آخر الأخبار

بعد تطبيع الإمارات.. هل تمضي السعودية في بناء علاقات علنية مع إسرائيل (تقرير خاص)

بن سلمان وبن زايد

بن سلمان وبن زايد

المهرية نت - تقرير خاص
الخميس, 03 سبتمبر, 2020 - 09:12 صباحاً

أعلنت الإمارات مؤخراً التطبيع العلني مع إسرائيل لتبارك عدد من الدول العربية الخطوة ومنها البحرين ومصر وعُمان، لكن المملكة العربية السعودية - الحليف الأبرز للإمارات - فضلت الصمت، وحينما تقرر موعد زيارة كبير المستشارين في البيت الأبيض جاريد كوشنر بصحبة قادة إسرائيليين للقاء مسؤولين في أبو ظبي، سمحت السلطات السعودية للطيران الإسرائيلي بالتحليق للمرة الأولى فوق أجواء المملكة، وهو ما عده مراقبون خطوة على طريق إعلان التطبيع، لكن محللين آخرين اعتبروا الأمر محاولة لإرضاء الإدارة الأمريكية التي تعمل بجهود حثيثة على تقارب إسرائيلي سعودي في القريب العاجل.

 

وحول ما إذا كان هناك تنسيق سعودي إماراتي فيما يتعلق بتطبيع هذه الأخيرة مع الإسرائيليين يرى الكاتب والمحلل السياسي والباحث في الشؤون العسكرية والاستراتجية د. علي الذهب في حديثه لـ "المهرية نت" أن بلداً مثل الإمارات لا يحتاج لإذن من السعودية كي يخطو خطوة كهذه، يقول الذهب: "لا أتصور أن السعودية تملي شروطها أو تبدي رأيها في قضايا سيادية تخص الإمارات، الإمارات دولة لها سيادتها مهما اختلفنا معها، لها مصالحها واستراتيجتها الخاصة في التعامل مع الجوار، وأعتقد أن ما قامت به جاء نتاج شعورها بالخطر الذي يتهددها من قبل إيران أو تركيا، وهذه المسألة لا تتطلب الاستئذان أو التنسيق من دولة أخرى لأن الإمارات تتحرك وفق مصالحها وهي تقع على خطوط تقاطع أحياناً تجمع مصالحها مع السعودية، وأحياناً على خطوط تعارض مع المملكة، وأتصور أن السعودية لها وجهة نظر أخرى غير الاندفاع الحاصل من قبل الإمارات".

التطبيع خطوة خطوة

ويرى الذهب أن السعودية مازلت متمسكة – إلى حدٍ ما - بمبادرة السلام العربية التي أطلقتها عام 2002م في قمة بيروت، ولكنها تقدم بعض التنازلات، باعتبار أن تلك المبادرة كانت قد أُعلنت في مرحلة سابقة، واليوم يقود السعودية جيل جديد منفتح يحاول أن يخلق علاقات مع أي طرف هروبا من التهديدات التي يراها من إيران أو من تركيا، وهذه التنازلات التي يمكن أن يقدمها تأتي في سياق التحولات السياسية التي تشهدها المملكة العربية السعودية منذ عام 2017م".

 

لكن مع ذلك يرى الكاتب والمحلل السياسي أن السعودية تحاول ان تُظهر نفسها أمام حلفاءها الأمريكيين بأن لديها قابلية للتطبيع ومع ذلك لن تكون أول المهرولين لاعتبارات تتعلق بها كدولة كبيرة تحتضن الحرمين الشريفين، ولا تريد أن تسلم ملف قيادة الدول الإسلامية إلى تركيا مثلاً التي تحاول التزعم في المنطقة من منطلق إسلامي.

تصريحات غير جدية

ويشير الذهب إلى ما قاله وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحفي عُقد في برلين أشار فيه إلى التمسك بالمبادرة العربية التي تؤكد على حل الدولتين "لكن لا يجب أن نأخذ تصريحاته على محمل الجد، لأنه لا يزال هناك تخوف من قبل الحكومة السعودية من أن ينعكس تشددها سلباً على سياستها وعلى عملية التحول السياسي التي تشهدها، ولذلك فتحت مجالها الجوي لمرور طائرة "العال" الإسرائيلية فوق أجواءها باتجاه أبو ظبي، وهذا يعكس نوعا من المرونة السياسية وتقديم المصالح، وستظل السعودية تراوح في علاقتها بين منطقتي الظل وما تحت الشمس".

 

ولا يرى الذهب تماثلاً بالمخاوف من التهديدات بين السعودية والإمارات، فالسعودية بما تملكه من عوامل قوة ترى أن أي خطر يتهددها ستجد بعده من يسارع للالتفاف حولها من الدول العربية والإسلامية، "خلافاً للإمارات التي باتت عدوة للجميع، ولا تطيقها معظم الأنظمة، وفي ذات الوقت الشعوب العربية تكاد تكون مجمعة على أن هذه الدويلة عنصر شر في المنطقة، وبالتالي أي ضربة ستوجه نحوها سيؤيدها الكثير من باب التشفي على الأقل، كما أن عمق الإمارات الجغرافي محدود ويمتد فقط بحدود 250 إلى 300 كيلو متر فقط، أي أن مسرح عملياتها ضيق، ويمكن أن يجتاحها جيش دولة أجنبية خلال أيام، ولذلك تحاول الإمارات نقل مسرح مواجهاتها إلى خارج البلاد مثلما تفعل في جزيرة سقطرى أو تتدخل في ليبيا أو اليونان أو أفغانستان، لكن بالنسبة للسعودية فهي دولة مترامية الأطراف ولها ثقل، رغم أنه ينقصها الكثير من القدرات البشرية والخبرات العسكرية".

