آخر الأخبار
القضاء الفرنسي يعيد "جرائم" التعذيب الإماراتية في اليمن إلى الواجهة
اعتُبرت الخطوة مهمة في سبيل الإنصاف للضحايا وتحقيق العدالة
الخميس, 23 يوليو, 2020 - 10:34 مساءً
تعود إلى الواجهة مجدداً قضايا التعذيب والإخفاء القسري، التي مارستها الإمارات ومليشياتها في جنوب اليمن، ولاتزال الكثير من الأسر تئن من فضاعتها، وتبحث عن خطوات وآليات لإنهاء تلك المآسي وبدء تحقيقات تحاكم مرتكبيها في ظل ضعف الحكومة اليمنية وارتهانها للسعودية حليفة أبو ظبي.
وأثارت الانتهاكات الإماراتية اهتمام القضاء الفرنسي الذي فتح تحقيقاً في اتهامات لولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، في أعمال "تعذيب" داخل سجون يمنية تسيطر عليها قوات مسلحة إماراتية.
خطوة القضاء الفرنسي الذي يمكن له النظر إلى الجرائم الخطرة استناداً لمبدأ "الوكالة القضائية الدولية"، خلال وجود المعنيين بها على الأراضي الفرنسية، لاقت ترحيباً لدى الحقوقيين وضحايا سجون أبو ظبي وذويهم.
هناك سجل حافل بالانتهاكات، بدأ يتكشف منذ سنوات، ففي يونيو/حزيران 2017، كشفت منظمة هيومن راتيس ووتش، في تقرير لها انتهاكات جسمية ارتكبتها قوات تدعمها الإمارات، ووثقت من بينها 49 شخصا، بينهم 4 أطفال، تعرضوا للاحتجاز التعسفي أو الإخفاء القسري في محافظتي عدن وحضرموت خلال 2016.
ونقلت المنظمة تصريحات لمحتجزين سابقين وأقارب لهم، أكدوا فيها تعرضهم للانتهاكات أو التعذيب داخل المعتقلات، غالباً بالضرب المبرح حيث استخدم عناصر الأمن قبضاتهم أو أسلحتهم أو أغراضاً معدنية أخرى.
وذكر آخرون أن القوات المدعومة إماراتياً استخدمت الصعق بالكهرباء والتجريد من الملابس وتهديد المحتجزين وأقاربهم والضرب بالقدمين.
"محمد بارحمة" اعتقلته التشكيلات العسكرية التي إنشائها الإمارات في حضرموت، في 13 مايو 2016، ووجدت أسرته جثته في مستشفى ابن سيناء الحكومي بمدينة المكلا، وعليها آثار تعذيب صادمة، في جريمة تكررت في المدن التي وطأتها أقدام أبو ظبي.
حطمت حادثة مقتل "محمد بارحمة"، الذي اعتقل من منزل بمدينة المكلا، آمال الكثير في عهد جديد بعد أيام من انسحاب مسلحي تنظيم القاعدة من حضرموت وانتشار القوات الجديدة التي شكلها التحالف الذي تدخل لدعم اليمن وإعادة شرعيته، وفق الأهداف المعلنة حينها.
لم تتوقف جرائم الإمارات وتشكيلاتها عند قضية "بارحمة"، بل تكاثرت سجون أبو ظبي في جنوب اليمن، ومعها انبعثت جرائم مماثلة لحادثة بارحمة لكنها أكثر قتامة وبشاعة، بين موت بطيء تحت التعذيب وإخفاء قسري لمختطفين لا تعلم أسرهم حتى اليوم شيئا عنهم.
ولعل قضية اعتقال الناشط التربوي زكريا قاسم، (عضو المجلس المحلي في مديرية المعلا بعدن)، فجر السبت 27 يناير2018، من قبل قوة أمنية أثناء ذهابه لأداء صلاة الفجر في المسجد المجاور لمنزله، ولايزال مخفياً حتى اليوم، تمثل مثالاً حياً لتلك المآسي والجرائم التي ارتكبتها الإمارات في اليمن.
ويضاف للجرائم الانتهاكات الجنسية..ففي يونيو 2018 كشف تقرير لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية تعرّض المئات من المعتقلين اليمنيين للتعذيب والانتهاكات الجنسية من قبل ضباط إماراتيين في سجون سرية، وفي العام ذاته اتّهمت منظمة العفو الدولية، الإمارات والقوات اليمنية المتحالفة معها، بتعذيب محتجزين في شبكة من السجون السرية بجنوبي اليمن، داعية إلى التحقيق في هذه الانتهاكات، التي وصفتها بـ "جرائم حرب".
وبينت أن تحقيقاً أُجري بين مارس 2016، ومايو 2018، في محافظات عدن ولحج وأبين وشبوة وحضرموت، رصد استخداماً واسع النطاق للتعذيب وغيره من أساليب المعاملة السيئة في منشآت يمنية وأخرى تسيطر عليها الإمارات من ضمنها الضرب والصدمات الكهربائية والعنف الجنسي.
وفي 5 من سبتمبر 2019، كشف فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، في تقريره الثاني عن سلسلة من الجرائم التي ارتكبتها الإمارات في اليمن، منذ سبتمبر 2014، وحتى يوليو 2019، حيث وثّق التقرير عشرات الحالات تعرضت لعنف جنسي ارتكبتها قوات الحزام الأمني التابعة للإمارات في عدن، كما رصد استمرار القوات الإمارات ومليشياتها في الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب والعنف الجنسي في المنشئات التي حولتها إلى سجون سرية.
خطوة مهمة
ويرى الصحفي والناشط الحقوقي اليمني، محمد الأحمدي، فتح القضاء الفرنسي تحقيقات في اتهامات لولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، في أعمال تعذيب في السجون باليمن، تعد خطوة مهمة في سبيل الإنصاف للضحايا وتحقيق العدالة.
وأشار في تصريح لـ"المهرية نت" إلى أن الخطوة في الوقت نفسه قد لا تعني الكثير بالنظر إلى طبيعية الإجراءات القضائية التي قد تأخذ وقتاً أطول في ظل طغيان لغة المصالح وغياب الإرادة السياسية الدولية حاليا في محاسبة مرتكبي جرائم حقوق الإنسان.
ولفت إلى أن الإمارات لديها اعتقاد بإمكانية شراء صمت العالم إزاء ممارساتها الهمجية في اليمن وغيرها، معتقداً أن الخطوة الفرنسية تحسب لأهالي الضحايا الذي كسروا حاجز الصمت وصرخوا في وجه الجلادين وكتبوا الشكاوي والتوكيلات للمحامين من أجل رفع دعاوى قضائية في المحاكم الدولية ضد ولي العهد الإماراتي باعتباره مسؤولاً حكومياً يشغل منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
وذكر أن بن زايد وفق مبدأ المسؤولية الإدارية يتحمل المسؤولية عن جرائم التعذيب في السجون السرية في اليمن، وبيّن أن التحقيق القضائي في فرنسا وقبله الشكاوى التي قدمت في المحاكم في عدد من الدول تمثل خطوات مهمة على صعيد وضع حد للإفلات من العقاب لمنتهكي حقوق الإنسان خصوصا الجرائم ضد الإنسانية .
وأكّد الأحمدي أنه يمكن جلب ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ومسؤولين إماراتيين آخريين إلى المحاكم لتورطهم في جرائم التعذيب في اليمن، وفق مبدأ الولاية القضائية الدولية.