آخر الأخبار

السكن في مدينة تعز بين جشع المؤجرين واستغلال الدلالين ( تقرير خاص )

مدينة تعز

مدينة تعز

المهرية نت - إفتخار عبده
الأحد, 11 مايو, 2025 - 10:44 صباحاً

في مدينة تعز، تتشابك خيوط المعاناة اليومية التي تثقل كاهل المواطنين، فإلى جانب قساوة العيش، هناك شبح آخر يتربص بهم، فكلما انحدر سعر صرف الريال اليمني المثقل بالجراح، انتفضت قلوب المؤجرين طمعًا، وتحولت مطالبهم إلى سياطٍ تلهب ظهور المستأجرين.

 

كثير من المواطنين أُخرجوا إجباريًا من البيوت التي استأجروها بعدما رفع أصحابها سقف الإيجارات إلى أسعار باهظة، وبعملةٍ أجنبية لا يملكها إلا قلة قليلة من الساكنين.

 

(300 ) ريال سعودي شهريًا، مقابل شقة صغيرة متواضعة، لا تكاد تكفي أسرة متوسطة العدد للعيش فيها بحرية، وأما الشقق واسعة الحجم وذات النوعية الجيدة في البناء والديكور والموقع؛ فأسعارها تصل إلى 700 ريال سعودي أو تتجاوز ذلك بكثير.

 

هكذا تتراكم الخيبات على ظهور سكان مدينة تعز المثقلة بالهموم، وهكذا يتحول المؤجرون في نظرهم إلى جلادين، ينزلون بهم سياط الظلم كلما عصفت بالبلاد أزمةٌ اقتصادية.

 

 بعضٌ من المعاناة

 

المواطن محمد الصبري (34 عامًا) ، يشرح معاناته مع المؤجر قائلًا" كنت قد استأجرت شقةً قبل أربع سنوات بسعر( 20000) ريال بالعملة الجديدة، مكونة من ثلاث غرف ومطبخ لا يتجاوز طوله ثلاثة أمتار وأما عرضه فمتران، مكان الشقة التي استأجرتها بعيد عن المدينة في منطقة ثعبات( أسفل جبل صبر ) وهذا ما كان يشعرني بالأمان من رفع الإيجار كوني لستُ في المدينة".

 

وأضاف الصبري لـ" المهرية نت" تم رفع المبلغ تدريجيًا من قبل المؤجر، فقد كان كل شهرين يرفع خمسة آلاف أو عشرة آلاف، وأنا أستجيب لذلك خوفًا من تعب النقل والبحث عن سكن جديد".

 

وأردف" قبل شهرين فاجأني المؤجر أنه يريد مني دفع الإيجار بالريال السعودي، يريد أن أدفع له (300 ) ريال سعودي كل شهر أو أن أغادر الشقة لأن المستأجر الجديد قابل أن يدفع هذا المبلغ أو أكثر إذا ما طلب منه".

 

وتابع" تهربت كثيرًا من دفع هذا المبلغ؛ فأنا لا أستطيع دفعه على الإطلاق ولست أحصل عليه من وراء عملي، كوني أعمل في محل لبيع الملابس بمبلغ قدره 150ألف ريال في وهي حاليا لا يساوي 250 ريالٍ سعودي، وهذا ما اضطرني إلى الخروج من الشقة والبحث عن أخرى".

 

وواصل" بحثت كثيرا عن شقة أخرى تكون أقل سعرًا ومناسبة حتى لو كانت غرفة واحدة، وبعد طول بحث حصلت على شقة بسعر 200 ريال سعودي في منطقة نائية عن المدينة، اضطررت للسكن فيها لأني لم أجد بسعر أقل من هذا على الإطلاق".

 

وأشار الصبري إلى أن" الحصول على شقة للسكن في مدينة تعز أصبح من الأمور الأكثر تعقيدًا، فإذا ما حصلت على الشقة ينبغي عليك توفير ضمانة تجارية ودفع- على الأقل- إيجار شهرين مقدمًا مع شهرٍ آخر والذي يسمى" ديبازي" بالإضافة إلى القبول بالشروط التي يسردها عليك المؤجر والتي تكون بالعادة شروطًا غير عادلة على الإطلاق، كالمنع من استغلال مياه السطوح أثناء الأمطار وعدم نشر الملابس على الأسطح، وغيرها الشروط المجحفة".

 

بين الاستغلال والجشع 

 

في السياق ذاته يقول ربيع الهندي( مدير مكتب عقارات في مدينة تعز)" ارتفع أسعار الإيجارات في مدينة تعز بشكل غير مسبوق، خاصة مع فتح طريق الحوبان جولة القصر، والإقبال الكبير على السكن داخل المدينة، ومع ارتفاع العملات الأجنبية أمام الريال اليمني". 