تطبيع شكلي

ولا يرى الذهب بتطبيع الأنظمة العربية مع إسرائيل نهاية العالم "فحتى لو طبّعت الأنظمة مع إسرائيل يظل ذلك إجراءً شكلياً إلى حد كبير، كما جرى مع مصر حيث بقي التطبيع بعيداً عن المستوى الشعبي".

 

"وبالرغم من أن الإمارات تحاول أن تُظهر أن تطبيعها مع إسرائيل شعبي أيضاً، لكنها ستظل حذرة وستفرض قيوداً في مسألة التنقل والسياحة والتجارة والتبادل الاقتصادي ولن يكون هناك انفتاحاً شاملاً على إسرائيل خاصة بعد رفض تل أبيب إبرام صفقة إف 35 بين واشنطن وأبو ظبي، فالتطبيع عملية سياسية قابلة للموافقة أو الرفض في أي وقت" بحسب الباحث والمحلل الاستراتيجي.

تشجيع أمريكي

أما دلالة شكر جاريد كوشنير كبير مستشاري البيت الأبيض أثناء خطابه من أبو ظبي، لولي العهد السعودي محمد بن سلمان فيراها الخبير الاستراتيجي علي الذهب بأنها "تأتي في سياق المصالح السياسية والرسائل المتبادلة بين الطرفين باعتبار السعودية شريك أساسي في عملية السلام وكنوع من التشجيع والتحفيز للسعودية وللدول الأخرى كي تسارع في عقد اتفاقيات تطبيع مع الإسرائيليين".

 

وكانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية قالت الأحد الماضي إن المملكة العربية السعودية تواجه ضغوطاً من قبل الإدارة الأمريكية للمضي قدماً نحو التطبيع مع إسرائيل.

 

وأوضحت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية تتجه بعد الإمارات نحو السعودية لإعلان التطبيع مع إسرائيل.

 

وتوجه كوشنر بعد زيارته أبو ظبي نحو الرياض والتقى ولي العهد السعودي في اجتماع قالت وكالة الأنباء السعودية (واس) إنه بحث آفاق عملية السلام في المنطقة وضرورة استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لتحقيق السلام العادل والدائم.

تخادم سعودي إماراتي

الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي ذهب بوضوح إلى القول بأن هناك تخادماً سعودياً إماراتياً فيما يتعلق التطبيع بين تل أبيب وأبو ظبي، حيث يؤكد في سياق حديثه لـ"المهرية نت" أن المملكة العربية السعودية ليست في وضع يسمح لها بالذهاب باتجاه التطبيع كما فعلت الإمارات، ولكنها قدمت كل شيء يدل على أنها موافقة وراضية على خطوات التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، وليس لديها اعتراض، وحينما سؤلت هل ستطبع أجاب وزير الخارجية بأن الأمر مرتبط بحل القضية الفلسطينية والقبول بالمبادرة العربية، وهذا كلام في تقدير التميمي للاستهلاك لا أكثر.

 

إذ يعتقد أن السعودية تعمل جنباً إلى جنب مع الإمارات من أجل قيام تحالف إقليمي تكون إسرائيل هي المرتكز الأساس لهذا التحالف ولهذا "أعتقد أن مسألة التطبيع بالنسبة للسعودية هي قضية مؤجلة ليست من وهذا يعني أنها ليست من الخيارات المرفوضة بالنسبة للحكومة السعودية، بل يعني السعودية تذهب رويداً رويداً باتجاه التطبيع وتحدث تغييرات في بنية الدولة السعودية نفسها لتتوافق مع التطبيع، وتدفع بمعلقين وصحفيين وكتاب لتهيئة الرأي العام السعودي للقبول بفكرة التطبيع".

 

ويرى التميمي أن الإعلان الرسمي عن التطبيع السعودي الإسرائيلي مسألة وقت لا أكثر، "فالمملكة الآن تحاول أن تجعل تلك الخطوة تحصيل حاصل بعد تهيئة الرأي العام للقبول بفكرة التطبيع، وهذا بالطبع يكرس عزلتها في المجتمع العربي والإسلامي، فهي تتخذ مواقف حدية من دول أساسية في الفضاء العربي والإسلامي، وتندفع بقوة باتجاه إسرائيل كما تفعل الإمارات".

تنافس على التطبيع

 

وفي ظل سباق التطبيع يرى المحلل السياسي ياسين التميمي "أن الإمارات تتقدم على السعودية ليس لأنها متهورة، ولكن لأن الإمارات تملك استراتيجية خفية لمنافسة السعودية وتقديم نفسها على أنها من يقود قاطرة التحولات السياسية في المنطقة، وتغامر في إشاعة الخراب ومواجهة الربيع العربي والمبالغة في مخاصمة التيارات الإسلامية في منطقتنا، كل هذا يشير إلى أن الإمارات تريد أن تتقدم على السعودية خطوة ليس باتجاه الذهاب إلى إسرائيل ولكن في حيازة المكانة الإقليمية ولعب دور أساسي في المنطقة على حساب السعودية، ولهذا.. بالقدر الذي تتخادم فيه السعودية مع الإمارات، فإن هناك تنافساً بينهما، والسعودية لو قدّر لها المسارعة باتجاه إسرائيل وإعلان التطبيع لفعلت".

 

 




تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية