آخر الأخبار
احتفوا بالقرار الأمريكي كما شئتم ولكن على شرط
من المتوقع لقرار الخارجية الأمريكية تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية ، إذا لم يعترضه الكونجرس ، أن يضفي بعض الجدية على تعاطي العالم مع هذه الجماعة .
هناك اختزال كبير ظل ماثلا طوال السنوات الست من عمر الحرب في نظرة العالم إلى الوضع اليمني ، حيث غلب عليها اختزال القضية اليمنية في الصراع الإقليمي بين السعودية وإيران ، ويمكن لهذا القرار، بشكل عام ، أن يساهم في إدخال الكثير من العناصر الواقعية إلى مجال هذه الرؤية ، وأن يوسعها بما يكفي لإدراك أن جوهر المسألة هو انقلاب أقلية عرقية طائفية على إرادة اليمنيين وتجريدهم من حقوقهم المدنية والطبيعية بشكل شبه كامل . نتمنى أن نكون قادرين على توقع المثل من سلطتنا الشرعية ، وأن تظهر الحكومة الجديدة ورعاتها السعوديون في قادم الزمن المسؤولية الكافية إزاء التهديد الذي تمثله هذه الجماعة . في النهاية نحن الذين نعايش الإرهاب الحوثي ، والجدية في مواجهته كان يفترض أن تتحقق في السياسة اليمنية والسعودية منذ اللحظات الأولى لظهور قرون الوحش في صعدة وعمران قبل سنوات .
رحبت الحكومة اليمنية بالقرار الأمريكي ، واحتفلت به ، وهذا القرار إلى حد بعيد هو أيضا آخر رجاء سعودي من إدارة ترامب التي تستعد لمغادرة البيت الأبيض بعد أيام . ليس المهم أن يصدر هذا القرار ، بل أن يكون لدى السلطة الشرعية وراعيها السعودي استعداد لتوظيفه في إطار رؤية حقيقية لمواجهة النفوذ الإيراني في اليمن .
لم يكن الرئيس هادي يشكو طوال فترة رئاسته في الحكم من غياب الدعم الرسمي الدولي ، فقد توفر له شكل من الإجماع العالمي منذ تسلمه المنصب في 2012 يحسده عليه أي رئيس قدم على أعقاب ثورة كبيرة وصراع عنيف ، ولكن هادي مع ذلك ظل دائما في موضع المفتقر إلى مزيد من الدعم الخارجي، وبقي ذلك الجدار الهش الذي يوشك أن ينقض مع أوهى دفعة تمردية من الداخل ، كما حدث مع مليشيا إيران أولا ثم مليشيا الإمارات لاحقا ؛ والقرار الأمريكي الأخير إذا تحقق هو ضرب من الدعم للشرعية ، إذا قررت الشرعية أن تتعامل معه وتستفيد منه على هذا الأساس.
نوبة الاحتفال التي هيمنت على ردة الفعل الرسمية على تصريحات بومبيو غير مبررة على الإطلاق ، إذا كنا لن نشهد تغييرا حقيقيا في أداء السلطة الشرعية ، وستصبح مع الزمن مجرد ذكرى محرجة كما كان الحال مع ردة الفعل ، مثلا ، على تدخل التحالف العربي أول الأمر ، وبعده القرار الأممي 2216 ، وهي المكاسب التي أصبحت مع الوقت تبدو وكأنها بلا معنى ، في أحسن الأحوال .
التحذيرات التي رافقت التبشير بهذا القرار منذ اللحظة الأولى ، والتي أغرقت منذ أيام وسائل الإعلام الغربية خصوصا ، من التبعات الإنسانية المكلفة على غالبية اليمنيين المنكوبين بالسيطرة الحوثية ليست تحذيرات واهية وبلا أساس ، بل إنها شديدة الأهمية ولا يجب أن تغيب عن الخاطر ، وهي تستحق أن تتطور إلى اعتراض أخلاقي وجيه على القرار إذا لم يكن القرار سيشكل تمهيدا لتحرك حقيقي وجاد للخلاص من الحوثيين على المدى البعيد ، وإذا لم تكن السلطة الشرعية وحلفاءها قادرين على تخفيف وطأة القرار بالنسبة لملايين المواطنين على المدى القريب .
المبرر الأخلاقي الوحيد لاحتفال السلطة الشرعية بالقرار الأمريكي بتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية ، على ما لهذا القرار من تبعات ، قائم على هذه المعادلة :
خطر الجماعة الحوثية على اليمنيين أكبر بكثير من الأخطار المترتبة على القرار الذي سيساهم في تخليصهم منها . وإذا لم تضمن السلطة الشرعية تحقيق هذه المعادلة فمعنى ذلك أنها كانت تزايد على اليمنيين لا أكثر ، ولطالما فعلت ذلك .
المقال خاص بموقع "المهرية نت"