آخر الأخبار
الكتاب في مواجهة الخراب
(2-2)
وبمقابل الكتابة بأقلام نسائية حضر الكثير من الكُتَّاب في السياق نفسه بعشرات العناوين الأدبية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية (*)، ومن هذه الكتب كتاب أستاذ علم الاجتماع بجامعة عدن الدكتور سمير عبد الرحمن هائل الشميري والمعنون بـ (مجتمع كسيح ونخب متوحشة) واشتمل على مفردات عديدة منها مفهوم النخبة، ونخب المجتمع الكسيح، ونخب الشعارات، وفي الفصل الثاني من الكتاب يناقش سيسيولوجيا الحياة اليومية وانهيار الخدمات ، متغيرات أثرت على نمط الحياة اليومية ، نظرية الصدمة تُغيِّر مفردات الحياة اليومية وفي الفصل الثالث يدرس الكاتب انهيار المنظومة الأخلاقية بدءاً من مسببات انهيارها ، وخراب اجتماعي وانحطاط أخلاقي بائن ، الشارع وانهيار المنظومة الأخلاقية وغيرها من العناوين الدقيقة التي تقارب التغيرات الجوهرية في مجتمع عدن وتلازمت مع سنوات الحرب، وتفشي ظاهرة الفوضى والانفلات وارتفاع منسوب الكراهية في مجتمع طالما عبر عن نفسه بالتعايش والتسامح ، لكن مع انهيار الدولة وشغر الجماعات العصبوية بميولها القروية والجهوية للفراغ بدأت تتفشى مصل هذه الظواهر المتوحشة.
أستاذ النقد الحديث الدكتور عبد الحميد الحسامي أصدر كتابا مهما عنوانه (متخيل الديستوبيا) من جزئين ، الأول يتعلق بقراءة في منجز الرواية الغربية التي شكلت علامةً فارقةً في المشهد الروائي الغربي في تقديم خطاب روائي ديستوبي، يحاولُ أن يؤسس تيارًا جديدًا في الرواية؛ يسائلُ تحولاتِ الحياة؛ ويناوش علاقة المؤسسة الرسمية بالمجتمع؛ ويرسم اشتغالَ الفن بالواقع، وهواجسَ الفنَّان في علاقته بالحياة، وهمومها، واستشراف صورة المستقبل. أما عن الجزء الثاني الذي يعاين الرواية العربية ويقول عنها المؤلف أنها "تنتزع هذه الدراسة قيمتها العلمية من كونها ترصدُ تحولًا مهمًا في بنية الرواية العربية، وإبدالًا من إبدالاتها، في رؤيته وبنيته، فقد ظهر في العقود الأخيرة عدد وافر من روايات الديستوبيا؛ وذلك يقتضي أن ينهض النقد بمساءلتها، واستكشاف تفاصيلها، وأبعادها، وطرائق اشتغالها.
الشاعر والناقد عبد الودود سيف أصدر كتابا نقديا حمل عنوان "رؤى التغيير الاجتماعي والسياسي في الأدب اليمني المعاصر" أشتمل على قراءات متعددة في قضايا الشعر والرواية والقصة القصيرة، ودرس نماذج من نتاجات محمد محمود الزبيري في رواية (مأساة واق الواق) و زيد مطيع دماج في مجموعة (الجسر)، وعبدالله البردوني؛ الرؤية في ديوان "زمان بلا نوعية" ، و د عبدالعزيز المقالح، في ديوان "الخروج من دوائر الساعة السليمانية"، وأحمد العواضي، في مجموعة "مقامات الدهشة" الباحث المعروف علي محمد زيد أصدر عملين روائيين يضافان إلى عمليه السابقين ( زهرة البن وتحولات المكان). العملان الجديدان هما ( الفقاعة) و ( كوبن هاجن في بيتنا) وفي الأول، سيكون المهجر الفرنسي فضاءها المكاني ، وشخصية المثقف العربي المهاجر ، والذي تقوده الحاجة لكتابة سيرة أحد الأثرياء الفاسدين الذي يصفه بقوله
سالم السالم الثري قصير القامة والسمين إلى درجة تجعله يبدو كتلة واحدة من اللحم بلا عنق، والذي يحتل مكتبه الشخصي طابق خامس من مبنى أثري عريق وفخم في شارع بلزاك ، شارع محمل بالظلال الشعرية والروائح التاريخية ، يتفرع من جادة الشانزليزيه الشهيرة، أما مكتبه في هذا المبنى يشبه أروقة مكتب رئيس دولة أو ملك، به الكثير من المستخدمات من النساء الجميلات والأنيقات.
