آخر الأخبار
كيف تنهب الميليشيا المعلمين وتدمِّر التعليم ؟
استحدثت الجماعة الحوثية نظاماً تعليمياً عاماً موازياً في مدارس أسمتها ( مدارس شهيد القرآن) نسبة إلى الصفة التي تطلقها على مؤسسها الذي قتل على أيدي القوات الحكومية في العام 2004، وسخرت كل الامكانيات المادية لها من مبان مجهزة واعانات واعاشة دائمة وسكن داخلي للطلاب، ومعاشات غير منقطعة عن معلميها, أما المناهج الدراسية فقد صمم الجزء الحيوي منها بعناية لخدمة ايديولوجية الجماعة ونزوعها الطائفي.. مبان حكومية وغير حكومية كانت في السابق معاهد ومراكز دينية في الحوضن الجغرافية والمذهبية للجماعة صارت اليوم تحمل هذا المسمى.
تعمل عبر ناشطيها بترغيب الأهالي وترهيبهم في هذه المناطق بالحاق أطفالهم في هذه المدارس، التي ستصير في المستقبل فقاسة للمجاهدين المتعصبين تماما كما كان يفعل خصوم الجماعة في العقود الماضية حين استحدثوا نظاما تعليمياً موازياً للتعليم الحكومي منتصف سبعينيات القرن الماضي ( المعاهد العلمية ومدارس التحفيظ)
وحتى يمضي الحوثيون بمشروعهم هذا عملوا على تدمير التعليم العام من خلال ثلاثة مسارات:
- تحويل كثير من المدارس خلال سنوات الحرب إلى متارس ومواقع وثكنات عسكرية لمقاتليهم، وبسبب ذلك تعرضت أغلبها للتدمير الكلي أو الجزئي بفعل ضراوة المعارك وقصف الطيران، مما ادى إلى خروجها عن الجاهزية، وصارت تستخدم لأغراض شتى (غير تعليمية) من قبل الجماعة.
- العمل على تغيير مناهج التكوين العام بغرض تمرير أفكارها الايديولوجية بمنحاها الطائفي، وقد شهدت السنوات الدراسية الماضية تغيرات جوهرية في مواد التربية الوطنية والتاريخ والأدب، وصلت إلى حذف نصوص شعرية لرموز يمنية كبيرة ( الراحل الكبير عبد العزيز المقالح) واستبدالها بنصوص لشعراء موالين ومتعصبين، وكذا حذف سياقات من أهداف صورة 26 سبتمبر الخالدة على نحو ( إزالة الفوارق بين الطبقات)، وإدخال سير بعض مراجعها الدينية في تلك المناهج وغيرها.
- تجويع المعلمين ودفعهم لترك مدارسهم بحثاً عن فرص عمل جديدة خارج سلك التدريس، لتقوم باستبدالهم بعناصر موالية عديمة الخبرة والكفاءة، تنحصر مهمتهم ليس في اعطاء الدروس، بل كأدوات تعبئة وتحشيد في أوساط الطلاب، ودفعهم للجبهات.
- العمل على فتح المجال أمام مستثمرين تابعين للجماعة في إنشاء سلاسل من المدارس الخاصة في كل الأحياء، ليس بغرض التعليم ولكن لما تمثله من مورد مالي لا ينضب.
- تعيين مشرفين مدربين للإشراف على سير عمل المدارس، والتي الزمت أيضاً بدفع مرتبات شهرية مجزية لهم من دخول المدارس التي تجبى من اولياء امور الطلاب بشكل شهري.
أنشأت الجماعة في مناطق سيطرتها صندوقاُ جبائياً أطلقت عليه "صندوق دعم المعلم والتعليم"، وقالت حينها ( 2017) أنه يهدف إلى صرف مرتبات المعلمين ودعم العملية التعليمية المتعثرة، وبقي هذا الصندوق يعمل بشكل غير قانوني تماماً لثلاثة ـعوم ولم يتم الصرف من إيراداته الكبيرة غير مبالغ شحيحة ، وفي 2020 صدر به قانوناً بواسطة مجلس النواب الذي تديره الجماعة بصنعاء وحددت ايراداته على النحو التالي:
(2% من ضريبة القات و1% من قيمة الرسوم الجمركية التي تضاف إلى الرسوم الجمركية للسلع والبضائع في المنافذ الرسمية، و1% تضاف إلى قيمة تذاكر السفر البرية والجوية والبحرية الخارجية، بالإضافة إلى إضافة 5 ريال إلى قيمة كل كيس أسمنت محلي وزنه (50 كيلو) معبأ أو سائب و10 ريال تضاف إلى قيمة كل كيس أسمنت مستورد وزنه (50 كيلو) معبأ أو سائب، و 5 ريالًا تضاف إلى قيمة كل عروسة سجائر محلية و 10 ريال تضاف إلى قيمة كل عروسة سجائر مستوردة، و1% تضاف إلى قيمة كل فاتورة اتصال هاتفي (الثابت أو النقال) وخدمات الإنترنت.
كما يتم إضافة ريالًا واحدًا إلى قيمة كل كرتون مياه معدنية وجميع العصائر والمرطبات والمشروبات الغازية المحلية و ( ريالان ) تضاف إلى قيمة كل كرتون مياه معدنية وجميع العصائر والمرطبات والمشروبات الغازية المستوردة، وإضافة مبلغ مائتا ريال عند منح أو تجديد رخص الإقامة وتأشيرة الدخول والخروج وتصاريح العمل للأفراد غير اليمنيين، وريال واحد يضاف عن كل لتر من البترول والديزل، 50% من قيمة الرسوم المدرسية السنوية والتي ضاعفت إلى أكثر من 1000%، كما يتم فرض إتاوات ومبالغ كبيرة على التجار والقطاع الخاص والذي أصبح ملزمًا بدفعها إلى هذه الصندوق تحت مبرر دعم المعلم والتعليم في كل فترة) كما جاء في استطلاع للزميل مبارك اليوسفي نشرته ( خيوط).
بحسبة بسيطة يمكن لأي شخص أن يقف على تقديرات أولية عن هذه المصادر المتنوعة والمستديمة، فلو أن المُستهلك اليومي من القات في مناطق سيطرة الجماعة يبلغ مليار ريال كمتوسط، وإن الضريبة المفروض عليه بنسبة 30% فإن إجمالي المحصل كضريبة هو 300 مليون ريال، ونصيب صندوق المعلم منها يومياً هو 6 مليون ريال، وفي الشهر 180 مليون ريال، وفي السنة 2مليار ومائة وستين مليون هذه من ضريبة القات فقط، غير النسب الأخرى التي تدر ملايين كثيرة لو حسبت بذات الطريقة.
.......
تفاجأ أحد الأصدقاء في نهاية الشهر الماضي أن مرتبه الذي يستلمه بانتظام من شركة حكومية إيرادية ، قد خصم منه 10 الف ريال، وحين استفسر قيل أن الخصم تم لصندوق المعلم ؟!
السؤال:
أين تذهب هذه الأموال؟
*المقال خاص بالمهرية نت*