آخر الأخبار
اغتيال روح المدنية في عدن
كلما حاول نشطاء عدن إخراج مدينتهم من واقع الفوضى والعنف , بإنعاش الروح المدنية لعدن، توحش العنف , واستمر كل أنواع الذل والقهر بالمدنيين , وضرب كل بادرة نشاط مدني ديمقراطي , في وجع لم تناله عدن على مر التاريخ , بمبررات استعادة دولة الجنوب العربي.
غياب القوى المدنية والنخب الثقافية , عزز من الفوضى وعبث قوى العنف , بتواطؤ مثقفين وأدباء وأكاديميين ممن كان يعول عليهم المجتمع التصدي للعنف وأضراره, من انتهاك وقهر وسطو واجتثاث واستئثار واستحواذ وإقصاء وتهميش , مفردات لا علاقة لها بعدالة القضية , فغيرت من الفكرة والتوصيف والتسمية .
بعد أن انتصرت عدن على الغزاة القادمين من صعدة , ومحاولة استئثار قوى العنف على هذا الانتصار , وممارسة عبث العنف والفيد في عدن , برزت جهود حثيثة لإنعاش الحياة المدنية في عدن , وكسر الجمود الثقافي والفكري في مواجهة قوى العنف ,وإشهار مكونات شبابية , وتجمع القوى المدنية والديمقراطية في عدن , الذي ضم كوكبة من الرافضين للعنف وتداعياته , من بسط وسطو على الأراضي والممتلكات , وانتهاك وقهر واجتثاث للآخر, الذي رافقه مهرجانات للتراث , وأنشطة فنية ومسرحية , والفلم العدني (عشرة أيام قبل الزفة ) , حراك ثقافي وفكري وديمقراطي , كاد أن يعيد لعدن شيء من ألقها وأيقونتها المدنية والثقافية.
حراك هدد قوى العنف , والكيانات الطارئة لذلك العنف , والتي تستخدم شعار استعادة الدولة كمسمى يفتقد لثقافة وفكر تلك الدولة وأيقونتها , واستحضر شيوخ القبيلة والعشيرة , وشيوخ الأصولية والتطرف , وبعض المصابين بداء الأيدلوجيا , ولوبي الآخر , وبعض المصابين بفوبيا الماضي , والمختارين بعناية كأدوات استدعاء ذلك الماضي , وإثارة صراعاته ومشكلاته.
ووجه ضربته بدعم القوى الرجعية والرأسمالية , بما سمي بالنفير , ضربة أصابت الهدف , في تفكيك كل المكونات الثقافية والفكرية , وضرب كل أنشطتها , وتطويع ما يمكن تطويعه سياسيا لخدمة قوى العنف كالنقابات الطارئة.
كل القضايا التي طرحت بجدية في لقاءات تلك المكونات وبالخصوص لقاءات الحركة المدنية الديمقراطية , والتي أوقفت كثيرا من مشاريع البسط والسطو على المتنفسات , السواحل والمعالم الأثرية , وخاصة في منطقة البريقة , بعد نفير العنف , عادت وبقوة , وعاد معها تعطش تلك القوى للمزيد من النهب والبسط والسطو , والانتهاكات والقهر , دون أن نرى موقفا مشرفا من سلطة الامر الواقع و استعادة الدولة , وهم ينهشون جسد هذه الدولة , أراضيها معالمها متنفساتها , بل حقوق وأملاك الغير , وبكل بجاحه سمعنا مبرر الحق لمن قدم شهداء , وتكشفت عورات الكثير من المتدثريين بالقضية الجنوبية , قدموا أنفسهم لصوصا وفاسدين .
اليوم عدن تفتقد لحرية الحركة الثقافية والفكرية , تفقد لحرية حركة المنظمات الحقوقية والانسانية , مثل رابطة أسر ضحايا اغتيالات عدن , كل قيادات ونشطاء تلك المكونات تركوا عدن ويعملون من خارج عدن , وخارج الوطن , بدلالة واضحة أن النشاط في عدن يشكل خطورة على حياتهم.
ما أمسنا اليوم , لحراك مدني وثقافي وفكري في مواجهة العنف , والحروب العبثية , ما أمسنا لقوى مدنية وفكرية لكبح جماح العنف , وتداعياته من حروب عبثية ونزيف الدم , ما أمسنا ليصحو المخمورين بالشك والريبة من الآخر , وروح الكراهية لكل رأي معارض , وكلمة حق , للمثقفين والمعارضين للواقع البائس , ما أمسنا لصوت العقل والمنطق للخروج من معمعة الصراعات ونبش مخلفات الماضي ومشكلاته لتوليد مشكلات , هذه العقلية لا تنتج حلولا , وهي تقدم مصالحها الأنانية عن مصالح المجتمع و عدن , و تتخندق مع العنف والاستبداد والتخلف والعصبية ليس اليوم بل في مراحل سابقة , حتى وإن رفعوا شعارات اليوم هم يخدمون الماضي المأساوي.
الغريبة في من يرفض اللقاء بلفيف من أصحاب الأفكار والتوجهات المختلفة , للبحث عن لغة مشتركة للتخاطب والتفاهم , وتحطيم أسوار الفرقة والتشرذم والشتات , ونبني جسورا من الثقة والشراكة في وطن يستوعبنا جميعا بكل أفكارنا وتوجهاتنا وألواننا , لنضع حدا لكل ماسينا و صراعاتنا الدموية , ونفكك تراكمات العنف والقتل لسنوات عجاف , لنبني وطنا نتعايش فيه بحب وتسامح وإخاء, وطنا يضمن المواطنة والحريات والعدالة الاجتماعية لنكن أمة كسائر الأمم محترمة.
المقال خاص بموقع المهرية نت