أما في كتاب " كوبنهاجن في بيتنا "يعيد الكاتب تطويع رحلة البعثة العلمية الدنماركية الشهيرة التي وصلت إلى اليمن في القرن الثامن عشر ( 1761م) ، وصدرت وثائقها في كتاب معروف عنوانه ( من كوبن هاجن إلى صنعاء) من تأليف توركيل هانسن وترجمة محمد أحمد الرعدي، ليصير رواية تعيد رسم الشخصيات وخارطة تحراكاتها ( من اللحية إلى بيت الفقيه والمخا وتعز وإب صولاً إلى صنعاء )كما تحددها الوثائق التاريخية، مع إعادة استنبات شخصيات متخيلة، وابرزها شخصيات العالم والفقيه الذي يسهل وصول أفراد من البعثة إلى مناطق الجبال حيث تزرع شجرة البن."
ومع الكتابين الروائيين اصدر كتابا مهما عن سيرة الراحل الكبير الأستاذ عبد الله البردوني حمل عنوان "عزاف الأسى" وجاء في تمهيده:
لا يمكن تقدير أسطورة الشاعر المبدع والكاتب اليمني الكبير عبدالله البَرَدُوني، والمسافة التي قطعها من كنف الضياع والمعاناة إلى ما بلغ مِن شهرة ومكانة عالية ومجد، دون نقل المشهد الحزين التالي، شديد التأثير والوطأة على نفسه وعلى حياته كلها. وهو مشهد يرسم البداية المستحيلة التي انطلق منها ليبدأ سيرة المجد والنبوغ، ومواجهة حوادث الوجود القاسي المحيط به، واستخدام مواهبه وقدراته وإحساسه المرهف بما حوله في قراءة الواقع الذي يلامسه، حتى التفاصيل الدقيقة، للبحث عن منافذ ولو بسيطة لشق طريقه الصعب، بصبر وهدوء، ولكن بذكاء حاد،، وجرأة واندفاع، ومثابرة عنيدة، حتى خرج بالتدريج من مأزق الوجود العابث في واقع لا يوفر وسائل النجاح للغالبية الساحقة من الناس المعذبين بالحياة في بلد كان منكوبا بفقره وحرمانه، منطويا على نفسه وعلى مأساته، في ركن قصي من جنوب غرب شبه الجزيرة العربية، ومجتمع كان يتدبر أمره بكثير من المشقة والعناء، وسلطة لم تكن تتحمل مسئولية رعاية مواطنيها، وبخاصة الفقراء والمحتاجين الذين يشكلون غالبية السكان، ولا توفر لهم الحماية من الأوبئة الفتاكة التي تترك الكثير منهم ضحايا ومعوَّقين ومشرَّدين وباحثين عن عيش الكفاف، وبالذات من وجدوا أنفسهم خلف جدران العمى وانعدام المساعد والمعين."
الروائي حبيب عبد الرب سروري أصدر رواية جديدة عنوانها "جزيرة المطففين" بعد مجموعة رواياته (الملكة المغدورة ،دملان. (ثلاثية روائية)، طائر الخراب، عرق الآلهة، تقرير الهدهد، أروى، ابنة سوسلوف، حفيد سندباد، وحي) تقول أماني فارس أبو مرّة في مراجعتها للرواية
"الرّاوي في "جزيرة المطفِّفين" صحافي يمني ثلاثيني، و"وكيل سرّي" لا اسم له ولا عنوان (رجل ظل)، في طريقه إلى لندن، لمهمة عمل صحافي استطلاعي سريعة (قبيل أعياد كريسماس 2020). اضطر، بسبب إغلاق حدود مدينة كاليه (التي تقع في أقصى شمال فرنسا) على حين غرة ولأجل غير مسمى، إثر متغيّر إنكليزي لفيروس الكوفيد، أن ينتظر عودة المواصلات ليكمل رحلته وإتمام مهمته.
الباحث أحمد شرق الحكيمي أصدر في ثلاثة أجزاء معجماً (في لهجة المعافر وتراثها) ويتكون المعجم من ثلاثة مجلدات تزيد صفحاته عن1500 صفحة من الحجم الكبير، "وتتضمن ما يزيد عن 4500 مادة لغوية شملت مجالات الحياة المختلفة، ومنها الألفاظ والمصطلحات المتصلة بالزراعة والحراثة والري والمواسم والمعالم الزراعية والعادات والتقاليد الاجتماعية وألفاظ البناء والعمران وغير ذلك. وتم شرح وتفسير كل لفظ ومصطلح وتأكيد ذلك بالأمثلة والشواهد من التراث الشعبي، ولا يقتصر هذا المعجم على الشرح والتفسير للمفردات والمصطلحات فقط ولكنه يقدم أيضا مقارنات بينها وبين ما ورد في نقوش المسند، أو في معاجم الفصحى، أو ما ورد في اللغات السامية." كما ورد في مادة تعريفية عن المعجم"
الباحثة سعاد العلس اصدت كتابا عن الحركة النسوية عنوانه (نساء عدن تنوير وتحرير)، قال عنه عبد الحسين شعبان
"بلغةٍ أنيقةٍ وجملة رشيقةٍ وقلمٍ يسيل منه حبر الأديب تبدأ الكاتبة اليمنيّة الأستاذة سعاد عقلان العلس مشروعها البحثي التاريخي (نساء عدن تنوير وتحرير) بتدوين مرحلة مهمّة من التاريخ النضالي في جنوب اليمن، وذلك من خلال سيرة عدد من النساء اللواتي ساهمن في الحركة الوطنية اليمنيّة بمختلف تياراتها. بقدر ما للمصادر التاريخية من أهميّة، خصوصاً لما هو مكتوب في حينه أو في ما بعد، فإن القراءة الإرتجاعية والرؤية النقدية التي حاولت أن تعكسها سعاد العلس باطلاعنا على نصوص وحوارات وسِيَر وما تردّد شفاهاً على ألسنة النساء اللواتي قابلتهنّ أو تابعت مسارهنّ، أعطت نكهة متميّزة أخرى لعملها البانورامي. وحسب اطلاعي المتواضع فإن هذا هو أول بحث شامل وجاد لتاريخ الحركة النسائية بفسيفسائها الإجتماعية وموزائيكها الثقافي ومصادرها المتنوّعة، وخصوصاً للطبقة الوسطى، كجزء عضوي من تاريخ الحركة الوطنية، وتلك ميزة البحث الأولى"
الدكتور سعيد الجريري أصدر كتاباً عنوانه ( خارج الكهف) وهو عبارة عن مراجعات نقدية ومتابعات وتعليقات على موضوعات أدبية وثقافية متنوعة ، وجاء في مقدمته
" مع تماس مع الكهفية والبروكرستية تتسق مقالات هذا الكتاب على مسافة ما، حيث توازي الكهف مكانياً فهي (خارجه) من جهة، ومن جهة أخرى توازي سرير بروكرست أيضاً فهي( بعيداً عنه)، لكن المقالات وهي تساجل وتجادل وتسائل وتشاكل وتحاول، لا يشخص أمامها بروكرست اليوناني وإنما آخر معاصر ذو صفة افتراضية، هو بروكرست الحضرمي، باعتباره امتداداً موضوعياً لبروكرست القديم وسريره الحديدي العتيق.. لكن بروكرست الحضرمي هذا لا تحده جغرافيا حضرموت وحدها، فهو بروكرست اليماني والعربي أيضاً ،في مشاهد ومواقف متماثلة أو متشابهة، لكن ( حضرمته) هنا إنما من زاوية التغليب الرمزي إن جاز التعبير"
وهناك عناوين شعرية كثيرة صدرت خلال هذه الفترة لشعراء معروفين أمثال أحمد السلامي في مجموعة ( قديس خارج اللوحة) ومحمد اللوزي ( بيدق أسود بيد الجنرال) وعبد المجيد التركي (كبرت كثيراً يا أبي) وطه الجند ( جهات المحبين)
عشرات العناوين الأخرى التي يتعذر عرضها أو الاشارة إليها في هذا الحيز، لكنها تحيل هي الأخرى إلى هذا التعافي الثقافي في زمن الخراب.
________________________
ينظر https://www.khuyut.com/sub-categories/khuyut-book