آخر الأخبار
غلاء المستلزمات وارتفاع رسوم المدارس... سبب في عزوف الكثير من الطلاب عن التعليم! (تقرير خاص)
رسوم الدراسة تزداد كل عام
الاربعاء, 23 أغسطس, 2023 - 10:47 صباحاً
ترتفع أسعار رسوم المدارس الخاصة وقيمة المستلزمات الدراسية كل عام دراسي بنسبة قد تصل إلى ضعف الأعوام الماضية خاصة مع استمرار تدهور العملة المحلية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية وتدهور التعليم بالمدارس الحكومية.
ويفاقم هذا الارتفاع معاناة أرباب الأسر، فيضطر الكثير منهم إلى منع أبنائهم عن مواصلة تعليمهم والزج بهم في سوق العمل، بهدف توفير مقومات العيش، عوضا عن تضييع الوقت في الدخول إلى المدرسة والخروج منها دون فائدة تذكر، بحسب أقوال العديد منهم.
وتشهد اليمن أوضاع معيشة سيئة للغاية إثر الحرب الدائرة في البلاد، والتي حرمت ما يقارب مليونا طفل يمني من الحصول على التعليم وفقا لتقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" عام 2021م.
وفي العام الماضي حذرت المنظمة نفسها بمدونتها على تويتر من أن: "اليمن يواجه أزمة تعليمية حادة، وإن عدد الأطفال الذين يواجهون انقطاعا في تعليمهم قد يرتفع إلى 6ملايين؛ وسيؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة طويلة الأمد على الأطفال".
ويقول الناشط الإعلامي "حمزة الجبيحي" لموقع "المهرية نت" إن: "عزوف الكثير من الطلاب اليمنيين عن التعليم، يأتي لأسباب عديدة.، تتمثل في تدهور العملية التعليمية وخصوصا في المدارس الحكومية، بسبب انقطاع رواتب المعلمين مما يجعلهم يتسربون إما إلى العمل في مهن أخرى أو الاغتراب أو التدريس في المدارس الأهلية".
وأضاف "بسبب ارتفاع رسوم المدارس الأهلية أدى إلى عزوف الطلاب غير القادرين على دفع الرسوم، خصوصا مع التدهور الحاد للعملة الوطنية وغلاء المستلزمات الدراسية".
وتابع "هذه المعضلة ألقت بظلالها على كافة الجغرافيا اليمنية سواء مناطق سيطرة الحكومة الشرعية أو مناطق سيطرة ميليشيات الحوثية ".
ولفت إلى أن "الضغوطات التي تمارسها الجماعة الحوثية مثل تغيير المناهج إلى مناهج طائفية وعنصرية والاهتمام بالمراكز الصيفية والدورات الفكرية على حساب التعليم العام أدى إلى تسرب وعزوف الكثير من الشباب عن التعليم في مناطقها".
في السياق ذاته، يقول الناشط الإعلامي "حمدان البكاري" إن: "تأثير ارتفاع تكلفة المستلزمات الدراسية يمكن أن يكون ضارا بالطلاب وأسرهم، إذ يصبح من الصعب عليهم تحمل تكاليف الكتب الدراسية والأدوات المدرسية الأخرى الضرورية، مما قد يشكل عقبة كبيرة أمام حق الجميع في الحصول على التعليم".
وأضاف البكاري ل "المهرية نت " عزوف الطلاب عن التعليم الخاص يعكس تحدي الوصول إلى التعليم الجيد في ظروف صعبة ومعقدة تواجهها البلاد، مثل النزاعات والفقر وعدم توفر الأمن والاستقرار، يؤثر هذا على تطوير وتقدم المجتمع بشكل عام، فالتعليم هو المفتاح لبناء مستقبل أفضل ".
وبين" لحل هذه المشكلة، قد يكون من الضروري تبني سياسات تعليمية شاملة، لتقليل تكاليف المستلزمات الدراسية وتحسين وصول الطلاب إلى التعليم، خاصة في المناطق المتضررة من الحرب بشكل خاص ".
وأكد البكاري" يجب أن تتضافر الجهود المحلية والدولية لدعم النظام التعليمي في اليمن وتمكين الطلاب من الحصول على تعليم عالي الجودة دون عوائق مالية ".
وأشار إلى أن" حصول الطلاب على تعليم ذي جودة سيسهم في إعادة الأمل بتحقيق التنمية والتقدم في المجتمع اليمني ".
عزوف الطلاب عن التعليم الحكومي
ويصف "محمد عبدالكريم" القاطن في مديرية سامع والبالغ من العمر "17 عاما" قصته جراء عزوفه عن التعليم بعد أن كان في الصف التاسع أساسي، بقوله :" توقفت عن مواصلة التعليم إثر ارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية، وقلة الدخل لدى أسرتي".
ويضيف لـ" المهرية نت" والدي يبلغ من العمر (45 عاما) يعمل في الأجر اليومي في مهنٍ مختلفة كالزراعة والبناء، ويعيل أسرتنا المكونة من أربعة أفراد".
وتابع" الذي دفعني إلى التوقف عن مواصلة التعليم الأساسي والثانوي هو ارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية وتدهور الأوضاع المعيشية لدى أسرتي".
وأردف" هذا العام أصبح سعر الدفتر المكون من أربعين ورقة قرابة 400 ريال والقلم العادي 250 ريال في القرية التي أعيش فيها، ناهيك عن المستلزمات الأخرى".
وأشار إلى أنه" لجأ إلى الذهاب لسوق العمل في بيع " الفاكهة(فرسك)، والخضروات" والعمل في الأجر اليومي بمهنة البناء، لمساعدة أسرته فدخل أبيه لا يكفي لشراء أساسيات المطبخ".
وأردف" أحصل في اليوم الواحد على 2500ريال، مقابل بيعي للفاكهة، أو الخضروات" بينما في مهنة البناء أحصل على ثمانية آلاف ريال لليوم الواحد؛ لكن هذا العمل غير متوفر".
وأفاد بأن" هنالك العديد من زملائه ممن توقفوا عن التعليم في الصف السابع والثامن وذهبوا إلى سوق العمل بغية مساعدة أهاليهم في توفير مقومات العيش".
وبحرقة تابع" أشعر بالحزن الشديد عندما أرى بعض من زملائي يذهبون إلى المدرسة يوميًا، بينما أنا لا أستطع الذهاب إليها، فعندما تكون الظروف هي من تجبر الإنسان يكون الوجع أكبر، فأنا لم أترك التعليم على قناعة، تركته إجباريًا".
ومضى قائلًا:" كل ما أتمناه هو أن ينعم أهلي وأسرتي بالعيش الرغيد، وأن تتحسن الأوضاع وتتوفر الأعمال، ليعمل أبي كما كان يعمل قبل الحرب، ولكي أعود إلى مقعدي في المدرسة".
ويعد "محمد عبد الكريم" واحدا من آلاف الطلاب الذين حرموا من مواصلة تعليمهم الأساسي والثانوي إثر ارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية وتدهور الأوضاع المعيشية لدى أسرهم.
بدوره، يقول الموطن "أحمد الأحمدي" – 27عاما- إن:" غلاء المستلزمات الدراسية وتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية والتعليمية هي التي جعلت آلاف الأسر تلقي بأبنائها إلى سوق العمل، لتوفير رمق العيش وسد حاجاتهم الضرورية.
ويضيف " إن آلاف الطلاب يعزفون عن التعليم الحكومي سنويًا جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية والتعليمية، من قلة الكادر التعليمي وعدم توفر الكتاب المدرسي وغلاء المستلزمات الدراسية".
ويتابع الأحمدي حديثه لـ" المهرية نت" الحاجة هي التي أودت بحياة الأطفال إلى سوق العمل، وهي من أضاعت مستقبل الكثير، من الشباب".
وبيّن" لم تعد الرغبة بالتعليم موجودة كما كانت في السابق، فاليوم الكثير من الطلاب عندما يرون من تخرجوا من الجامعات عاطلين عن العمل، يقضمون أصابع الندم، حينها يصابون باليأس ويفضلون العزوف عن التعليم فلا يرون فيه إلا هدرا للوقت والمال لا أكثر".
وأكد بأن" التعليم اليوم أصبح تجارة لدى الكثير، فأنت إذا أردت أن تعلم ابنك تعليما جيدا فينبغي عليك أن تلحقه بمدرسة خاصة والمدارس الخاصة اليوم بعيدة المنال عن ذوي الدخل المحدود والمتوسط، ارتفاع رسوم التسجيل بالشكل المخيف، حتى الكتب المدرسية التي توفرها المدارس الخاصة بأسعار عالية، هذا ما يبعث الإحباط لدى أرباب الأسر".
ولفت إلى أن" إصلاح التعليم هو إصلاح للمجتمع، وإصلاح للوطن، ونحن نريد أن تصلح أوضاعنا وقد جعلنا التعليم كشعيرة الحج لمن استطاع إليه سبيلا، إن هذا لهو الخسران المبين".
عزوف الطلاب عن التعليم الخاص
ويقول المواطن هزام قائد - 30 عامًا- أحد جرحى الجيش الوطني في محافظة تعز إن:" رسوم التعليم الخاص مرتفعة للغاية ولا يستطع تعليم أطفاله الثلاثة في مدرسة خاصة، كون راتبه محدود".
وأضاف لـ" المهرية نت" راتبي كما هو معهود لم يتم رفعه، ولا يكفي لشراء متطلبات العيش لأسرتي المكونة من ستة أفراد".
وتابع" العام الماضي درست أبنائي الاثنين فقط، بـ250 ألف، ودفعتها بالتقسيط شهريًا، حتى أتى آخر العام وقد أكملتها".
وأردف" هذا العام لم أستطع تدريسهم في المدرسة الخاصة كونه لدي طفل ثالث سيلتحق بالتعليم وستكون الرسوم مرتفعة ومهولة جدا، ناهيك عن أسعار المستلزمات الدراسية والرحلات".
وأشار إلى أن" التعليم الحكومي متدهور جدا، ولا يحتوي على كوادر ذات كفاءة، والمدارس باتت مدمرة بسبب الحرب".
وأكد بأن" التعليم في المدارس الخاصة يحتوي على كوادر مؤهلة تخضع لامتحانات، بالإضافة إلى توفر الكتاب المدرسي".
ولفت إلى أن" التعليم الخاص صعب المنال، كون الرسوم مرتفعة جدا، ولا يوجد تخفيض في أغلب المدارس الخاصة للأسر التي تحتوي على أطفال كثر ".
ونتيجة لعزوف الكثير من الطلاب عن التعليم الخاص وعدم توفر اهتمام بالتعليم من قبل الأهالي، أصبحت الكثير من المدارس الخاصة تعاني من قلة نسبة الطلاب المقبلين إليها، وترجح ذلك إلى تدهور الظروف المعيشية التي يمر بها المواطن.
وبهذا الشأن، تقول أروى القدسي" مديرة مدرسة جود الأهلية، الواقعة في حي الضربة بمدينة تعز" إن :"نسبة إقبال الطلاب ضعيفة جدا، وأقل فصل في العام الماضي كان يحتوي على 8 طلاب، ويعود هذا إلى ضعف المستوى المادي لأولياء الأمور فمن لديه النية في تعليم أولاده بمدرسة خاصة لا يستطع أن يسلم الرسوم الدراسية التي تمكننا من تغطية المصروفات التشغيلية للمدرسة خلال السنة الدراسية".
وأضافت القدسي لـ" المهرية نت" السبب الرئيسي أيضا موقع المبنى أتى في منطقة، فيها الأهالي غير متعلمين وغير مهتمين بنوعية التعليم وجودة تقديم الخدمات التعليمية والتربوية التي ممكن أن تقدمها المدارس الخاصة ".
وأشارت إلى أن:" الرسوم تتفاوت من طالب لآخر بسبب الحالة المادية والظروف المعيشية".
وأكدت بأن" هنالك تسهيلات تقدمها المدرسة مثل: خصومات تصل الى 30% و40% مقارنة بالمدارس الأخرى ، خصومات خاصة للأيتام وأبناء الشهداء، وتكفلت المدرسة بمقاعد مجانية ل 12 يتيم".