آخر الأخبار
نسوان عدن في مواجهة آلة القمع
عندما تقمع إرادة الشباب في الساحات، تتناسى قوات القمع أن لعدن تجربة نضالية غنية منذ مقارعة المستعمر، كانت المرأة سندًا لأخيها الرجل، وعُرفت عدن بعدد من الماجدات، وتاريخ غني بالبطولات في مقارعة المستعمر البريطاني، للذكر لا للحصر منهما (ماهية نجيب، ورضية إحسان، وصافيناز خليفة، وزينب حميدان، ونجوى مكاوي، ورقية ناصر، ونعمة سلام، ونور حيدر)، وعدد كبير لا يسع هنا ذكرهم من مديرات المدارس والمعلّمات والطالبات، كان بمجرد أن يقمع المستعمر الاحتجاجات العمالية والشعبية، كان النساء يخرجن للشوارع رفضًا لسياسة القمع والاعتقالات، بل ساهمن في نقل الأسلحة ودعم الكفاح المسلح بكل أشكاله.
ما أشبه اليوم بالبارحة، منذ أن رحل المستعمر من عدن، ولم تهدأ عدن، فهي المدينة الثائرة في وجه كل باغٍ وطاغٍ، كل فساد وانتهاك، كانت المرأة سندًا لرفيقها الرجل.
وفي كل منعطف ثورة يأتي من يركبها، ليتحوّل عائقا أمام تحقيق الغايات والتطلعات وأحلام الناس في وطن مستقر وآمن، وطن الكرامة والمواطنة، ما يستدعي تصحيحًا، فكانت انتفاضة الجنوب ضد منظومة الفساد ما بعد الوحدة، وثورة فبراير، والمرأة تشكل السواد الأعظم في الساحات، واليوم عدن تعاني وهي في أسوأ حالتها، لا كهرباء ولا ماء، فقر وجوع و معيشة ضنكًا، بل تجويع وتعذيب للناس، فخرجوا رافضين لواقعهم، وتصدى لهم صناع الواقع والمستفيدون منه من اللصوص والفاسدين والمتاجرين بقضاياهم وأحلامهم وتطلعاتهم، وكأنهم يقولون نحن لكم في المرصاد.. مصالحنا فوق مصالحكم، وعندما يخرج الناس ليطالبون بحقوقهم المكفولة، فهم يكشفون الوجه القبيح لمن يحكم ويتحكم بالمشهد، فيكشفون القبح، ومعه قائمة من المرتزقة والمنافقين والأفاقين، وما القضية التي يتذرعون فيها إلا وسيلة للبقاء متسلطين ناهبين باسطين على حياة الناس عابثين بمقدرات البلد ومقوماتها متاجرين بكل شيء الأرض والعرض.
ها هم نساء عدن والجنوب اليمني، يخرجون لدعم الشباب والرجال المناضلين، وفي خروجهم ثورة لن تتوقف إلا باقتلاع كل باغٍ وطاغٍ، كل فاسد وناهب، وكل منافق وأفاق، والوطن ليس ترك ولا مزرعة لقبيلة وعشيرة ومنطقة، الوطن يستوعب كل أبنائه، وطن الكرامة والعزة والشرف للجميع دون استثناء، وطن يحتمي تحت رايته المظلوم والمضطهد، والبسطاء والفقراء والمحتاجين ، ليس مزرعة لتربية الأثوار من لوبي الفساد وجماعات باغية من القبيلة والعقيدة، لا تقدّم غير الخُطب والشعارات، تطالب الناس بالصبر والمصابرة وتحمل مآسي فشلهم، وهم في أحسن حال، تطالب الناس بتحمل الجوع وهم مثخنين بالشبع.
هنيئًا لك يا وطن، وهنيئًا لعدن هذا الإرث النضالي الذي تتوارثه الأجيال، ما جدات الأمس وماجدات اليوم وساحات الحرية والعدالة، في مواجهة مستعمر الأمس وأدواته اليوم، وما التصريح لتلك الأدوات التي تقدم نفسها سندًا للصهاينة وضد أبناء جلدتها من العرب والمسلمين لعار في جبينهم، ونتبرأ منه ومنهم، بهذا التصريح لهم ليسو منا ونحن لا نقبلهم، فهم صهاينة برداء عربي.