آخر الأخبار

سيناريوهات سعودية في إدارة سقطرى

الجمعة, 04 سبتمبر, 2020

 كثيرة هي المسرحيات السياسية التي حبكتها السعودية ضد السلطة الشرعية في أرخبيل سقطرى منها ما هو ظاهر جلي يعرفه العام والخاص ومنها ما هو مستور كشفته الأحداث على مدى الأيام، وما خفي أعظم.

الظاهر منها كفيل أن يعطي درسا لكل اليمنيين أن التواجد السعودي في اليمن عامة وفي سقطرى خاصة كالخمر والميسر إثمهما أكبر من نفعهما.

دخلت القوات السعودية الأرخبيل عقب خروج القوات الإماراتية بوصفها قوة داعمة لحفظ الأمن وإرساء النظام ودعم الشرعية، أو هكذا ظن الجميع في بادئ الأمر واستبشروا بذلك؛ إلا أنها منذ البداية عملت عكس تيار السلطة الشرعية، مما جعل البعض يتمنى لو بقيت القوات الإماراتية لما رآه من الخذلان والتآمر ضد الدولة والأمن والمجتمع البسيط المسالم من الجانب السعودي. وعلى الرغم من الشكوى المتعددة إلى القوات السعودية من الجانب الإماراتي إلا إنها لم تعاتب الإمارات على ما تقوم به من انتهاكات ولو بالكلام؛ فضلا عن الأفعال، ولو فعلت لكثر المادحون لفعلها.

القوات السعودية في سقطرى بمثابة من يدس السم في العسل، ومن يعطيك الحلاوة في كلامه ويضمر المكر في أفعاله، وقد ذكر بعض العوام أن من حسنات القيادة الإمارتية أنها كانت واضحة العداء مع السلطة المحلية بحجة أنها قريبة من الإصلاح أو الإخوان كما تسميهم، بعكس القوات السعودية التي تظهر الود وتزرع الصد للسلطة.. فالقوات السعودية على معرفة تامة بكل التجاوزات والانتهاكات من الجانب الإماراتي ولا تقتصر هذه المعرفة على الداخل المحلي المعروف باسم قوات الواجب السعودي 808 المتواجد في سقطرى، بل وصلت كل هذه التجاوزات إلى قيادة التحالف في المملكة العربية السعودية والديوان الأميري؛ لكن للأسف لم تصدر من أي مكان ردة فعل تجاه ما تقوم به الإمارات.

 لم تقدم القوات السعودية مع السلطة المحلية التي يرأسها رمزي محروس أي تجاوب من شأنه أن يرفع من متانة العلاقة وتعزيزها بين سلطات المحافظة وبين السعودية، وما قدمته ليس سوى وعود غير محددة بزمن وخاصة في الجانب السياسي ولا يخفى على أحد دعمها السياسي لكل فصيل أو كيان معارض للسلطة المحلية من داخلها؛ بل كانت السعودية هي المتصدي لكل فعل تقوم به السلطة المحلية تجاه الإماراتيين أو عناصرهم من الانتقالي.. ودائما ما تقدم ضمانات للطرف المعارض؛ فهي من عارضت توجه السلطة بمنع الانتقالي من إقامة معسكرات وتعهدت بالتصدي لأي سلوك عسكري يصدر منهم ضد الدولة،لكن وبحسب شهادات الكثير من الضباط المتمردين وممن عاد منهم إلى أحضان الشرعية أن القيادة السعودية كانت تخطط لهم ليلا وتتظاهر بالضدية لهم نهارا، بل وفروا لهم العربات والمركبات والأسلحة وتم تسليم الحزام الأمني والقوات الجنوبية في الأمن والجيش مستحقاتهم المالية بالريال السعودي.

 كان عامة الناس يظن أن العلاقة بين الانتقالي والتحالف سلوك فردي يقوم به قائد قوات التحالف في الأرخبيل ولا علاقة له بتوجه المملكة؛ لكنهم اكتشفوا أن كل قائد بديل يوطد العلاقات أكثر وأكثر مع الجانب الانتقالي والإماراتي، ويتخلى عن مواعيد القائد السابق مع السلطة المحلية والشرعية ويتعامل معها  كونه قائدا جديدا لا علاقة له بما تم الاتفاق عليه مع سابقه، وبالتالي يتطلب من السلطة المحلية أن تقدم كل طلباتها وشكاويها من البداية والحبل على الجرار كل ستة أشهر أو مع كل تغيير لقيادة التحالف في الأرخبيل.

