آخر الأخبار
حوار مع نتنياهو
اقصِفْ، اقتُل، دمِّر، حاصِر، مزِّقْ الأشلاء، تلذَّذ بقتل الأطفال، أطرِبْ أذنيك بصراخهم.. هل وصلت لنشوة الانتصار؟! حتما لا..
اقتل طفلاً آخر، فجِّر منزلاً، أحرِق سيارة إسعاف كانت في طريقها لإنقاذ عائلةٍ قُصِف منزلها للتو، ولم يتبقَّ سوى أم مكلومة وأب مفجوع على أبنائه، أترى ذلك البرج الذي تقطنه مئات الأسر؟ دمِّره فإنهم ليسوا سوى حيوانات، يستحقون الموت، وسيُسجَّلون مجهولي الهُوية، لن يتعرف عليهم أحد؛ فصواريخك حارقة، سيكونون لاحقاً أعداداً في سِجِّل الضحايا، وسيُقبَرون في مقابر جماعية، أتعرف؟! كانت حماس سبباً في موتهم.
هل انتصرت؟ حتما لا! حسناً أترى تلك الكنسية؟! هي ثالث أقدم كنائس العالم، أرسل صواريخك، دمِّرها، فالذي يسكنها الآن مسيحي عربي، لحيته غير شقراء، حتى وإن علَّق الصليب على صدره فهو عربي، وجنسيته فلسطينية، لا تُبالِ، لن يأبه العالم به.
هل تَحسَّن مزاجك الآن؟ اشرب كأسا من الفودكا، علَّه ينسيك مأساة السابع من أكتوبر الماضي التي تقض مضاجعك، ما هذا الشهر الكئيب عليكم نتنياهو؟!
ما زالت ذكرى أكتوبر من العام ثلاثة وسبعين تؤلمك حتى اللحظة، أعرف هذا، اشرب كأسا أخرى وأخرى ثم مُرْ طيَّاراً بقصف مدرسة وجامعة، وانتقم؛ فليس لهؤلاء حق التعليم، فالتعليم في غزَّة يخرج أجيالاً تقاوم، أجيالاً تكره إسرائيل، ولا تعترف بها.
تلك الاجيال لا ينبغي لها أن تكره إسرائيل، ولا أن تعيش، بل عليها أن تتقدم لك بالشكر للسماح لها بالعيش.
كم قتلت حتى الآن؟!
لا تكترث، أعرف ذلك، ولكن هم كُثر، أغلبهم أطفال، حسناً لا يهم كانوا سيكبرون غداً ويقاتلون إسرائيل..
يخبرني، أتعرف؟! لقد قطعتُ الأطراف، وهشَّمتُ الجماجم فماذا حدث؟! خرج بعض العرب والمسلمين يتظاهرون ثم عادوا إلى ديارهم؛ ليتابعوا على الشاشات قصفاً جديداً وقتلاً أكثر.
لقد قتل الإرهابيون ابن أخي، لقد كان لطيفاً جدّاً، قتلوه دونما رحمة، كان سائقي الخاصَّ ومحبوباً لدى حكومتي.
إذًا لا عليك، نتنياهو! استمرَّ في قصفك وتفجيرك؛ فالعالم في صفك، تركوا المبادئ التي ظلوا يتفاخرون بها لسنوات وراء ظهورهم، فلا حقوق إنسان، ولا قوانين تحكم حربك؛ فأنت القانون، لقد منعوا حتى التعاطف مع أعدائك، لكن أتعلم؟! لن تصل إلى مبتغاك أبداً، أتعرف لماذا؟!
لأنَّك لم ترَ الأطفال الذي قصفتهم طائراتك، كان الدم يُغطِّي أجسادهم، وكانوا يهتفون بصوت واحد "فداء للأرض" التي استوطنتها وفداء "للقدس" التي لن تنالها.
لأنَّك لم تر ذلك الطفل ذا الأربع سنوات، للتو، ماتت أسرته كلها أو بالأحرى قَتَلَتْهُم صواريخ طائراتك، استشهد أبوه مبتسماً، ولم يجدوا أثرًا لأمه، ما زلت تحت الأنقاض، وبقي الطفل يلعب ويضحك.. هل تستطيع سرقة ضحكته؟ حتماً لا، لكنك تستطيع أن ترسل صاروخاً آخر ليقتله، ذلك ما تستطيع فعله، لن تستطيع سرقة ضحكاته، فقبل نصف ساعة فقط كان يلعب مع أمِّه، وتُعلِّمه كلمة القدس؛ فأطفال غزَّة ليسوا كأطفال العالم، فأوَّل كلمة ينطقونها هي "القدس".
انظُرْ هناك.. أترى تلك الأم التي خرجت لشراء الخبز لأولادها، وحين وصلت وجدت المخبز قد قُصِف رجعت حزينة؛ لأنَّ أطفالها سينامون جياعاً، وحين وصلت وجدت بيتها قد قُصِف أيضاً، أولادها ماتوا جياعاً، سيأكلون في موائد الرحمن، سيُغِيظك ذلك لكن لن تستطيع منعه، وتلك الأم ستلد آخرين سيكونون مقاومين، ولن يعترفوا بإسرائيل أيضًا.
الأمر معقَّد بالنسبة إليك، لن تستطيع قتل أحلام الفلسطينيين، ولن تستطيع أن تنسيهم حق العودة؛ فكلُّ أمٍّ ترضع أولادها العزَّة، وكل أب يحمل في جيبه مفتاح بيته، يورثه لأبنائه، ويرسم لهم على ورقة بالية طريق العودة، حتى يحفظوه عن ظهر قلب.
كما أنكم تورثون أبناءكم جنسيات الدول التي قدمتم منها، ستعودون يوما إليها مطرودين، تهدمون بيوتكم بأيدكم وأيدي المؤمنين، قد أخبرنا الله بهذا، وأنَّ موعدكم الصبح.. أليس الصبح بقريب؟!
فصبرٌ جميلٌ يا غَزَّة، والله المستعان..