آخر الأخبار

ثقافة الوصاية

الجمعة, 04 ديسمبر, 2020

التعالي الغربي بالتطور , الذي اعتبر كل ما سواه من مجتمعات شرقية متخلفة متوحشة , وما يعتبرونه من واجب أخلاقي بنقل الحضارة والديمقراطية إلى الشرق كي يتطور , وعلى الشرق أن يتعلم ويقلد يحاول اللحاق بتطورهم وتقدمهم .


ها هو اليوم الشرق الآسيوي وبالذات من الصين , يهز هذا التعالي , وينافس  بقوة , لم يحتاج غير التنمية البشرية , بتركيز على الإنسان كعقل منتج إيجابي مبدع ومبتكر متسلح بالوعي القادر على إنتاج الحلول , متجاوزا للعصبيات والصراعات العرقية والطوائف , بوعي وثقافة ديمقراطية .


تجاوزوا خلافاتهم وجعلوا من اختلافهم ثراء اجتماعيا وسياسيا  , لا نقمة ومصدرا للصراعات والحروب, بالفصل القانوني بين الحق الخاص الذي يراعي الحق العام , الحرية الخاصة التي لا تضر بالحرية العامة , الاهتمام بالثقافة الاجتماعية التي تبني المجتمعات وتطور فيها القيم والمبادئ التي يرتقي فيها الفرد وطنيا وانسانيا وديمقراطيا , فيضع المصالح العامة فوق كل المصالح الضيقة , مجتمع كهذا متعافي من الأمراض صعب أن تجد فيه الوصاية مجال اختراق وأدوات تنفيذ .


لا تتطور الأمم دون ثقافة اجتماعية قابلة للتطور , ما يعيق المجتمعات على التغيير والتطور , أن فيها ثقافة اجتماعية بالية منذ مئات السنين قيم لم تتطور بقت ثابته باختلاف الزمان , وبقى الإنسان مأسورا لتلك الثقافة البالية , من الصعب علية مواكبة  تطورات العصر ,بعقل متحجر ومتصلب  يعيش الماضي السحيق أكثر مما يعيش حاضره ويفكر في مستقبله , ثقافة لا تبني مجتمعات محترمة ترتكز على الفكر والإبداع والشراكة واحترام الآخر , وحفظ حريته , بل تنتج مجتمعات متناقضة ترسخ فيها التناحر ومصلحة الفرد والطبقة التي تضيق الخناق عن المصلحة العامة والحق العام .


للأسف أن تلك المجتمعات هي مجتمعاتنا العربية تختلف باختلاف نسبة التخلف والعصبية , وهي عصية على التغيير , عندما تفكر بالتغيير تتصدر المشهد العصبيات الصغيرة , ويستدعى الماضي بكل تراكماته , ويتحول التغيير لفوضى عارمة , وتجد الثورات المضادة مبرراتها وأدواتها في العمل المعيق للتغيير , يبرز الانتقام والأحقاد والضغائن التي تغذي الحروب على السلطة والثروة , وتبرز المصالح الصغيرة الخاصة والطبقية تعليق المصالح العامة وهم الوطن , وتعود للواجهة مشاريع استعمارية عصبوية عفى عنها الزمن  .



هذا ما حدث لبلدي اليمن مجرد التفكير بالتغيير كشف عن حجم التخلف والعصبية , والإنسان المصاب بالقهر والإهمال وفاقد للوعي , تاه عن معركته الوطنية الكبيرة لمعارك صغيرة عصبية طبقية , باصطفاف واختيار غير وطني , واصطف ذوو العلم والثقافة تحت مظلة التخلف والعصبية , ليسدل الستار عن كارثة الوعي الاجتماعي لدى هولا في الشمال والجنوب معا .


ترك الكثير من جهابذة العلم والمعرفة والثقافة ,الأفكار والأهداف , ليتحولوا لأدوات عصبية ومناطقية ومذهبية , تركوا الحرية واستحسنوا صناعة أصنام بشرية من العدم , ليعيدوا إنتاج ماضيهم بأسوأ صوره , سيطرة عليهم ثقافة العنف , والحسم العسكري , ورفعوا من شأن من هم أكثر تعصبا في المواقف , وأكثر بطشا و تهورا في الممارسات ,بمواصفات عسكرية مناطقية ليصنعوا منهم اصناما لمشروع طائفي او مناطقي بل استعماري عفن , مشاريع رفضها الأسلاف ولأحرار منذ زمن .



في هكذا مجتمع لا تستغرب ما ينشر من أكاذيب وشائعات وتزوير للحقائق , لأنها تجد قبولا , وترسخ واقعا يلبي قناعات مشوهة , لكنها تهد تطلعات شعب وأمة تطمح للتغيير والنهضة , ومن هنا يحدث تصادم في الوعي بين المتطلعين للتغيير والمعوقين له .
ولهذا تمكنت الكراهية منهم , وها هي تستفحل , وتضيق حلقاتها , لتصل لتفكيك تحالفاتهم الضيقة , في مخاض سياسي وثقافي يشق مجراه وفق سنة الكون والتغيير , يرفض كل ما هو عفن , ويبقي على كل ما هو سامي , فكل المشاريع التافهة نبدأ بقوة ثم تنهار وتتهاوى , وتعود المشاريع الوطنية للواجهة , فتجد رجالا صادقين يدافعون الحق , ويرفضون الباطل , سقطرى والمهرة وشبوة اليوم مثال حي لمجتمع حي , وبقية المناطق تقاوم وستنتصر , لتلحق بتطورات الشرق قبل الغرب , إن غدا لناظره لقريب .
المقال خاص بموقع المهرية نت

الحرب ومصير الأمة
السبت, 21 ديسمبر, 2024