آخر الأخبار
معهد بريطاني ينشر بحثًا حول هجمات الحوثيين ضد السفن وتأثيرها العالمي (ترجمة خاصة)
الاربعاء, 04 ديسمبر, 2024 - 09:02 مساءً
نشر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية وهو معهد عالمي رائد في مجال الأمن العالمي والمخاطر السياسية والصراعات العسكرية، بحثاً لكل من وولف كريستيان بايس وهو زميل أول في شؤون الصراعات المسلحة،في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية،و ادوارد بيلز وهو باحث في نفس المعهد في برنامج الصراع والأمن والتنمية، و ألبرت فيدال ريبي وهو محلل أبحاث في مجال الدفاع والتحليل العسكري، وفاييان هينز وهو زميل باحث في الدفاع والتحليل العسكري، بعنوان : الإبحار في المياه المضطربة : حملة الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال الباحثون في مطلع البحث إن معظم المراقبين الدوليين كانوا ينظرون إلى أنصار الله (الحوثيين) قبل طوفان الأقصى "على أنها تهديد محلي فقط، بالرغم من انتمائها إلى محور المقاومة".
وأشار الباحثون إلى تطوير الحوثيين لقدرتهم وتوسيع نطاق عملياته العسكرية خارج حدود المعارك التقليدية، منذ العام 2016، وذلك من خلال استهداف أهداف مدنية مثل منشآت النفط والموانئ والمطارات في السعودية والإمارات، بالإضافة إلى السفن الحربية والتجارية التابعة لهما في البحر الأحمر وخليج عدن.
ولفت البحث إلى أن "الهجمات نفذت باستخدام مجموعة من الأسلحة المتطورة، والتي تضمنت صواريخ بالستية وصواريخ كروز، وطائرات مسيرة ومركبات بحرية مسيرة، حيث أظهرت العديد من هذه الأسلحة ميزات في تصميمها تدل على نقل تكنولوجي من إيران".
وتابع الباحثون: "رغم أن معظم هذه الهجمات لم تُحدث أضرارًا عسكرية أو اقتصادية كبيرة، إلا أنها حققت للحوثيين مكاسب دعائية مهمة على "الشارع العربي"، وساهمت، جنباً إلى جنب مع الجمود العسكري والتكاليف المتزايدة للحرب، في قرار أبو ظبي والرياض بخفض وجودهما العسكري في اليمن".
ويرى الباحثون أن الحوثيين – رغم وصفهم من قبل أعدائهم على أنهم وكلاء لإيران-، إلا أن هذا المصطلح لا يصف العلاقة بشكل كافٍ فهم "لا ينفذون الأوامر فحسب، بل يسعون أيضًا لتحقيق أهدافهم الخاصة، ومن المحتمل أن يستمروا في ذلك حتى بدون الدعم الإيراني".
ولفت البحث إلى فترة الهدوء الذي شهدته اليمن بعد اتفاق وقف إطلاق النار في أبريل 2022م، إلى أن دشّن الحوثيون هجماتهم في أكتوبر 2023م، في إطار التضامن مع فلسطين، وقال الباحثون: "كشفت هذه الهجمات عن البعد المعادي لإسرائيل والولايات المتحدة القوي في الأيديولوجيا الحوثية والذي كان مخفياً عن الأنظار سابقاً".
وأضاف: "بالتعاون مع مجموعات أخرى من محور المقاومة، شن الحوثيون أكثر من 220 هجوماً جوياً على إسرائيل خلال الحملة، وتمكنت الدفاعات الجوية الإسرائيلية من التصدي لمعظمها. وبنفس السرعة والبراعة التي تميزت بها حملتهم ضد السعودية والإمارات، وجّه الحوثيون ضرباتهم نحو أهداف بحرية مرتبطة بإسرائيل وحلفائها الغربيين".
وتطرق الباحثون إلى الخطوات التي أقدمت عليها الولايات المتحدة والدول الغربية، وصولاً إلى تحويل شركات الشحن الرئيسية توجيه سفنها حول رأس الرجاء الصالح، والانعكاسات الاقتصادية على مصر وقناة السويس، والموانئ الأخرى على البحر الأحمر.
