آخر الأخبار

حتى لا يكون هناك انقلاب ثالث على الشرعية .

الاربعاء, 20 مايو, 2020

تبدو حظوظ الجيش الوطني في المعركة الدائرة في أبين أعلى من حظوظ مقاتلي الإنتقالي ، والحصيلة الأولية لمواجهات الأيام القليلة الماضية تكشف ذلك بوضوح .
 
الغير واضح هو ما إذا كان هناك معركة بالفعل ، وليس مجرد مناوشات محدودة الهدف لا تعدو ما يفسحه المزاج السعودي المثقل بالهواجس والتردد من رغبة في الحفاظ على حد معين من الهيبة والقدرة على إلزام أطراف الصراع بسياسات المملكة .الأرجح هو أن تحرك الجيش في أبين متطاوع بقدر  كبير مع هذه الرغبة السعودية المتطلعة إلى تنفيذ ، ولو شكلي ، لاتفاق الرياض ،  إضافة إلى وضع حد للنهم الإماراتي الخارج عن حدود المعقول  ، رغم أنه يصعب الجزم في إمكانية وجود عقل في سياسة السعودية نفسها .
 
التوقف عند هذا الإستخلاص يترك النفس رهينة الشعور بالمرارة من جراء التسمر أمام هذا المشهد  الذي يوحي بالعبثية ، حيث تتصادم المطامع  والآلات الإمارتية والسعودية ، وتنسحق فيه إرادة اليمنيين متبوعة بأجسادهم ، ويترك النفس أيضا عرضة للإنقلاب العاطفي ضد الشرعية واليأس من جدوى التضحيات التائهة لجيشها .
 
 من الجنون  التعويل الكامل على تحولات تدريجية بطيئة في الموقف السعودي وانتظار أن تصل في نهاية المطاف إلى تطابق مستحيل مع حاجة اليمنيين  .
 
الإرادة الوطنية هي ما يضفي معنى على أي انتصار لهذا الجيش، وهي وحدها ما يجعل اليمنيين يتبعون الجنود بقلوبهم في كل شبر يتقدمونه ،  وإهمال هذه الإرادة  من قبل السلطة الشرعية والمجتمع المدني المساند لها لن يستمر هكذا بلا كلفة ، إذ أنه لا بد من ارتدادات مأساوية لهذه التبعية الرسمية المفرطة لصالح السعودية .  المراهنة على تعارض الإرادات الإقليمية داخل الصراع ، وإن أثمرت بعض السلامة المؤقتة لهادي ومحيطه السياسي ،  ليست بديلا عن بناء إرادة اليمنيين على مستوى القرار العسكري والسياسي وأدواتهما .
 
لكن من حسن حظ اليمن ، ومن حسن حظ اليمنيين النائمين في الرياض ، ومن حسن حظ الرياض نفسها ، أن مخزون الإرادة الوطنية ظل وفيرا في الضمائر الفردية لآلاف الجنود الذين احتفظوا بالحماس اللازم للقتال خلال ست سنوات في حرب يعلمون جيدا أن مساهمتهم فيها تقتصر على الدم الذي يسكبونه بين الهدنة والهدنة أو ، بمعنى أصح ، بين الإنقلاب والإنقلاب .
 
لقد تبع اليمنيون حتى اللحظة ، جنودا وجماهيرا ، الشرعية بكل صبر وسط درب طويل ومضن في جفافه من الوضوح والأمل ، ومنحوها القوة التي لزمت للحفاظ على وجودها في خضم يموج بالمنافسين اللاوطنيين والمطامع المجردة من الأخلاق  ، لكن يمكن لهذا الولاء أن ينتهي عند نقطة معينة . على السلطة أن تقود لكي تحتفظ بمن ينقاد لها ، وعليها أن تمنح الولاء والأمل والثقة ، لا أن نتقاضى ذلك فحسب ؛ واستهلاك حماس جنود الجيش الوطني وإرادتهم في احتراب لا يحسم ولا يساهم في حسم حقيقي ووطني هو  دفع  لهم باتجاه اليأس أو ربما الإنقلاب .

المقال خاص بموقع "المهرية نت"
 

المزيد من يعقوب العتواني
في سنوات الثورة كان هنالك أمل 
الاربعاء, 03 فبراير, 2021
لا نسيان ولا تطبيع أيها الحوثيون!
الاربعاء, 27 يناير, 2021