آخر الأخبار
المجلس الانتقالي.. مسيرة حافلة بالتنصل من الالتزامات السياسية (تقرير خاص)
مشاورات الانتقالي في عدن
السبت, 13 مايو, 2023 - 09:48 صباحاً
مع مرور الوقت، تتعقد أكثر مهمة ترتيب الأوضاع في المحافظات اليمنية المحررة، وتوحيد الجبهة المناوئة للحوثيين، وهو هدف سعت إليه السعودية خلال السنوات الماضية، وزادت أهميته مؤخراً بالنسبة للرياض في ظل اتجاهها لإنهاء تدخلها العسكري المباشر في اليمن.
المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، شريك السعودية الرئيسي في التدخل العسكري في اليمن عام 2015، واصل مساره الرامي لفصل جنوب اليمن، على الرغم من تمثيله داخل الحكومة اليمنية وداخل مجلس القيادة الرئاسي، في سلوك يقوض الجهود السعودية المذكورة، ويضاعف القلق المحلي والدولي من مزيد من الصراعات والتفكك داخل جبهة الشرعية .
آخر الإجراءات الأحادية لحلفاء أبوظبي في عدن كان تنظيم مؤتمر تشاوري "جنوبي-جنوبي" دعوا إليه معظم القوى والكيانات السياسية الفاعلة في جنوب البلاد، وانتهى بتوقيع المشاركين على ما أُطلق عليه تسمية "الميثاق الوطني الجنوبي"، حددوا فيه أسس الدولة التي ينشدون إقامتها مستقبلاً، وسط مقاطعة من قبل الكثير من القوى السياسية الوازنة في المحافظات الجنوبية .
هذه الخطوة عكست عزم الانتقالي على القفز فوق الاتفاقيات التي رعتها المملكة العربية السعودية بينه وبين الحكومة اليمنية، والمتمثلة في "اتفاق الرياض" الموقع من الجانبين أواخر العام 2019 , واتفاقية نقل السلطة من الرئيس اليمني السابق عبده ربه منصور لمجلس القيادة الرئاسي في أبريل من العام الماضي، والذي يحظى عيدروس الزبيدي ، رئيس الانتقالي، بالعضوية داخله .
تنصل من الالتزامات
ومنذ تأسيس مجلس القيادة، سعى الزبيدي لاستثمار الشرعية التي توفرها له العضوية داخله من أجل تعزيز مشروع الانفصال، عبر الدفع بالموالين لمجلسه داخل الجهاز الإداري للدولة ، وتحريك مليشياته التي ظلت خارج مظلة وزارة الدفاع اليمنية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب على الأرض في محافظتي شبوة وأبين على حساب القوات الحكومية .
في الأثناء تعثرت جميع المساعي لاستكمال تنفيذ اتفاق الرياض ، خصوصاً ما يتعلق بدمج الفصائل المسلحة، حيث لم ينجم أي تقدم عن تحركات اللجنة العسكرية المشكلة من قبل رئيس مجلس القيادة لهذا الغرض، وتأتي الوثيقة الجديدة التي وقعها الانتقالي وحلفاءه لتحسم نهائياً موقفه من هذه المسألة ، وذلك عبر تقديمه للمليشيات التابعة لهم ك " قوات مسلحة جنوبية" مستقلة عن وزارة الدفاع اليمنية .
وفي هذا السياق ، رصد الباحث الاجتماعي والسياسي مصطفى الجبزي عدة نقاط في "الميثاق" الذي أصدره الانتقالي تمثل تنصلاً واضحاً عن الالتزامات الواردة في اتفاق الرياض واتفاق نقل السطة، أبرزها التنكر للنصوص التي تؤكد على المساواة بين اليمنيين ، وعلى وحدة اليمن وسلامة أراضيه .
وإلى جانب مسألة توحيد الجيش والأمن المُشار إليها سلفاً ، أشار الجبزي في مقال نشره على صفحته في "فيسبوك" إلى أن المادة 8 من اتفاق الرياض نصت على مشاركة الانتقالي في وفد الحكومة في مشاورات الحل السياسي مع الحوثيين، بينما ينص "ميثاق" الانتقالي الجديد على مشاركة مستقلة في المفاوضات المقبلة .
ودعا الجبزي رعاة اتفاق نقل السلطة إلى "مراعاة شروط نجاح هذا المجلس والتذكير بالالتزامات التي نالتها القضية الجنوبية وتلقاها المجلس الانتقالي قبل توقيع اتفاق نقل السلطة"، مضيفاً " على الموقعين على اتفاق الرياض ورعاته الإقليميين اتخاذ الموقف الملائم".
هذه الدعوة تردد صداها أيضاً لدى الصحفي المقيم في عدن أنور محسن ، والذي اعتبر أن "تنكر الانتقالي للالتزامات السياسية ينبغي أن يجابَه بقوة ، ليس من قبل رعاة الاتفاقيات السابقة فحسب ، ولكن أيضاً من جميع الفاعلين الدوليين الذين يرون مصلحة في تعزيز موقف المجلس الرئاسي للوصول إلى اتفاق سلام شامل مع الحوثيين".
تأثير خارجي
ويرى محسن - اسم مستعار لغاية السلامة الأمنية- أن "الميثاق الذي خرج به الانتقالي قبل أسبوع ليس بريئاً من التأثير الإماراتي، بل إنه أقرب لأن يكون خطوة مدفوعة بالكامل من أبوظبي في معرض الرد على المباحثات السعودية الأخيرة مع الحوثيين ، ويهدف إلى إضعاف موقف الرياض عبر إضعاف موقف حلفائها في المحافظات المحررة".
وكان السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر قد زار عدن بالتزامن مع صدور الميثاق الخاص بالانتقالي، في خطوة فسرها مراقبون على أنها محاولة سعودية لتدعيم موقف رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي الذي كان قد عبر في وقت سابق أنه من غير الملائم نقاش القضية الجنوبية في ظل التهديد الماثل من قبل الحوثيين .
غير أن زيارة آل جابر لم تسفر عن أي تهدئة أو تراجع من جانب الانتقالي الذي قرر المزيد من التصعيد عبر الترتيب لعقد الاجتماع القادم لجمعيته العمومية في محافظة حضرموت بعد نحو أسبوع من الآن .
ومن المتوقع أن تشهد محافظة حضرموت خلال الأيام القادمة جولة جديدة من التوتر بين القبائل المحلية المدعومة من الرياض، وأنصار المجلس الانتقالي الذي يسعى لفرض سيطرته على المحافظة الغنية بالنفط .