آخر الأخبار

اغتيال روح المدنية في عدن

الجمعة, 18 سبتمبر, 2020

كلما حاول نشطاء عدن إخراج مدينتهم من واقع الفوضى والعنف , بإنعاش الروح المدنية لعدن، توحش العنف , واستمر كل أنواع الذل والقهر بالمدنيين , وضرب كل بادرة نشاط مدني ديمقراطي , في وجع لم تناله عدن على مر التاريخ  , بمبررات استعادة دولة الجنوب العربي. 

غياب القوى المدنية والنخب الثقافية , عزز من الفوضى وعبث قوى العنف , بتواطؤ مثقفين وأدباء وأكاديميين ممن كان يعول عليهم المجتمع التصدي للعنف وأضراره, من انتهاك وقهر وسطو واجتثاث واستئثار واستحواذ وإقصاء وتهميش , مفردات لا علاقة لها بعدالة القضية , فغيرت من الفكرة والتوصيف والتسمية .

بعد أن انتصرت عدن على الغزاة القادمين من صعدة , ومحاولة استئثار قوى العنف على هذا الانتصار , وممارسة عبث العنف والفيد في عدن , برزت جهود حثيثة لإنعاش الحياة المدنية في عدن , وكسر الجمود الثقافي والفكري في مواجهة قوى العنف ,وإشهار مكونات شبابية , وتجمع القوى المدنية والديمقراطية في عدن , الذي ضم كوكبة من الرافضين للعنف وتداعياته , من بسط وسطو على الأراضي والممتلكات , وانتهاك وقهر واجتثاث للآخر, الذي رافقه مهرجانات للتراث , وأنشطة فنية ومسرحية , والفلم العدني (عشرة أيام قبل الزفة ) , حراك ثقافي وفكري وديمقراطي , كاد أن يعيد لعدن شيء من ألقها وأيقونتها المدنية والثقافية.


حراك هدد قوى العنف , والكيانات الطارئة لذلك العنف , والتي تستخدم شعار استعادة الدولة كمسمى يفتقد لثقافة وفكر تلك الدولة وأيقونتها , واستحضر شيوخ القبيلة والعشيرة , وشيوخ الأصولية والتطرف , وبعض المصابين بداء الأيدلوجيا , ولوبي الآخر , وبعض المصابين بفوبيا الماضي , والمختارين بعناية كأدوات استدعاء ذلك الماضي , وإثارة صراعاته ومشكلاته. 
ووجه ضربته بدعم القوى الرجعية والرأسمالية , بما سمي بالنفير , ضربة أصابت الهدف , في تفكيك كل المكونات الثقافية والفكرية , وضرب كل أنشطتها , وتطويع ما يمكن تطويعه سياسيا لخدمة قوى العنف كالنقابات الطارئة. 


كل القضايا التي طرحت بجدية في لقاءات تلك المكونات وبالخصوص لقاءات الحركة المدنية الديمقراطية , والتي أوقفت كثيرا من مشاريع البسط والسطو على المتنفسات , السواحل والمعالم الأثرية , وخاصة في منطقة البريقة , بعد نفير العنف , عادت وبقوة , وعاد معها تعطش تلك القوى للمزيد من النهب والبسط والسطو , والانتهاكات والقهر , دون أن نرى موقفا مشرفا من سلطة الامر الواقع و استعادة الدولة , وهم ينهشون جسد هذه الدولة , أراضيها معالمها متنفساتها , بل حقوق وأملاك الغير , وبكل بجاحه سمعنا مبرر الحق لمن قدم شهداء , وتكشفت عورات الكثير من المتدثريين بالقضية الجنوبية , قدموا أنفسهم لصوصا وفاسدين .


اليوم عدن تفتقد لحرية الحركة الثقافية والفكرية , تفقد لحرية حركة المنظمات الحقوقية والانسانية , مثل رابطة أسر ضحايا اغتيالات عدن , كل قيادات ونشطاء تلك المكونات تركوا عدن ويعملون من خارج عدن , وخارج الوطن , بدلالة واضحة أن النشاط في عدن يشكل خطورة على حياتهم.


ما أمسنا اليوم , لحراك مدني وثقافي وفكري في مواجهة العنف , والحروب العبثية , ما أمسنا لقوى مدنية وفكرية لكبح جماح العنف , وتداعياته من حروب عبثية ونزيف الدم , ما أمسنا ليصحو المخمورين بالشك والريبة من الآخر , وروح الكراهية لكل رأي معارض , وكلمة حق , للمثقفين والمعارضين للواقع البائس , ما أمسنا لصوت العقل والمنطق للخروج من معمعة الصراعات ونبش مخلفات الماضي ومشكلاته لتوليد مشكلات , هذه العقلية لا تنتج حلولا , وهي تقدم مصالحها الأنانية عن مصالح المجتمع و عدن , و تتخندق مع العنف والاستبداد والتخلف والعصبية ليس اليوم بل في مراحل سابقة , حتى وإن رفعوا شعارات اليوم هم يخدمون الماضي المأساوي.


الغريبة في من يرفض اللقاء بلفيف من أصحاب الأفكار والتوجهات المختلفة , للبحث عن لغة مشتركة للتخاطب والتفاهم , وتحطيم أسوار الفرقة والتشرذم والشتات , ونبني جسورا من الثقة والشراكة في وطن يستوعبنا جميعا بكل أفكارنا وتوجهاتنا وألواننا , لنضع حدا لكل ماسينا و صراعاتنا الدموية , ونفكك تراكمات العنف والقتل لسنوات عجاف , لنبني وطنا نتعايش فيه بحب وتسامح وإخاء, وطنا يضمن المواطنة والحريات والعدالة الاجتماعية لنكن أمة كسائر الأمم محترمة. 

المقال خاص بموقع المهرية نت 

جيل لم يتلطخ بعد
الثلاثاء, 25 مارس, 2025
اليمن والضالعون بالتآمر
الخميس, 20 مارس, 2025