ويسرد الباحثون الأحداث في البحر الأحمر بداية بهجمات الحوثيين ضد السفن بتسلسل مراحلها، سواء بتوسع معايير الاستهداف، بما في ذلك أنواع السفن الجديدة المستهدفة، وأحيانًا توسيع النطاق الجغرافي للهجمات.
المرحلة الأولى (14 نوفمبر 2023 - 8 ديسمبر 2023)
معايير الاستهداف: جميع السفن المملوكة لإسرائيل التي تمر عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
الدافع الرئيسي: الحرب في غزة.
المرحلة الثانية (9 ديسمبر 2023 - 17 يناير 2024)
معايير الاستهداف الجديدة: كافة السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، بالإضافة إلى أي سفن تقوم بمهام حماية للسفن الإسرائيلية.
الدافع الرئيسي: قيام السفن الحربية الأمريكية بصد الهجمات الحوثية على السفن، والتي ستشكل لاحقًا جزءًا رسميًا من عملية "حارس الازدهار".
المرحلة الثالثة ( 18 يناير 2024 - 2 مايو 2024 (
معايير الاستهداف الجديدة: جميع السفن المملوكة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة. عمليًا، يعني هذا توسيع نطاق الهجمات إلى خليج عدن.
الدافع الرئيسي: عملية بوسيدن أرشر.
وأحصى الباحثون الهجمات على السفن وقالوا إن عددها خلال الفترة من نوفمبر 2023 إلى أغسطس 2024. بما في ذلك الهجمات الناجحة والمعترضة والفاشلة، 292 محاولة".
بدأ العدد بستة هجمات في نوفمبر 2023، وارتفع بشكل حاد إلى 34 هجمة في يناير 2024. واستقر العدد بين شهري فبراير ومايو 2024، حيث تراوح بين 28 و 38 محاولة هجومية شهريًا. ومع ذلك، شهد شهر يونيو ذروة هذه العمليات، حيث ارتفع العدد إلى 48 هجمة.
ويقول الباحثون: "تزامن هذا الارتفاع مع بدء الهجوم الإسرائيلي على رفح، والذي يمثل بداية المرحلة الرابعة من حملة الحوثيين. يعتقد بعض المحللين أن هذا الارتفاع كان مدفوعًا برغبة الحوثيين في استغلال موعد مغادرة مجموعة كاسح الألغام إيزنهاور من المنطقة. وبعد يونيو، انخفضت وتيرة العمليات بشكل حاد إلى 23 هجمة في يوليو، ثم ارتفعت قليلاً إلى 27 هجمة في أغسطس".
وتطرّق البحث إلى النطاق الجغرافي للهجوم: "خلال الفترة من نوفمبر 2023 إلى أغسطس 2024،تم تسجيل 159 محاولة هجومية في البحر الأحمر الجنوبي، و70 محاولة في خليج عدن، و45 محاولة في مضيق باب المندب، واثنتان في البحر العربي الغربي. بالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل 15 محاولة هجومية برية، منها 13 محاولة سقطت في المحافظات الجنوبية اليمنية، واثنتان سقطتا في جيبوتي وإريتريا".
وقال الباحثون إن التركيز الأكبر للمحاولات الهجومية في البحر الأحمر، حيث شهدت هذه المنطقة أيضًا أعلى نسبة من عمليات الاعتراض. يشير هذا إلى تركيز تدابير الدفاع المشتركة بين عملية حارس الرخاء وبعثة أسبيدس في هذه المنطقة. وفي الوقت نفسه، كانت الهجمات الفاشلة والهجمات الناجحة أكثر تشتتًا جغرافيًا".
وتابع الباحثون: "من بين الأمثلة البارزة على توسع نطاق هجمات الحوثيين، هجوم الطائرة المسيرة بدون طيار على سفينة الحاويات البرتغالية MSC Orion (IMO: 9857157) في 27 أبريل 2024، والذي أسفر عن أضرار طفيفة في السفينة. وقع الهجوم على بعد حوالي 300 ميل بحري جنوب شرق القرن الأفريقي، مما يمثل أول هجوم ناجح للحوثيين في المحيط الهندي".
بالإضافة إلى ذلك، فإن إعلان الحوثيين عن نيتهم باستهداف السفن في المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن الهجوم بطائرة مسيرة على وسط تل أبيب في 19 يوليو 2024، يشير إلى احتمال كبير لوقوع هجمات مستقبلية في المناطق التي لا توجد فيها قوات بحرية دولية.
ويشير البحث إلى أنواع أنظمة الأسلحة المستخدمة في الهجمات وهي "الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية وصواريخ كروز، والمركبات السطحية غير المأهولة، بالإضافة إلى أنواع أنظمة الأسلحة المختلطة وأنواع أنظمة الأسلحة "الأخرى" (مثل الأسلحة الصغيرة والألغام البحرية والمتفجرات).
وتضمن البحث الردود الدولية على هجمات الحوثيين بإطلاق "عمليتي حارس الإزدهار وأسبيدس"، وقال إن ذلك "لم يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في وتيرة الهجمات الحوثية".
وقال الباحثون إن "عملية بوسيدون أرشر" التي أطلقتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في 12 يناير 2024، بالقصف العسكري للأراضي اليمنية.
وبحسب الباحثين "توزعت الضربات الأمريكية والبريطانية التي استهدفت أهدافًا في اليمن بين يناير وأغسطس 2024. بلغ إجمالي عدد الضربات 226 ضربة، تم تنفيذها في الجزء الغربي من البلاد. وتوزعت الضربات على الأهداف الثابتة على المحافظات الوسطى والجنوبية في غرب اليمن. وتركزت أعلى نسبة من هذه الضربات - 46 ضربة - في محافظة الحديدة، تليها 11-12 ضربة في أمانة العاصمة (مدينة صنعاء)، وتعز، وصنعاء. كما تم تنفيذ ضربات على أهداف ثابتة في محافظات حجة وصعدة والبيضاء وريمة".
ويقول الباحثون إن هذه الأرقام "تعد مؤشرًا على نجاح الضربات في إضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن. ومع ذلك، استمرت الهجمات بوتيرة ثابتة، ولم ينخفض معدلها الشهري إلا بشكل طفيف خلال فترة عملية بوسيدون أرشر.انخفض العدد الإجمالي للمحاولات الهجومية بشكل طفيف فقط من 34 في يناير 2024 إلى 27 في أغسطس، مع وجود ذروات في مارس ويونيو. وبالتالي، يمكن القول إن عملية بوسيدون أرشر حققت نجاحًا محدودًا في هذا الصدد".
وسرد البحث العدوان الإسرائيلي على اليمن في يوليو وسبتمبر 2024؛ والتي استهدفت مستودعًا للوقود ومحطة للطاقة ورافعات حاويات في ميناء الحديدة، إضافة إلى ميناء الصليف ومستودعات الوقود ومحطات الطاقة والنفط.
وبعد أن يسرد الباحثون القدرات العسكرية للحوثيين، والأسلحة المستخدمة في الهجمات على السفن وعلى الأراضي المحتلة في فلسطين، تطرّق الباحثون إلى التأثير الاقتصادي للهجمات وقالوا إنها "أدت إلى تعطيل طريق بحري رئيسي. دفعت أقساط التأمين البحري المرتفعة الآلاف من السفن إلى تحويل مسارها حول إفريقيا. وعلى الصعيد العالمي، كان التأثير أقل حدة مما كان متوقعًا، حيث لم تكن هناك زيادات كبيرة في تكاليف المستهلكين والتضخم حتى أوائل نوفمبر 2024".
وأضاف: "بدلاً من ذلك، كان لهذه التحويلات تأثير كبير على دول ساحل البحر الأحمر، التي كانت العديد منها هشة اقتصاديًا بالفعل. يشير فقدان إيرادات قناة السويس الحيوية وارتفاع أسعار الشحن والتراجع الكبير في عدد زيارات الموانئ وحجم الشحن إلى فترة صعبة قادمة لدول الساحل إذا استمرت الأزمة، خاصة بالنسبة لأولئك الذين لديهم مرونة مالية أقل لتحمل تكاليف استيراد السلع المرتفعة".