 وقد تحدث الكثير من الإعلاميين والكتاب عن التستر من الجانب السعودي على التفتيش في الموانئ والمطارات للمعدات والأدوات القادمة من أبوظبي في وقت سابق.. كما أن الحديث عن التعاون المشترك بين السعودية والقوات الضالعية لإسقاط إدارة الأمن العام والمحافظة ربما يعد إسهابا أو تطويلا كون الأمر معروفا لدى الجميع؛ لكن هناك أحداث جديدة ودراما متحركة تحرك الأحداث في كل مرة وتكشف السيناريوهات الدراماتيكية لقوات الواجب السعودي في سقطرى؛ وهذه المرة بين فصائل الانتقالي حيث تريد القوات السعودية خلق فصيل معارض لفصيل الإدارة الذاتية وهذا الفصيل وإن كان ابن الانتقالي إلا أنها تريد منه أن يحل محل المحافظ فقد دفعت بالوكيل العقيد صالح علي سعد لإدارة المحافظة على أمل إصدار له قرار من الرئاسة بتعيينه محافظا لسقطرى، وهو انتقالي معروف بتوجهه ومواقفه، ويكفي البرهان على ذلك أنه نال الرضا الإماراتي والانتقالي،  وظهر في العديد من الصور بجانب رأفت الثقلي رئيس الإدارة الذاتية في سقطرى، فضلا على أنه اليد اليمنى للمحافظ السابق سالم عبدالله السقطري الرجل الثالث في قيادة الانتقالي بعد عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك، ولاشك أن السعودية تعرف ذلك تمام المعرفة.

  تم الدفع بالوكيل صالح لاستلام المحافظة، وفعلا تسلمها لمدة يوم واحد، وفي اليوم التالي اكتشف زعيم الإدارة الذاتية رأفت الثقلي المخطط السعودي واستعان بالقوات الضالعية لحمايته واستعاد موقعه في المحافظة وتمركز فيها متحديا الجانب السعودي.

    كانت السعودية تهدف من موضوع تسلم الوكيل صالح علي إدارة المحافظة إضفاء الشرعية على الانقلاب واستبعاد رمزي محروس الذي خرج الناس حاليا في المدن والقرى يطالبون بعودته وكذلك إقناع الرئاسة اليمنية بعودة السلطات الشرعية إلى مبنى المحافظة وفوق ذلك كسب الرضا الإماراتي كون الوكيل صالح مرحب به من الجانب الانتقالي والإماراتي.

 حاليا بدأ السحر ينقلب على الساحر فقد إدرك الانتقالي حجم التلاعب السعودي، فبدأ يحذر من تصرفاتها ولا يستجيب لخططها والتصريحات التي خرج بها أحمد بن بريك في عدن أنهم يمسكون الناس بصعوبة من التصدي للسعودية وأنهم يطلقونهم مالم تستجب السعودية لمطالبهم وغيرها تصب في نهر هذه القناعة وهذا الإدراك.

 وهناك الكثير من التصريحات الصادرة من أبرز الإعلاميين والشرفاء والمثقفين عبر القنوات والمواقع الإلكترونية التي تؤكد أن السعودية هي اليد الطولى في جميع الأحداث والمشكلات الدائرة في الأرخبيل، وهذا رفع نسبة الوعي لدى العامة والخاصة بالدور السعودي وزاد الاستياء من تصرفاتها ودربهم على الحذر الشديد منها ومالم تعدل في سلوكها السياسي؛  فإن الأمر سيتطور إلى خروج مظاهرات تطالب بإخراج السعودية وهذا هو حديث العامة  حاليا وإن غدا لناظره قريب.

 ونحن هنا ركزنا على الجانب السياسي ولم نذكر التجاوزات الأخلاقية والدينية وعدم الالتزام بالنظام والقانون و إرباك السكينة من جانب القوات السعودية في الأرخبيل، وهو من ظن المجتمع أنه القدوة في الدين والخلق،  فهذا ربما يحتاج مقالا خاصا لكثرة التجاوزات.
 
المقال خاص بموقع "المهرية نت"
 

المزيد من محمود السقطري