 

وأضاف الهندي لـ" المهرية نت" هذا الأمر أثر- بلا شك- على المواطنين الذين تعرضوا لإخراجهم مرغمين من البيوت التي كانوا قد استأجروها، فاليوم أغلب أصحاب البيوت يتعللون على المسأجرين بأنه يجب عليهم الخروج من الشقة لأنهم لم يجدوا لأولادهم سكنا، أو أنهم سيقومون بتزويج أبناءهم إلى تلك الشقق، وكل هذه أعذار؛ فقط من أجل أن يخرج المستأجر الذي رفض رفع الإيجار ويتم إدخال غيره ".

 

وأشار إلى أنه" في الفترة الأخيرة يرفض أصحاب البيوت قبول مستأجرين يدفعون بالريال اليمني، اليوم أغلب البيوت إن لم تكن جميعها داخل المدينة يتقاضى أصحابها الإيجارات بالريال السعودي، أو ما يعادله بصرف اليوم من الريال اليمني".

 

وتابع" الوضع أصبح مؤسفًا للغاية، تجد فيه من يمتلك المال يحصل على ما يريد ومحدودو الدخل يتم إخراجهم من منازلهم بحجة تعاملهم بالريال اليمني وعدم القبول بدفع مبالغ تكبر مع كل انهيار للريال".

 

 

ولفت إلى أن" بعض الدلالين يقومون بإخبار أصحاب البيوت أنهم محرومون من الحصول على أتعاب سنينهم وذلك لأنهم يؤجرون بالعملة المحلية، ويؤكدون لهم أنه ينبغي عليهم الحصول على الإيجار بالريال السعودي أسوة ببقية أصحاب العقارات، فقط من أجل أن يكون هذا الدلال وكيلًا على البيت ويحصل من وراء ذلك على المال".

 

وأكد" هناك مبارة كبيرة تحدث بين ملاك العقارات داخل مدينة تعز يدفع ثمنها المواطنون وحدهم؛ فملاك العقارات كلٌّ يبحث على الزيادة في الدخل أكثر من جاره، أو أكثر من قريبة دون مراعاة لحال المستأجر".

 

رحلةٌ مضنية 

 

يشهد وسط مدينة تعز اكتظاظًا غير مسبوق بالسكان، هذا الأمر أدى بالمواطنين إلى البحث عن سكن ولو كان في المناطق القريبة من خطوط النار؛ كونها أقل ثمنًا في الإيجار عن وسط المدينة.

 

ورغم خطورة تلك المناطق إلا أن الحصول على سكن فيها يعد ضربًا من العناء، كما يصف ذلك، المواطن جميل أحمد (40 عامًا) والذي حصل على سكن في منطقة صالة، بعد مشقةٍ كبيرة.

 

ويقول جميل لـ المهرية نت" إذا أردت أن تسكن في مناطق قريبة من خط النار، هروبًا من جحيم غلاء الإيجار؛ ففي تلك المناطق تكون الإيجارات أقل ثمنًا من المناطق الآمنة، لكنه يتوجب عليك الحصول على تصريح للدخول والسكن فيها، وهناك معاناة أخرى في الحصول على التصريح تفقدك الكثير من الوقت والجهد والمال".

 

وأضاف" قبل فتح طريق جولة القصر- الحوبان كان الحصول على التصريح سهلاً، فقد كان بإمكانك الذهاب إلى أحد القادة العسكريين في المنطقة التي تريد السكن فيها وتعرفه على نفسك وأسرتك وعن طريقه تُمنح تصريحا للسكن".

 

وتابع" أما الآن فقد أصبح الأمر أكثر تعقيداً من ذي قبل، فتصريح الدخول لا يأتي من قائد كتيبة أو ضابط أمن المنطقة على سبيل المثال؛ بل ينبغي على المستأجر أن يحصل على تصريح موثّق من اللواء الذي يمسك تلك المنطقة، والوصول إلى اللواء لا يكون إلا عن طريق معرِّف".

 

وواصل" إذا كنت على معرفة مع الجانب العسكري، ينظرون لك كشخص موثوق، وإلا فأنت بحاجة إلي الجري وراء التصريح للسكن، ولن تحصل عليه إلا بعد أن يتم التعرف عليك من قبلهم والبحث عنك بطريقتهم".

 

واختتم" الحصول على السكن بهذه الفترة أصبح صبعًا للغاية، معاناة الحصول على شقة للسكن لا تشبهها أي معاناة، نسأل الله العون لهذا المواطن الذي تكالبت عليه الظروف من كل الجهات".


كلمات مفتاحية: مدينة تعز السكن الإيجارات


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية