آخر الأخبار

في سنوات الثورة كان هنالك أمل 

الاربعاء, 03 فبراير, 2021


بعد أن تمكنت كتيبة من الجنود البوليفيين من الإيقاع بتشي جيفارا وأخذه أسيرا، لم تكن الساعات الأخيرة للثائر الأرجنتيني قبل إعدامه أقل صلابة وتحد ، أو أكثر هدوءا . رفض الرجل أن يقف في موقف المتهم ، وظل يترافع عن الثورة التي  آمن بها حتى اللحظة التي استقبل فيها سيل الرصاص الذي انصب على ذراعيه وساقيه ، ثم أخيرا على صدره الذي كان الربو المزمن قد هده منذ الولادة . 

 عمدت السلطات البوليفية ، خلال الحرب ، إلى تصوير  الثوار ك "غزاة أجانب " لأن جيفارا وكثيرا من أفراد عصابته كانوا غرباء عن بوليفيا، وهو ما أفلح بالفعل في جعل الفلاحين المحليين يحجمون عن الالتحاق بالثورة التي بقيت طوال عامين محصورة في قرية اسمها "لاهيغويرا"  . أحد الذين تجادلوا مع جيفارا في ساعاته الأخيرة ضابط بوليفي اسمه " أندريه سيليش" ، وكان هذا الرجل نبيلا بما يكفي ليحتفظ بالمحادثة  بكل احترام إلى أن جاء الوقت الذي ظهرت فيه إلى النور ، بعد عشرات السنوات من الحادثة ، وبعد موت سيليش نفسه . 


سأل سيليش جيفارا عن السبب الذي دفعه إلى القدوم إلى بوليفيا وتفجير تمرد مسلح داخلها ، فأجابه "تشي" بالحديث عن الحياة البائسة التي يحياها الفلاحون ،  وكيف أنهم ينامون ويأكلون ويمرضون في غرفة واحدة مثل الحيوانات ؛ وظن سيليش أنه سوف يحرج جيفارا عندما قال له ( لكن هذا هو الحال في كوبا أيضا ) ، وكانت الثورة الكوبية حينها ، والتي كان جيفارا أهم أبطالها ، قد تكللت بالنجاح وأصبح قادتها في السلطة منذ 8 سنوات دون أن يتحقق الوعد الثوري أو يفلح الثوار في تحسين معيشة الناس .

رد عليه جيفارا :" لا ، هذا ليس صحيحا . أنا لا أنكر أن الفقر موجود في كوبا ، لكن الفلاحون هناك لديهم وهم بالتقدم ، بينما يعيش البوليفيون هنا دون أي أمل . إنهم يموتون كما يولدون ، دون أن يعرفوا أي تحسن في وضعهم الإنساني ." 

في اليمن يستخدم خصوم ثورة فبراير نفس حيلة سيليش ، وهي على الأرجح حيلة خصوم الثورات في كل زمان ومكان " ما الذي حققته الثورة؟" . بدأ هذا السؤال يلاحق الثوار اليمنيين منذ الأشهر الأولى لتشكيل حكومة الوفاق التي أعقبت التوقيع على المبادرة الخليجية في 2012 ، وأخذ يتردد مع كل انتكاسة عاشتها البلاد بعد ذلك ، بما فيها انقلاب الحوثيين على الوفاق الوطني ، والذي مهد له وتواطأ معه ونفذه أيضا خصوم الثورة أنفسهم !

لم يتحقق الوعد الثوري في اليمن ، وليست المشكلة  في أن حياة الناس لم تتحسن بعد الثورة فقط ، بل إنها ازدادت سواءا . هذا الأمر يفتح الباب أمام أعداء فبراير للنيل من الثورة ، لا باعتبارها " كذبة " فحسب ، كما كان مغزى سيليش عندما ساوى بين كوبا وبوليفيا ، ولكن أيضا باعتبارها "جريمة " أودت بما تبقى من خير في حياة اليمنيين ! 

في كل الحالات تبقى  إجابة جيفارا صالحة للرد على هذا الهراء  : 

في سنوات الثورة كان لدى اليمنيين أمل بالتقدم . ذلك الأمل كان ميتا في عهد صالح ، وكان الناس يموتون كما يولدون .

المقال خاص بموقع "المهرية نت"

المزيد من يعقوب العتواني