آخر الأخبار
مع استمرار تعافي الريال اليمني .. السخط الشعبي يتجه نحو التجار بسبب الأسعار(تقرير خاص)
الاربعاء, 22 ديسمبر, 2021 - 09:22 صباحاً
شهدت العملة الوطنية خلال الأسبوعين الماضيين تحسنا ملحوظا أمام العملات الأجنبية في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وذلك في إثر قرار للرئيس اليمني قضى بإعادة تشكيل إدارة البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن.
قيمة الريال اليمني تعززت خلال الأيام الماضية بواقع أقل من 1000 ريال مقابل الدولار الأميركي ، بعد أن كان قد تعدى حاجز ال 1700 ريال مقابل الدولار خلال الأشهر القليلة الماضية ، في انهيار قياسي انعكس بشكل كارثي على معيشة المواطنين اليمنيين الذين تراجعت قدرتهم الشرائية إلى حدود مخيفة .
كما أسهمت الأنباء المكثفة عن وديعة مالية سعودية وشيكة للمركزي اليمني في استمرار التعافي في قيمة الريال ، حيث حدثت اجتماعات عالية المستوى بين مسؤولين في الحكومة اليمنية وممثلين عن الحكومة السعودية خلال اليومين الماضيين ، وأكد نائب وزير الدفاع السعودي لرئيس الحكومة اليمنية دعم بلاده للإصلاحات الاقتصادية ونيتها تقديم المزيد من الدعم في حال استمرت هذه الإصلاحات .
لكن على الرغم من هذا التعافي النسبي وعودة الريال اليمني إلى القيمة التي سادت في الأشهر الأولى للعام الحالي ، ترتفع الشكوى في الشارع اليمني وعلى مواقع التواصل الاجتماعي من عدم مواكبة السوق المحلية للتحسن الحالي فيما يخص أسعار البضائع التي تراوح مكانها في الأعالي وسط غياب ملحوظ للرقابة الحكومية على سوق السلع .
مراوغة واستغلال
أحمد عبدالقادر عامل بالأجر اليومي يكرر الشكوى التي أصبحت نغمة الفضاء العام في المناطق المحررة خلال الأيام الماضية "عندما كان سعر الصرف يرتفع كان التجار يرفعون الأسعار بشكل شبه يومي ، الآن الريال تحسن والأسعار على حالها ".
وكان نشطاء ومستخدمون لتويتر وفيسبك قد عبروا عن سخطهم من هذه الظاهرة عبر وسم حمل اسم " #التجار_الفجار" ، وأوردوا قصصاً من تعاملهم اليومي مع الباعة في الأسواق تؤكد تجاهل التجار للمتغيرات في أسعار الصرف ، موجهين نداءاتهم للغرف التجارية المحلية بالتدخل لإلزام التجار بتعديل أسعار البضائع .
" تخبر التاجر عن تحسن سعر الصرف ، فيراوغ بأنه اشترى البضاعة قبل التحسن" يتابع " أحمد شكواه لموقع المهرية نت ، قبل أن يضيف " أنا عامل أكسب عشرة ألف ريال في اليوم ، مع فترات طويلة أقضيها بلا عمل ، ولا يكفيني هذا المبلغ لتدبر احتياجات البيت الأساسية طالما أن الكيس الدقيق ب47 ألف ريال، وقس بقية الأشياء على هذا" ، ثم يمضي عبد القادر متسائلاً في حسرة كيف يمكن لمن هم وضعه أن يعيشوا مع أسرهم .
أما الطالب " شهاب محمد" فقد عبر للمهرية نت عن خيبته من استمرار ارتفاع الأسعار بعد موجة التفاؤل التي اجتاحت المواطنين مع تحسن قيمة العملة الوطنية خلال الأسابيع الماضية . " نراقب تحسن الريال طوال اليوم " يقول شهاب، " على أمل أن ينعكس على ذلك على واقعنا المعيشي ، خصوصاً نحن الطلاب ، وعندما نخرج إلى السوق صباح اليوم التالي أول نستقل الباص إلى الجامعة نتفاجأ أن الأسعار على ما هي عليه " .
" هذا استغلال للمواطن من قبل التجار ، رغم المبررات التي يقدمونها " يواصل شهاب الذي يدرس الأدب الانجليزي في جامعة تعز ، " وهو ناتج عن غياب السلطة وغياب الرقابة على السوق ، والمواطن المغلوب على أمره هو الضحية في النهاية."
جزء من المشكلة لا كلها
وغير بعيد عن ذلك ، يفسر الصحفي عمران صالح هذه الظاهرة ب" أن استقرار الأسعار مرهون باجراءات لاتنفصل عن بعضها وترتبط بما خلفته الحرب من خلل في الجهات الرسمية المختصة من عدم انسجام في قرارات تلك الجهات بشأن ضبط أسعار السلع ومراقبة السوق". ويضيف " صالح" للمهرية نت أن " هناك سلطة ضبطية تتمثل بالشرطة، وجهة رقابية ممثلة بالصناعة والتجارة ، وهذه الجهات تعمل منفردة في قرارتها، وهو سبب رئيس في عدم انخفاض الأسعار السلعية مقارنة بتحسن قيمة الريال اليمني .
إلى ذلك يرى " صالح " أن التجار ليسو سوا حزءاً من المشكلة ، وأن لهم مخاوفهم المعقولة من التلاعب بأسعار العملات وتأثير ذلك عليهم ، ويختم تصريحه بالجزم " أن وجود قرار موحد ومنسجم من الجهات المختصة لمراقبة السوق وضبط الأسعار هو الحل."
ويعاني الاقتصاد اليمني منذ بداية الحرب ضربات قوية أوصلته إلى حالة من الاعتماد شبه الكامل على المساعدات المالية الخارجية ، في ظل العجز الحكومي عن السيطرة على المصادر الإيرادية بسبب دوامة العنف التي تعصف بالبلاد منذ 2014 .
وكانت إحصائيات ل"مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية " التابع للأمم المتحدة في اليمن قد أكدت أن 20 مليون يمني ( ثلثي السكان) يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، منهم 10 ملايين هم في حاجة ماسة إلى مساعدات للحفاظ على حياتهم وتجنب المجاعة.
وشهد الشهر الماضي خروج مظاهرات حاشدة في أغلب المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية شارك فيها آلاف المحتجون العاضبون، تنديدا بتهاوي قيمة الريال وارتفاع الأسعار ، وسخطاً على الحكومة لعجزها عن اتخاذ إجراءات عاجلة لوضع حد لهذا التدهور.