آخر الأخبار

ترامب وجماعة الحوثي

الخميس, 23 يناير, 2025

 
في قرار يعكس صرامة جديدة في السياسة الأمريكية تجاه الملف اليمني، أعلن البيت الأبيض رسميًا إعادة تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية، في خطوة لقيت ترحيبًا واسعًا من الحكومة اليمنية الشرعية، بالقرار الذي يأتي في سياق جديد، حيث تسعى الإدارة الأمريكية لإعادة صياغة سياستها تجاه جماعة الحوثي، بعد سنوات من التردد والجدل حول مدى تأثير هذه الخطوة على الأزمة الإنسانية في اليمن.

لم يكن هذا التصنيف وليد اللحظة، بل يعود إلى إرث إدارة دونالد ترامب، التي أدرجت الحوثيين ضمن قوائم الإرهاب قبل مغادرتها البيت الأبيض في يناير 2021. إلا أن إدارة جو بايدن سارعت بعد قرابة شهر واحد فقط إلى إلغاء القرار، مبررة ذلك بدوافع إنسانية، حيث أُثيرت مخاوف من تأثير التصنيف على تدفق المساعدات الإنسانية لملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين. لكن إلغاء التصنيف لم ينجح في تحقيق الغاية المرجوة، إذ اعتُبر بمثابة ضوء أخضر للجماعة لتعزيز مواقفها ورفضها الانخراط الجدي في مسار سياسي شامل ينهي الأزمة المتفاقمة.

ومع مغادرة بايدن البيت الأبيض في العشرين من الشهر الجاري، لم يتأخر ترامب طويلًا، ففي اليوم الثالث من عودته إلى منصبه الرئاسي، أعاد تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، ولكن هذه المرة جاء القرار بحسم غير مسبوق.. فالتصنيف الجديد لا يقتصر على وضع الجماعة في قوائم الإرهاب فحسب، بل يحمل عقوبات صارمة تستهدف كبح نفوذ الحوثيين وتجفيف منابع تمويلهم، وتشمل العقوبات تجميد الأصول المالية المرتبطة بالجماعة، وحظر التعاملات معها، وإغلاق النظام المصرفي في صنعاء، وفرض رقابة صارمة على النقل البحري والجوي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

تشمل العقوبات أيضًا تهديدًا مباشرًا لأي جهة تدعم الحوثيين ماليًا أو سياسيًا، حيث ستواجه هذه الجهات عزلة دولية وعقوبات مشددة.

فالقرار يهدف إلى تقليل الموارد التي تعتمد عليها الجماعة في تمويل أنشطتها، التي ترى واشنطن أنها تهدد أمن المنطقة والعالم، بما في ذلك أمن الولايات المتحدة وحلفائها.

ووفقًا للقرار، ستقوم الحكومة الأمريكية خلال الثلاثين يومًا المقبلة بتقديم تقرير مفصل حول الوضع، على أن تتخذ الخارجية الأمريكية إجراءات عملية بعد خمسة عشر يومًا من صدور التقرير.

وهذه الإجراءات ستشمل مراجعة الشركاء الدوليين، وتحديد الكيانات المرتبطة بالحوثيين، والعمل على إنهاء المشاريع التي تدعمهم بشكل مباشر أو غير مباشر.

وبالمحصلة فالقرار يعكس رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع تهديدات الحوثيين، وأن أي حل للأزمة اليمنية لا بد أن يبدأ بتجفيف منابع تمويل الجماعة وإجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

كما أن الخطوة تأتي ضمن مسعى أوسع لتوحيد الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب والانقسام، بما يمهد الطريق نحو سلام دائم في اليمن.

ووسط هذه التطورات، يبقى التساؤل حول مدى تأثير قرار الإدارة الأمريكية الجديدة على الواقع الميداني والسياسي في اليمن.. وهل ستنجح في تقليص نفوذ الحوثيين وفتح الباب أمام حل سياسي شامل، أم أنها ستزيد من تعقيد المشهد في اليمن؟

فالأيام القادمة ستكشف الإجابة، لكن المؤكد أن القرار سيفتح فصلًا جديدًا في المشهد الإقليمي برمته..

وهكذا إذن قد يشكل قرار ترامب رسالة حازمة بضرورة توحيد الجهود لإنهاء الحرب والانقسام والعودة إلى مسار الحل السياسي في اليمن.
 

المزيد من خالد عقلان