمة لتقرير الطب الشرعي، ومحضر مسرح الجريمة والاستماع لشهادات 12 شاهداً على الجريمة.

 

وثبت تعرض الشيخ الباني لـ 28 طلقة نارية في أجزاء متفرقة من جسده، وألزمت النيابة بإعلان المتهمين الفارين من وجه العدالة بالحضور أو إثبات التهمة عليهم ومحاكمتهم غيابياً.

حرف مسار القضية

بعد أكثر من عام ونصف على الجريمة البشعة تدخلت أيادي خفية في عرقله سير إجراءات العدالة ومعاقبة منفذي جريمة تصفية واغتيال، الشيخ عبد الله الباني، ليس ذلك وحسب بل تعرّض أفراد أسرته والمحاميين للتهديد.

 

وفي سبتمبر 2023م تمكّنت جهات متنفذة من إيقاف إجراءات المحاكمة بعد انعقاد ست جلسات، وتغيير القاضي الذي استأنف إجراءات المحاكمة والذي عقد بدوره ست جلسات أخرى لينطق بالحكم في الجلسة الثانية عشرة والذي قضى بإعدام أحد قتلة الشهيد الشيخ عبدالله الباني، بينما تم الحكم على باقي الجناة بالسجن لمدة 7 سنوات، وعددهم 12 متهماً بينهم 7 فارين من العدالة.

 

ولأن الحكم الصادر من محكمة عتق لم يكن عند حجم الكارثة التي شارك فيها الكثير من المسلحين استأنفت أسرة الشهيد الباني الحكم لتؤكّد أن مطلبها ومطلب جميع أبناء بيحان وشبوة هو إعدام جميع القتلة المشاركين في جريمة الاغتيال، ومحاسبة الذين يقفون خلفهم ويدعمونهم.

 

عدالة ناقصة

يقول الناشط طه حدير في حديثه لـ"المهرية نت": لاتزال العدالة غائبة عن قضية اغتيال الشيخ عبدالله الباني، وتتعرّض لمؤامرات خبيثة منذ الوهلة الأولى، وهو ماظهر جليًا عن إصدار محكمة عتق الابتدائية حكمها بإعدام متهم واحد فقط بينما اشترك في الجريمة ثلاثة عشر شخصًا صدر بحقهم حكم بالسجن لسبع سنوات؛ وهو ماقد يفتح شهية المجرمين لتنفيذ جرائم أكثر بحق المواطنين إذا شعروا بمأمن من الملاحقة القانونية، وإصدار عقوبات مخففة بحقهم.

 

من جانبه اعتبر عبدالله محمد، محامي أسرة الشهيد الباني الحكم الصادر عن محكمة عتق الابتدائية جاء تلبية لرغبات أعداء الشهيد، ويخدم المتهمين ومن يقف خلفهم، وإنه لايمت للنظام والقانون بأي صلة، واصفًا الحكم بالمتناقض، وأكّد أن محاضر التحقيق أثبتت اعتراف أربعة متهمين بإطلاق النار على الشيخ الباني بشكل مباشر.

تحويل القضية إلى المحكمة العسكرية

في الرابع من شهر سبتمبر الماضي نجحت الضغوط التي مارستها جهات متنفذة على علاقة بجريمة اغتيال الشيخ الباني بحرف مسار القضية، وتحويلها إلى القضاء العسكري. جاء ذلك القرار المفاجئ والصادم خلال وقائع الجلسة الثانية التي عقدتها محكمة الاستئناف في عتق بدعوى عدم اختصاص محكمة عتق الابتدائية في البت في مجريات القضية، وإبطال كل الأحكام الصادرة عنها الأمر الذي لقي استنكارًا واستياء واسعاً وانزعاج الحاضرين الذين وصفو القرار بأنه انحياز آخر للمجرمين وبداية لتصفية القضية.

 

وأوضح عبدالله محمد محامي أولياء الدم خلال الجلسة الثانية التي عقدتها محكمة الاستئناف في عتق أن قرار تحويل القضية إلى المحكمة العسكرية قد فصلت فيه محكمة عتق الابتدائية، وأبطلت الدعوى المرفوعة من محامي دفاع المتهمين لأن القضية مدنية وأن العناصر المتهمة بالقتل تنتمي إلى مليشيا دفاع شبوة التي لاتتبع وزارة الدفاع أو الداخلية.

 

وقال عوض الباني وهو شقيق الشهيد عبدالله الباني في تصريح لـ"المهرية نت" إن قرار محكمة الاستئناف انحياز واضح لصف المتهمين، ومخالف للقوانين النافذة، متسائلاً: كيف يتم تحويل قضية مدنية إلى القضاء العسكري رغم أن قاضي محكمة الاستئناف قد حكم سابقًا في قضية كان فيها الجاني والمجني عليه من دفاع شبوة، ومسرح الجريمة ثكنة عسكرية ومع ذلك رفض القاضي تحويلها إلى المحكمة العسكرية؟!.

 

وطالب الباني مجلس القضاء الأعلى بالتدخل لإعادة القضية إلى مسارها القانوني والصحيح ببقائها في القضاء المدني، وناشد رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي بالضغط على السلطة المحلية في شبوة للقبض على بقية المتهمين الفارين من وجه العدالة.


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية