آخر الأخبار

أطفال اليمن يتجرعون أوجاع الحرب ومأساة الاستغلال (تقرير خاص)

عمالة الأطفال في اليمن

عمالة الأطفال في اليمن

المهرية نت - رهيب هائل
السبت, 10 يونيو, 2023 - 01:29 مساءً

"أجبرتني الظروف المعيشية على تحمل أعباء أسرتي، خاصة كون أبي قد تجاوز سن الستين ولا يقوى على العمل " بهذه الكلمات بدأ "محمد عبدالعزيز" شرح قصته في سبيل توفير لقمة العيش لأسرته المكونة من خمسة أفراد.

 

ويسكن الطفل محمد" البالغ من العمر 11 عاما في مديرية سامع جنوبي مدينة تعز، ويعمل في شراء وبيع الخضروات حاملًا لها على ظهره متنقلًا بها في الأرياف.

 

وتحتفي دول العالم في 12يونيو من كل عام بالإنجازات التي حققتها بمكافحة عمالة الأطفال في بلدانها، بالتزامن مع الانتشار الواسع لها في اليمن؛ جراء الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعاني منها أسرهم، والاستغلال الممنهج لهم من قبل أطراف النزاع وأرباب الأعمال مقابل تقديم القليل من المال لأسرهم.

 

 

ويعمل العديد من الأطفال في بيع الماء أو الخضرة أو الكثير من المهن الشاقة،ومنهم من يلجأ للتسول أو الذهاب إلى جبهات القتال؛ بغية توفير رمق العيش لأسرهم التي باتت تعاني الأمرين مع الغلاء المعيشي.

 

وبحسب الإحصائيات التي تأكدت منها الأمم المتحدة، بين آذار/مارس 2015 و30 أيلول/سبتمبر 2022: فإنه:" تم تجنيد 3,995 طفلا يمنيا (3,904 فتيان تم تجنيدهم للقتال، و91 فتاة يشاركن في فعاليات أو على نقاط التفتيش وتعرّض 47 طفلا للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع (29 فتى و18 فتاة)".

 

 

 

فيما تنعدم الإحصائيات التي ترصد عمالة الأطفال في مختلف المهن، خاصة مع تأزم الوضع المعيشي، الذي أجبر الكثير من الأسر على الزج بأطفالها إلى سوق العمل مكرهين. 

 

 

ووفقا لأقوال المواطنين فإن مئات الآلاف من الأطفال يمارسون الأعمال في مختلف المهن ويتعرضون للاستغلال من قبل أرباب الأعمال وأطراف الصراع؛ وذلك لصغر سنهم.

 

 

ويواصل حديثة "عبدالعزيز" أذهب في الصباح إلى السوق بالمدينة وأشتري بألفين أو ثلاثة آلاف ريال من "البصل الأخضر" وأحمله على ظهري وأتنقل به في الأرياف أبيعه حتى المساء".

 

 

وأضاف لـ" المهرية نت" أحيانًا أحصل في اليوم على ثلاثة آلآف ريال فائدة وأحيانًا أعود ولم أبع منها سوى نسبة قليلة لا تتجاوز النصف". 

 

وتابع" أذهب لهذا العمل مع الكثير من أطفال القرية، إذ نبات الليل في ورشة أحد الأهالي في دمنة خدير والصباح نذهب لبيع الخضرة في الأرياف".

 

وأردف" في بعض الأوقات نلجأ إلى" تقطيل القات" ( قطفه ) بأحد الحقول القريبة، وكل طفل يحصل على خمسمائة ريال باليوم الواحد ويستمر العمل من الساعة الخامسة فجرا حتى العاشرة صباحا".

 

وأشار إلى أن هنالك الكثير من الأطفال في السوق يبيعون العطور وبعض الحلوى أو الماء والأيسكريم وهم مازالوا في عمر الثامنة أو التاسعة".

 

وواصل"كنت أتمنى أن التحق بالتعليم، لكن الظروف أجبرتني على عدم الذهاب إلى المدرسة".

 

ويعد محمد واحد من الأطفال الذين تحملوا أعباء أسرهم وذهبوا إلى سوق العمل جراء الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد منذ تسع سنوات.

 

وفي هذا السياق يقول" أحمد القرشي" رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة إن:"وضع الأطفال في اليمن وضع كارثي بكل المقاييس ومسألة ليست خافية على أي شخص إثر الحرب التي ضاعفت الوضع المأساوي للأطفال في جميع الحقوق".

 

وأضاف "كان وضع الأطفال في اليمن عام 2013م سيء للغاية، وزداد سوءًا في ظل الحرب؛ إذْ ارتفعت معدلات العنف والاستغلال والإهمال وسوء المعاملة إلى أربعة أضعاف على أقل تقدير عما كان في السابق".

 

*استغلالهم في أعمال بذيئة

 

وتابع "يوجد عدد كبير جدا من الأطفال العاملين في أسوء أشكال عمالة الأطفال في اليمن، وهنالك نسبة كبيرة منهم يتعرضون للاستغلال في أسوأ عمالة الأطفال منها التسول، والتجنيد في النزاعات والتي تعده منظمة العمل الدولي أنه أحد أسوأ أشكال عمالة الأطفال، واستغلالهم في الدعارة، والأعمال التي تؤثر على سلامة الأطفال".

 

وأكد القرشي قائلاً " الأطفال العاملون يكونون عرضةً مباشرة لفقد حقوقهم الأساسية كالحق في الأمان والتعليم والرفاهة والتي كفلتها المواثيق الدولية و كفلها الدستور والقانون الوطني، لكنَّها باتت غير موجودة نظرًا لسيطرة الملشيات على نسبة 90 بالمائة من أراضي الدولة".

 

وأشار إلى أن" الكثير من الناس يعتقدون أن مليشيات الحوثي فقط التي تمثل خطر، فيما هنالك مليشيات عديدة تسيطر على قطاعات كثيرة من اليمن في ظل انحصار سلطة الحكومة المعترف بها دوليا".

 

 وأردف" البديل الموجود حاليا عبارة عن مليشيات مسلحة لا تأتمر بأمر الحكومة، وبالتالي لا نستطع أن نقول بأن هنالك مؤسسات حكومية قادرة على تقديم خدمات رعاية للأطفال وتكفل لهم حقوقهم الأساسية".

 

ومضى قائلًا " الآن أصبحنا نعاني من مشكلة خطيرة جدا على حاضر ومستقبل الأطفال لعقود قادمة وسوف يمتد خطرها على المحيط الإقليمي والملاحة الدولية مالم تكن هناك برامج قادرة فعليا على تمكين الأطفال من حقهم في الأمان والتعليم والصحة وغيرها من الحقوق الأساسية التي من شأنها أن تؤدي إلى تنشئة إيجابية للأطفال بشكل عام".

 

*استغلال أرباب العمل

 

يرى صحفيون أن الأطفال يتعرضون إلى استغلال من قبل أرباب العمل إذ يجبرونهم على ممارسة الأعمال لأوقات طويلة، وبأجور زهيدة، مما ينعكس سلبًا على صحة نموهم.

 

بهذا الشأن، يقول الصحفي" أسامة كربوش" إن:" ظاهرة عمالة الأطفال تعتبر مشكلة اجتماعية خطيرة في اليمن وهي نتاج للحرب الراهنة بالدرجة الأولى ، وانتشرت بشكل مخيف بالفترة الأخيرة بسبب الوضع المعيشي الصعب والفقر الذي جعل أرباب الأسر بالدفع بأطفالهم لتوفير نفقات ومتطلبات المعيشة".

 

وأضاف "يتعرض الأطفال للإهمال والخطر والأذى ، ويتم استغلالهم من قبل أصحاب العمل وإجبارهم على العمل لساعات طويلة بأجور زهيدة وبدون أي حقوق مما يؤدي إلى تأثير سلبي على صحة ونمو الطفل؛ إذ يتعرضون للإجهاد والتعب والإصابة بالأمراض بالإضافة إلى حرمانهم من حقهم في التعليم والترفيه والاستمتاع بطفولتهم".

 

 

وشدد قائًلا" على الحكومة والمجتمع المدني العمل على مكافحة هذه الظاهرة من خلال توفير فرص عمل للبالغين وتحسين ظروف الحياة للأسر الفقيرة وتوفير التعليم المجاني للأطفال ، كما يجب على الأسرة وولي أمر الطفل تحمل مسؤولياتهم في توفير الرعاية الكافية لأطفالهم.

 

 

 

بدوره، يقول الناشط "حلمي أنور" إن:" عمالة الأطفال ناتجة لعدة عوامل أساسية منها الصراع الدائر في اليمن والأوضاع الاقتصادية الصعبة، وانعدام الدخل لدى الفرد والأسرة بشكل عام وانقطاع رواتب الموظفين العموميين ".

 

 

وأضاف أنور لـ" المهرية نت " الكثير من الأسر لجأت إلى أطفالها في توفير مقومات العيش عن طريق بيع الماء أو المناديل أو الحلويات أو العمل في ورش داخلية كالنجارة أو مهن شاقة وصعبة جدا،وقد يلجأ الأطفال إلى التسول إذا لم تتوفر الأعمال لتغطية احتياجات الأسرة".

 

وتابع" رغم كفاحهم في الأعمال لكنهم لا يستطيعون تغطية احتياجات الأسرة جراء تدهور الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية وارتفاع أسعار المواد الغذائية". 

 

وأكد أنور قائًلا" الدولة باتت عاجزة لوضع حلول لمشكلة جزئية عمالة الأطفال وكبار السن وجميع المتظررين بسبب الحرب التي لا تنتهي إلا بحلول جذرية لها وإحلال السلام".

 

 

وأردف" نحن كمجتمع قد نستطيع أن نجري حراكا تعريفيا بعمالة الأطفال وعودتهم إلى المدارس لكن لا نستطيع أن نجبر طفلًا على المكوث في المنزل، ونقوم بإعالة أسرته خاصة؛ مع هذه الأوضاع الصعبة التي يعاني منها الجميع".

 

واختتم قائلًا" لن تنتهي عمالة الأطفال إلا بوجود حلول جذرية للمعضلة الأساسية وتحقيق السلام ".


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية