آخر الأخبار
بدراجات نارية حماس تطيح بأقوى الأنظمة الأمنية في العالم
تَحرق إسرائيل غزة بعد أن فُضحت عسكريا وأمنياً واستخباراتياً على مرأى ومسمع العالم، ومحى أبطال المقاومة في حركة حماس تلك الكذبة التي يتغنى بها الاحتلال من امتلاكه أقوى الجيوش في الشرق الأوسط، والمنظومة الأقوى في المنطقة وأحد اقوى الجيوش في العالم.
ترسانة مسلحة وأبراج مراقبة وأجهزة حديثة وقبة حديدية ونظام تقني معقد يصعب اختراقه وجدار فاصل ذكي يحوي مجسات فوق الأرض وتحتها كلف الإدارة الإسرائيلية مليار دولار أصبح لا يساوي شئيا في السابع من أكتوبر 2023، على براشوت شراعية واسلحة شخصية، ومع بزوغ فجر ذلك اليوم دخل أبطال المقاومة الفلسطينية مناطق غلاف غزة المحتلة بدراجات نارية وسيارات صغيرة وفي بضع ساعات قُتل 1300 من جيش الاحتلال وحوالي 200 أسير ونزوح أكثر من مئة ألف إسرائيلي من مناطق غلاف غزة.
كل هذا دفع جيش الاحتلال الصهيوني إلى اختلاق الأكاذيب وترويجها من ذبح المقاومين للأطفال الرضع دونما دليل وهو خطأ وقع به رئيس الولايات المتحدة الامريكية جو بايدن الذي صرح في مؤتمر صحافي بأنه "رأى صورا لأطفال مقطوعي الرؤوس"، معطيا الضوء الأخضر لإسرائيل بحق الرد على ما اعتبره عدوان غاشم على المدنيين في إسرائيل.
وفي ظل تأييد غربي وتخاذل عربي وإسلامي تقصف إسرائيل ودون سابق إنذار المنازل وتهدمها على ساكينها، بل مُحيت أحياء كاملة في غزة، قابله أهالي غزة بصبر وعزيمة، إنه ثبات أهل الأرض وثقتهم بأن النصر حليفهم مهما اشتد البلاء.
لم يكتف الاحتلال بذلك الإجرام بل قطع المياه والكهرباء والمواد الغذائية والدوائية على أهالي القطاع ليعيش الأهالي حالة من الهلع والظلام والجوع والعطش على مدى أيام.
تصاعدت الأحداث في ليل السابع عشر من أكتوبر حين قصف طيران الاحتلال أكثر الأماكن قدسية وأشدها حرمة في الحروب، غير مكترثة بقوانين الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف لعام 1949 التي ضمنت حق السلامة للمنازل والجامعات والمستشفيات ودور العبادة. كما خصصت حماية المستشفيات في اتفاقية جنيف الرابعة وفقا للمادة 18، بل إن استهداف المستشفيات بشكل متعمد يعتبر جريمة حرب وفقا للمحكمة الجنائية الدولية.
وهنا لمحة عن مستشفى الأهلي "المعمداني" الذي نزح إليه الآلاف من الأسر هربا من القصف العشوائي الذي يطال غزة منذُ السابع من أكتوبر وهو يتبع للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس، ويعد من أقدم مستشفيات غزة، تأسس نهاية القرن الـ19 الميلادي على يد البعثة التبشيرية التابعة لإنجلترا، ويعتبره أهالي غزة اكثر الأماكن أمانا لتبعيته للكنيسة.
باستحياء خرج الأوروبيون ببيانات إدانة قصف مستشفى المعمداني، حيث وصفه شارل مشيل رئيس المجلس الأوربي بأنه "لا يتماشى مع القانون الدولي". ووصفه وزير الخارجية البريطاني بأنه "خسارة فادحة في الأرواح البشرية" أما وصف وزير الخارجية الكندي جوستون ترودو فكان أفضل حالا حيث وصفه "بالمروع وغير المقبول".
لا تكترث إسرائيل للمواقف الغربية، أو العربية فمن أمن العقاب أساء الأدب، لكن شئيا لم تدركه إسرائيل والمجتمع الغربي الذي يسعى بكل دبلوماسيته لتطبيع الدول العربية مع الكيان الصهيوني وتسويق التعايش المشترك، ونجحت في التطبيع مع الإمارات والبحرين والمغرب وتقترب من التطبيع مع السعودية، غير أن تلك الضربة أيقظت الشعوب الإسلامية التي رصد الاعلام الغربي والعربي ميزانيات ضخمة لتسويق التطبيع والسلام مع المحتل الإسرائيلي، فخرج مئات الآلاف في مظاهرات غاضبة في أكثر من دولة عربية وغربية مطالبة بوقف الحرب وإنهاء العدوان وبذلك يكون المشروع الأمريكي والإسرائيلي في التطبيع مجبراً على التوقف قبل أن يكتمل.
وبالعودة إلى العلاقات السعودية الأمريكية فإن عملية طوفان الأقصى أفشلت المشروع الأمريكي وجعلت من التطبيع أمر مستحيلاً على المدى القريب، فخلال لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن قال إن بلاده ترفض استهداف المدنيين وتعطيل البنية التحتية، كما حذرت الخارجية السعودية من حرمان الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة ودعت الى وقف التصعيد، وبهذا تكون السعودية سجلت موقفا إيجابياً في الأحداث الأخيرة إذا ما قورن بالتقارب الكبير في الفترة الماضية.