وناقش البحث كيف أثرت الأزمة على حركة الشحن البحري، بما في ذلك انخفاض حركة الشحن في قناة السويس ومضيق باب المندب، بالإضافة إلى زيادة تكلفة الشحن بسبب الالتفاف حول إفريقيا. ثم نناقش التأثير العام للأزمة على الاقتصاد العالمي وزيادة أسعار الشحن. في الجزء الثاني، نركز على تأثير الأزمة على موانئ البحر الأحمر، بما في ذلك انخفاض عدد السفن الزائرة وحجم الشحن. وأخيرًا، نناقش التأثير المتغير للأزمة على الموانئ خارج المنطقة.
ويشير الباحثون إلى أن هجمات التأثير على حركة الملاحة، وقالوا إن "عدد السفن التي تمر عبر قناة السويس انخفض من حوالي 400-500 سفينة في الأسبوع في عام 2023 إلى حوالي 200 سفينة في الأسبوع في عام 2024. وفي مضيق باب المندب، انخفض عدد السفن من حوالي 500 سفينة في الأسبوع إلى حوالي 200 سفينة في الأسبوع".
وأضافوا: "لم تتأثر جميع السفن بنفس القدر. توقفت معظم سفن نقل السيارات والغاز الطبيعي عن المرور عبر مضيق باب المندب منذ فبراير 2024. كما تأثرت سفن الحاويات وسفن البضائع الأخرى بشكل كبير، ولكن بدرجة أقل".
وقال الباحثون إن "تحويل مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح يضيف ما لا يقل عن 30% من الوقت الإضافي وحوالي مليون دولار أمريكي من تكاليف الوقود الإضافية لكل سفينة. نتيجة لذلك، فإن معظم السفن التي تعبر الآن عبر البحر الأحمر أصغر حجمًا، وبالتالي أقل عرضة للاستهداف. غالبًا ما تكون هذه السفن الصغيرة تعمل من موانئ مثل جيبوتي".
وتابعوا: "تأثير تحويل مسار السفن حول إفريقيا يعتمد بشكل كبير على موقع موانئ البداية والنهاية. كلما كانت هذه الموانئ أقرب إلى البحر الأحمر، زادت تكلفة التحويل (على سبيل المثال، تحويل مسار السفينة من ميناء جبل علي إلى ميناء بور سعيد يزيد المسافة بأكثر من 300%). أما إذا كانت هذه الموانئ بعيدة عن البحر الأحمر، فإن تأثير التحويل يقل بشكل كبير (على سبيل المثال، تحويل مسار السفينة من شنغهاي إلى روتردام يزيد المسافة بنحو 30% فقط).
وأشار البحث إلى أن "إيرادات قناة السويس في مصر انخفضت بنحو النصف مقارنة بالنصف الأول من عام 2023، مع خسائر تبلغ حوالي 3.5 مليار دولار أمريكي بحلول أغسطس 2024. بدأت الإيرادات، المرتبطة ارتباطًا مباشرًا بعبور قناة السويس، في الانخفاض بسرعة في ديسمبر 2023. وبحلول فبراير 2024، استقرت عند حوالي 400 مليون دولار أمريكي شهريًا".
بافتراض استمرار مستوى الاضطراب الحالي حتى نهاية العام، ستخسر مصر نصف إيراداتها السنوية المتوقعة لقناة السويس (حوالي 10 مليارات دولار أمريكي)، وربما أكثر، بالنظر إلى أن الإيرادات في مايو 2024 انخفضت بنحو الثلثين. حاولت هيئة قناة السويس معالجة هذا الوضع من خلال تقديم تخفيضات تتراوح بين 10٪ و 75٪ على رسومها قبل الأزمة - والتي كانت تتراوح في الأصل بين 400 ألف دولار أمريكي و 700 ألف دولار أمريكي، اعتمادًا على السفينة - لكنها لم تنجح.
ويرى الباحثون أن "تأثير الأزمة على الاقتصاد العالمي كان محدودًا. ذكر تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في فبراير 2024 أن ارتفاع أسعار الشحن قد يزيد من معدل التضخم بنسبة 0.4%. ومع ذلك، حتى سبتمبر 2024، ظلت أسعار النفط منخفضة والتضخم تحت السيطرة".